اليمن وآمال الدولة المدنية

الحسن الجلال

مقالة


 - * سادت خلال الفترة الماضية نبرة التفاؤل والتطلع إلى المستقبل والثقة بعبور المرحلة الانتقالية بسلام. دون أن يمنع ذلك  من الإشارة إلى وجود مثلث الأزمة المتمثل في الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال ووجود القاعدة في محافظة أبين وأيضا تمرد الحوثيين في صعده
الحسن الجلال –

مقالة

* سادت خلال الفترة الماضية نبرة التفاؤل والتطلع إلى المستقبل والثقة بعبور المرحلة الانتقالية بسلام. دون أن يمنع ذلك من الإشارة إلى وجود مثلث الأزمة المتمثل في الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال ووجود القاعدة في محافظة أبين وأيضا تمرد الحوثيين في صعده شمال البلاد. ومؤخرا برز الحديث عن مطالب بعض القادة التقليديين في حضرموت بتحقيق استقلال بلادهم عن اليمن شماله وجنوبه إعمالا بحق تقرير المصير.
* غير انه الآن يسود شعور عام لدى اليمنيين أن نجاح الحوار الوطني من شأنه أن ينقل اليمن إلى الدولة المدنية ويسهم في تحقيق نظام ديمقراطي يعتمد الفصل بين السلطات بين المؤسسات التنفيذية والتشريعية ويؤمن استقلال القضاء ويستند على تداول السلطة. إن هذا الانتقال هو وحده الذي سيمكن الدولة اليمنية من تجاوز أزماتها ويجعلها قادرة أن تتعامل بفعالية مع ما أطلقنا عليه مجازا بمثلث الأزمة.
* فالأزمة كما جرى تشخيصها هي نتاج لتراكم أخطاء امتدت عقودا طويلة وهي أيضا أزمة نهج غيبت فيه الشفافية وتغولت فيه السلطة ومارست الاستبداد وهدرت مصالح الناس وجرى السطو على الممتلكات واتسعت فيه الفجوة بين المركز والأطراف وأصبح عجز الدولة جليا عن مقابلة الحاجات الأساسية للمواطنين. استبدلت في وظائف الدولة الكفاءات بالمحسوبيات والقدرة على الإدارة بالوجاهة. فكان من الطبيعي أن تعم حالة الاحتقان لدى غالبية ضحايا هذه الممارسات وبشكل خاص في المناطق التي حرمت من التنمية ومن نيل الحقوق الأساسية. فكان ذلك المعبر الذي نشطت من خلاله قوى التطرف في أبين وصعده. وهو ذاته الذي خلق مناخات ملائمة للقوى الانفصالية التي تعمل تحت مسمى الحراك الجنوبي لفصله عن الشمال. ولو تحققت مشاريع التفتيت في صعدة وأبين والجنوب لأصبح القطر اليمني في ذمة التاريخ.
* ولا جدال في أن الانتقال للدولة المدنية يعني تراجع كل الأمراض التي عصفت بالمجتمع اليمني خلال العقود الأخيرة. ويعني أيضا قيام دولة تعتمد المساواة والندية والتكافؤ وتضيق الفجوة بين المركز والأطراف وبين الغنى والفقر وتفجر طاقات الشعب اليمني نحو التنمية والخلق والإبداع. وذلك ما ينقل اليمن إلى مرحلة أخرى تتماهى مع عصر كوني جديد خلاصته حق الشعوب في تقرير مصائرها وأقدارها ونيل حقوقها التي أقرتها مبادئ السماء وشرعة الأمم وإعلانات حقوق الإنسان.
* إن تعميم مفهوم المواطنة هو الذي ينقل معالجات الأزمة من اختزالها على الجانب الأمني والعسكري إلى معالجة أخرى تعتمد الحوار والتفاعل بين مختلف مكونات النسيج الاجتماعي اليمني وذلك ما يضع اللبنات الأساسية المتينة على طريق تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة. ويعيد لليمن البهجة والتنمية والرخاء.

قد يعجبك ايضا