اللاعبون الجدد..وأذون الخزانة!!

حمود البخيتي

حمود البخيتي –

أذون الخزانة عملية اقتصادية يراد منها ترميم بعض الفجوات وترقيع بعض النتوءات الاقتصادية التي تخدش حياء الاقتصادات التي تنزف من سوء استغلال الموارد وتنميتها..وفي الأول والأخير سوء الإدارة العامة .
مع أن الغرض العام من أذون الخزانة هو تفادي انهيارات اقتصادية بعينها الا أنها ليست علاجا ناجعا يمكن الاعتماد عليه على المدى الطويل أو حتى المتوسط.
انما هي عبارة عن عملية جراحية تجميلية لوقت زمني معين يراد منه التقاط الأنفاس ووقف النزيف الذي بموجبه تم اللجوء اضطراريا لهذه المهمة.
الأمور استهوت القائمين على الاقتصاد اليمني واعتبروا أذون الخزانة حلا ناجعا لمعضلات الاقتصاد اليمني..لكن العكس هو الذي يحدث.
فما الذي يجري في بلادنا بشأن أذون الخزانة¿!!
يتم بيع الوهم في بلادي على أيدي الساسة فهم يعللون بأن الغرض من بيع أذون الخزانة هو من أجل التنمية..والأصح أن أذون الخزانة عندما تصبح الوعاء الرئيسي هي أداة معطلة للتنمية.
حيث انصرفت المؤسسات والشركات ورجال الأعمال الى الاستثمار في أذون الخزانة لدواعي عدة اهمها الربح المضمون الغير قابل للخسارة.
وشجع على ذلك العديد من المنفرات للاستثمار في بلادنا وأبرزها على الإطلاق القضاء والأمن ..ناهيكم عن مزاوجة السلطة بالمال..فرجال الدولة لدينا هم تجار كمهنة ابتدعوها بالإضافة الى مشاركتهم القطاع التجاري أو تفريغ الأبناء للعمل التجاري والاستثماري وهم يمثلون الدروع الواقية لهم..ضد الضرائب والجمارك بما أخل بالمنافسة الشريفةوفتح أبواب للفساد.
وهناك من يرغم المستثمرين على قبوله شريكا استثماريا مقابل الحماية التي يقدمها للمستثمر_فقد زرعوا ثقافة جديدة مفادها “دور لك على ظهر يحميك” وهكذا اصبح المسرح بيد اللاعبين الجدد.
الحكومة تستثمر عند الحكومة!!
اما الكارثة الكبرى فتمثلت في أن الحكومة تستثمر عند الحكومة!!
أما كيف¿!!
فهذه هي الحقيقة المرة والتي تتمثل في استثمار قطاعات حكومية ابرزها:
-التأمينات.
-البريد.
-يمن موبايل.
-البنك اليمني للإنشاء والتعمير
والعديد من المؤسسات المختلطة.
بما يعني ما تأخذه باليمين تدفعه بالشمال..خصوصا تلك الجهات التي تستخدم اموال الموظفين والمساهمين في شراء أذون الخزانة بدلا عن اسهامها الحقيقي في التنمية لاسيما المتمثلة بإيجاد حلول سكنية للموظفين.
وإذا كان رجال الأعمال والشركات يرفدون الخزينة بهذه الأموال كما يدعون ..فكيف للحكومة أن ترفد الحكومة¿!!
مهزلة ما بعدها مهزلة أدت الى إحجام القطاع الخاص عن تطوير استثماراته السابقة أو الدخول في استثمارات جديدة من شأنها ان تفتح ابواب العمل للعاطلين الذين هم بازدياد في ظل السياسات العقيمة التي تنتهجها الحكومة.
فتخيلوا الفساد الجاثم على المؤسسات الإيرادية وهي تغطي فشلها بإعلان ارباحها وتوزيعها على المساهمينوتعتمد في ارقامها على استثمارات أذون الخزانة.
مكاتب صرافة وليست بنوكا:
تعرف البنوك بإسهامها في التنمية وتعد اهم ادوات التمويل للمشاريع الاستثمارية..والسؤال الذي يطرح نفسه هل بنوكنا هي بنوك تنموية¿
الحقيقة لا..فهي جسم وهياكل يجوز تسميتها بالبنوك..انما عمليا هي مكاتب صرافة وواجهات لأعمال ليست من صميم اعمال البنوك.
وانصرفت ما تسمى بالبنوك في بلادنا في الاستثمار كما يقولون في أذون الخزانة..وأصبحت تتباهى عند إقفال حساباتها السنوية بتحقيقها أعلى معدلات الفائدة بينما هي اسم كما ذكرنا أذون خزانة.
فهل هذه الأعمال تخدم التنمية¿
والأهم من ذلك..هل كل هؤلاء يستلمون رؤوس اموالهم وفوائدها العائدة من أذون الخزانة¿!!
اختلاط الحابل بالنابل!!
وبهذا يكون اللاعبون الجدد قد تمكنوا من توجيه العجلة باتجاه ما يرسموه وعملوا على تعطيل التنمية وعدم استقلال الاستثمار بعيدا عن مراكز النفوذ..وادخلوا الجميع في نفق مظلم ليس فيه من ضوء الا ما يسمى بأذون الخرانة.
والحمدلله اقتصاد يمشي الى الوراء بفعل اللاعبين الجدد وأذون الخزانة.