اليمن .. ومفهوم السلام الأزرق
محمد العريقي

محمد العريقي –
إن مظاهر النزاع والصراع ياخذ اشكال مختلفة كاالنزاع بين أصحاب الآبار الذين يحفرون قرب بعضهم البعض حيث يدعي كل واحد منهم انه على حق وأنه حر في أرضه مع أن القانون يحدد مسافة بين كل بئر وأخر..
إذا كانت دول العالم الغنية بالمياه وفيها من الأنهار والبحيرات وتتساقط عليها الثلوج تعيش حالة قلق من مستقبلها المائي مثل تركيا التي يصل حصة الفرد فيها إلى 1400 متر مكعب في السنة وتخشى أن ينخفض إلى 800 متر مكعب سنويا بسبب تغير المناخ (من كلمة أحمد ساتشي خبير في مركز المياه التركي في مؤتمر السلام الأزرق اسطنبول 18-19مارس الماضي)
فما بالنا نحن في اليمن التي تقع في منطقة جافة تتذبذب فيها سقوط الأمطار ليس فيها أنهار ولا بحيرات وحصة الفرد من المياه فيها اقل من 120 مترا مكعبا سنويا وتعتمد البلاد كثيرا على مصادر المياه الجوفية التي احتفظت بها طبقات الأرض منذ ملايين السنين والتي يسحب منها أكثر من 2.135 مليار متر مكعب سنويا وأن التغذية السنوية أو التعويض السنوي في أحسن الأحوال لاتزيد عن ( 1.525) مليار متر مكعب سنويا وان العجز سنويا ما يقارب مليار متر مكعب سنويا يسحب من تلك المياه مما وضع الكثير من الأحواض المائية في حالة نضوب كامل مثل حوض تعز وبعضها في الطريق إلى النضوب مثل حوض صنعاء وهذا ماجعل القلق من أن ينخفض نصيب الفرد في اليمن ينخفض ليصل إلى أقل من 100 متر مكعب سنويا إذا استمر معدل النمو السكاني مايقارب 3% بينما معدل الفقر المائي يحدد بـ700 متر مكعب سنويا.
إن العالم يخشى من الدخول في صراعات داخلية وخارجية على المياه وهو ماحفز المهتمين في العالم لبذل الكثير من الجهود الاقليمية والدولية للحيلولة دون اللجؤ إلى ذلك وهذا التوجه يتبين من خلال الفعاليات والأنشطة المختلفة المرتبطة بقضايا المياه التي تنظمها المنظمات والهيئات والمراكز البحثية في الكثير من دول العالم وكان لي الشرف أن احضر إحدى هذه المؤتمرات مؤخرا وهو (المؤتمر الدولي “السلام الأزرق في الشرق الأوسط” الذي عقد في اسطنبول في 18و19 مارس الماضي.
وهدف ذلك المؤتمر إلى تمهيد الطريق أمام “تبادل الخبرات في مجال إدارة موارد المياه من خلال التعاون الإقليمي وتسليط الضوء على دور وسائل الإعلام في تعزيز ونشر المعرفة والخبرات في ما يتعلق بمسألة إدارة المياه.
وقد تزامن مؤتمر اسطنبول الذي
نظمه مركز “Strategic Foresight Group” الهندي للأبحاث ومجلة”الاستعراض التركية بالتعاون مع “الوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي” و”الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية” وجامعة “Bahcesehir” التركية في مقر مجموعة زمان الإعلامية مع اليوم العالمي للمياه الذي صادف في 22 الجاري.
وقد حضره نخبة من الإعلاميين من لبنان والأردن والعراق وسوريا وتركيا وفلسطين والسعودية واليمن والإمارات والبحرين ومصر ومسؤولون ونواب ووزراء سابقون وخبراء في المياه وذلك لبحث تحويل مبادرة السلام الأزرق إلى تعاون عابر للحدود في الشرق الأوسط.
مبادرة أطلقتها “مجموعة الحكماء للاستراتيجية ” عام 2011م مستوحية من شعارها “إبصار النور قبل شروق الشمس”. وتهدف إلى تحويل المياه في منطقة الشرق الأوسط إلى أداة لصنع السلام بدل كونها عاملا لتأجيج النزاعات والحروب من خلال تعزيز التعاون الإقليمي لتحقيق الأمن المائي في المنطقة.
كما تشير وثائق مؤتمر (THE BLUE PEACE-RETHINKING MIDDLE EAST WATER) والسؤال الذي أثاره مؤتمر اسطنبول “لماذا لا ننطلق من المياه باعتبارها حجر الزاوية في التعاون بين دول الشرق الأوسط على غرار الجماعة الأوروبية للفحم والصلب التي شكلت أساس التعاون الإقليمي في أوروبا في 1950م¿”
ويؤكد رئيس(Strategic Foresight Group) في الهند صنديب واسليكر أن المياه ستشكل أبرز التحديات المستقبلية في العشرين سنة المقبلة.”نحن كمن يريد السباحة في نهر لكن هناك تيار فإما أن نهرب وندير ظهرنا للآخرين أو أن نغرق وإما أن نتعاون ونكون جميعنا بأمان”.
الأميرة سمية بنت الحسن بن طلال قالت :إن مشروع السلام الأزرق “يهدف لضمان مستقبل آمن وعادل لمنطقتنا” مبدية إعجابها بالمشروع الذي وصفته بأنه “مبادرة مهمة بهدف إنقاذ شعوب المنطقة من مستقبل خطير وغير مضمون”.
وأكدت في رسالة وجهها رئيس اللجنة العليا لفكرة إنشاء جهة تنظيمية للمياه الأمير الحسن للمؤتمر “السعي اليوم إلى تجنب صراع ليس بالبعيد أو المتخيل” موضحة أن اللقاءات الحالية “تسلط الضوء على عملية متق
