المزاوجة بين السلطة والمال !!

 - لم يحدث في بلاد الله الواسعة ما يحدث في بلادنا .. فمن المعروف أن من يحكم اليوم في شتى بلدان العالم هما السلطة والمال أو في الغالب الأعم- وهنا الحديث عن مفردتين-
حمود البخيتي –
لم يحدث في بلاد الله الواسعة ما يحدث في بلادنا .. فمن المعروف أن من يحكم اليوم في شتى بلدان العالم هما السلطة والمال أو في الغالب الأعم- وهنا الحديث عن مفردتين- فكيف يكون الحال بالجمع بين الأختين دون أي اعتبارات حتى لما قد سلف.
اليوم في بلادي ج◌ْمع بين الأختين والثلاث والأربع¡وأدى الجمع بين السلطة والمال إلى مفاسد كبرى..فمهما كانت المفاسد من حولنا إلا أننا نتفرد في اليمن بالجمع بين المسؤولية والتجارة وعضوية المجالس والالتحاق بالسلك العسكري وامتلاك النفوذ السياسي والقبلي.
ولذلك لا غرابة أن يعرف السواد الأعظم أن لدينا قوانين مثالية¡ لكننا فاشلون في التطبيق .. أو بالأصح نحن ن◌ْشرع لغيرنا ولسنا المعنيين بها¡ وأيضا◌ٍ لكي ي◌ْقال أن لدينا تشريعات جيدة.
صحيح أن من حق أولئك أن يكونوا مسؤولين كبارا◌ٍ أو أعضاء في المجالس النيابية أو الاستشارية .. ومن حق أولئك أن يكونوا قيادات في السلك العسكري¡ ومن حق أولئك أيضا◌ٍ أن يكونوا مشائخا◌ٍ وزعماء أحزاب .. ومن حقهم أن يكونوا رجال أعمال.
لكن يجب أن يعلموا أن الجمع بين البعض أو الكل ليس من حقهم ولا في مصلحتهم على المدى البعيد¡ ولا من المساواة والعدالة الاجتماعية تكديس الثروة واحتكار السلطة في أيدي القلة. فعلى الحكومة -وإن كنت أظن أيضا◌ٍ أنها لن تفعل– أن تعمل على الفصل بين السلطة والمال.
ونعلنها مدويøة بأننا قد تعبنا وب◌ْحøت أصواتنا منذ قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر التي جاءت للفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية¡ والتنفيذية¡ والقضائية¡ والتي في الأصل لم يتحقق المطلوب منها.
واليوم أ◌ْضيف عبء جديد وأثقل متمثلا بالجمع بين السلطة والمال.
والعبد لله على استعداد للإشادة بالحكومة إن هي أنجزت هذا الفصل¡ بل ويكفينا منها ذلك.

اليمن في جيوبنا:
الجمع بين السلطة والمال في بلادنا أدخل اليمن إلى الجيوب وليس إلى القلوب كما ي◌ْشاع .. فوالله لو أن اليمن تسكن قلوبنا جميعا◌ٍ لما نالها من أبنائها مانالها¡ ولو أن اليمن في قلوبنا فعلا◌ٍ لكان الوضع مختلفا◌ٍ جدا◌ٍ.

دلالــــــــــــــة:
جمهورية “استونيا” تنازعتها القوى الاستعمارية فمن الاستقلال إلى الاحتلال إلى الاستقلال إلى الاحتلال إلى الاستقلال أخيرا◌ٍ عن المعسكر الشرقي الاشتراكي لتبدأ رحلة العودة إلى الغرب.
ولم تكن “استونيا” في وضع مريح عندما أعلنت استقلالها عن ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي فالبطالة كانت متفشية ونسبة التضخم عالية وتدن◌ُ في كل المستويات.
فكيف فعلت وهي التي أرادت اللحاق بالركب¿!!.. ولأن بسواعد الرجال ت◌ْبنى الأوطان فقد ر◌ْزقت برئيس وزراء حقق لها ماسمي بالمعجزة الاقتصادية والتحقت بالاتحاد الأوروبي وأصبحت من الدول التي ت◌ْحقق نسب نمو عالية .. وع◌ْرفت “استونيا” بنظام ضريبي متفرد.
وعندما سؤل رئيس وزرائها عن كيفية تحقيق تلك المعجزة في عامين قال: إنه أغلق ملفات الفساد ودعاء إلى الاستثمار داخل الوطن¡ وأكد أنه لو ظل يلهث وراء الملفات الفاسدة لكان يحرث في طواحين الهواء حتى اليوم .. ودعاء إلى أن تكون استونيا أولا◌ٍ.
والحقيقة التي يجب أن ت◌ْقال .. أن هذا الشخص لم يكن لديه أجندة أخرى غير استونيا¡ ولم يكن مجبولا◌ٍ على تنفيذ أجندة حزبية على حساب الوطن¡ وبالتأكيد لم تكن لديه قبيلة أو عشيرة مكلف بترتيب أوضاعها والدفع بها إلى واجهة المجتمع¡ وتمكينها من الجمع بين السلطة والمال.

درس مستفاد:
يمكن الاستفادة من هذه التجارب .. أما الفاسدون وملفات الفساد فهم أصحاب اليد الطولى ويمكن لهم أن يحاسبوا بل ويسجنوا ويحاكموا كل الشرفاء والكفاءات التي تعترضهم ومنهم أولئك المفكرون بغد أفضل يتمتع فيه الجميع بالعدالة والمساواة في البلد¡ فهم من بيدهم القوة والسلطة والمال .. فإذا ظهرت في مصر قضية التسويات بالتراضي لمصلحة مصر .. فكيف بنا في اليمن¿!!

قد يعجبك ايضا