المعاقون .. معاناة .. وفرص عمل ضائعة

تحقيق إشــراق دلال


تحقيق/ إشــراق دلال –
رئيسة جمعية التحدي:
المعاق بحاجة إلى فرصة وسيثبت وجوده
78 ألـف معـاق فـي اليمــن بينهـــم 37 امــرأة
معاقات واجهن قسوة الأهل والمجتمع بإدارة وعزيمة لا تعرف المستحيل!!!

*عثر عليها مكومة على قارعة الطريق .. كتلة عظم تغطيها طبقة من الجلد كانت طفلة صغيرة غير أنها لا تعرف كيف تبكي ولا تعرف كيف تمشي أو تتكلم .. كانت أشبه بأن تكون بقايا إنسان ..
لم نعرف عنها أكثر من أن أحدهم وجدها فأحضرها إلى جمعية التحدي للمعاقات .. طفلة لم تتجاوز الخامسة من عمرها معاقة ترمي بها الأيام على قارعة الطريق لكي تموت بلا عائل ولا مأوى .. فأي قسوة تلك التي تصنع هذا .. جزء من معاناة المعاقين في اليمن نسلط الضوء عليها في سياق التحقيق التالي:
فريال .. الاسم الذي أطلق عليها من الجمعية .. فتاة معاقة جسديا عانت كثيرا ونسيت كيف تنطق الكلمات خضعت للعلاج النطقي وبعد فترة من الزمن بدأت تنطق الكلمات بشكل طبيعي.
فريال اليوم عمرها تسع سنوات وتدرس في الصف الثالث الابتدائي وتحلم باليوم الذي تصبح فيه معلمة تنير درب الآخرين وتزرع في قلوبهم الأمل..
هذه الحادثة وغيرها لبنات أخريات واجهن قسوة الحياة والمجتمع والأسرة ليس لشيء فقط لذنب لم يقترفنه يوما سوى أنهن من ذوات الإعاقة .. ومع هذا فإنهن يعتبرن أكثر حظا لأنهن وجدن الأمان الحقيقي حين وجدن مكانا يرعاهن ويخرجهن من براثن ما كن فيه وينخرطن بالمجتمع بقوة وإرادة هذه المرة ..

ذنبها الإعاقة
وهاهي قصة أخرى قد يقول قائل بأنها من وحي الخيال لكنها حقيقة مؤلمة وموجعة.. جاءت مريم إلى الدنيا وما أن علمت الأم أن ابنتها تحمل إعاقة جسدية كانت الصدمة وحتى تخفي وصمة العار التي لحقت بها وتخبئ فضيحتها قامت بإخبار الجيران أن ابنتها الرضيعة قد توفيت.
لم تجد الأم مفرا من أن تحبس ابنتها في المنزل وأن تنكر وجودها أمام الناس.. تمر الأيام والسنون وتزداد المشاعر جفافا والأحاسيس تحجرا وقسوة وعنفا على طفلتها البريئة كل ذنبها أنها معاقة ..
كانت الأم في كل يوم تخيف مريم من الخروج من المنزل وتقنعها بأنها إذا ما خرجت فسوف يضربها الناس وسوف تتعرض لعذاب وضرب أكبر وأعظم مما تراه في المنزل ..
ظلت مريم طوال 15 عاما حبيسة المنزل في وضع لا يقبله أحد .. وحين سمع أحد أخوة مريم من أن هناك مكانا يستقبل المعاقات سارع بإقناع والدته بأن تتخلص منها فترمي بها إلى الجمعية ليختفي العار وتمسح الفضيحة فوافقت الأم من فورها وقام أخ مريم برمي أخته في الجمعية وتركها وذهب .. “هكذا بكل سهولة ” !!
مريم وصلت إلى الجمعية في حال يرثى لها تشكو قسوة المجتمع وقسوة أسرتها وقسوة أقرب الناس إليها .. والدتها !
بدأت مريم بمتابعة برنامج تأهيلي أعاد إليها بعضا من الثقة في الحياة وبعضا من كرامتها وآدميتها وما أن تحسنت حالتها بدأت في تفوقها الدراسي وظهرت موهبتها الحقيقية في الرسم والتصميم وأصبحت بعد فترة تدرب المعاقات ..
امتلكت مريم ريشة مرهفة الحس صادقة التعبير تصل إلى الآخرين ببساطة وروعة .. تعبر عن معاناتها ومعاناة أخواتها .. ترسم أحاسيسها ومشاعرها في لوحات رائعة تحكي حكايات الوجع السابق وحكايات الأمل القادم. لقد خلقت مريم لتكون مبدعة ..

تحد وطموح
سبأ محمد جميل رئيسة جمعية التحدي .. والمعاقة حركيا .. بدأت تعليمها في القرية وكانت المدرسة تبعد عن سكنها مسافة ليست بالقريبة .. كانت سبأ منعزلة عن المجتمع.. كانت تتحاشى الناس لئلا يلتقي بها أحد ويبعث لها برسائل شفقته كونها معاقة ..
تحكي قائلة: “كانت تلك النظرات والكلمات تقتلني .. وحين ذهابي للمدرسة أتحاشى الطريق السهل والمعبد .. وأضطر أن أمشي في طريق وعرة كلها صخور وكل ذلك حتى لا يراني أحد وأنا معاقة”..
كانت في دراستها متفوقة والأولى على المدرسة بعدها التحقت بمركز المديرية لأنها حلمت يوما بأن تصبح ممرضة .. بعد أن اجتازت الامتحان التحليلي بامتياز جاء وقت المقابلة وحينها حدثت الصدمة حين أدركت سبأ بأنها معاقة فعلا وباستذكار الواقعة تقول سبأ ” كان ذلك في مكتب الصحة كنت جالسة سألتني الطبيبة عددا من الأسئلة وحين لاحظت إعاقتي قالت لي (صعب تكوني ممرضة) .. فأجابتها بإصرار بأنه بـ”استطاعتي القيام بذلك” .. كان ردها حادا حين قالت لي ” مستحيل فأنتي معاقة ولن تستطيعي العمل”..
تتابع سبأ حكايتها : ” في تلك اللحظة سكتت الكلمات وشعرت باختناق وأحسست تلك اللحظة بأنني بالفعل معاقة وأمضيت فترة طويلة طريحة الفراش فبعد الكلمات التي سمعتها منها أحسست بكسر كبير في روحي كانت بالنسبة لي صدمة كبيرة من طبيبة المفترض بها أنها ملاك للرحمة..
كان حلمها الأك

قد يعجبك ايضا