توضيح حول الملك يوسف ذي نواس الحميري

محمد صالح الحاضري


 - اعتاد المؤرخون اليمنيون على اختيار المناطق التاريخية السهلة غير الإشكالية فيكتبون عن سيف بن ذي يزن أكثر من يوسف ذي نواس.
صحيح أن تاريخ ذي نواس إشكالي من ناحية أن
محمد صالح الحاضري –

اعتاد المؤرخون اليمنيون على اختيار المناطق التاريخية السهلة غير الإشكالية فيكتبون عن سيف بن ذي يزن أكثر من يوسف ذي نواس.
صحيح أن تاريخ ذي نواس إشكالي من ناحية أن الهوية الدينية اليمنية الحميرية تتكون من قسمين عربي وعبري وأن ذي نواس محسوب على القسم العبري وذو يزن محسوب على القسم العربي إلا أن الاثنين قائدان وطنيان والحقيقة أن هذا التقسيم ناتج عن ظروف المرحلتين التاريخيتين لذي نواس وذي يزن وأن تأثير اليهودية العبرية على يوسف ذي نواس ظهر في مرحلته التاريخية نتيجة احتياج اليهودية اليمنية الحميرية إلى التشدد أمام النصرانية الحبشية لكن يهودية ذي يزن العربية هي البعد المركزي في اليهودية الحميرية وظهرت في مرحلة ذي يزن من خلفية التناقض بين اكسوم وحمير التي أساسها عروبية حمير كفارق جعلها تختلف عن اكسوم وتتسع المسافة بينهما عما كانت عليه أيام مملكة سبأ ولذلك فسيف بن ذو يزن قائد حميري التف حوله العرب وليس فقط اليمنيون.
إننا أمام فارق واضح بنظر التاريخ اليمني جعل اليهودية العبرية تتبنى يوسف ذي نواس وتعتبره رمزها التاريخي وبينما يوجد شارع في تل أبيب باسم شارع ذي نواس يوجد شارع في صنعاء باسم شارع سيف بن ذي يزن.
فيظهر صمت التاريخ اليمني عن تبجيل ذي نواس بنفس قدر تبجيله لذي يزن من وجود مئات العناوين اليمنية تحمل اسم سيف بن ذي يزن ولا عنوان واحد يحمل اسم يوسف ذي نواس .
وأوضح استنتاج حول موقف ذي نواس نجده في تبني اليهودية اليمنية المعاصرة للقضايا التي ناضل من أجلها يوسف ذو نواس وهو في الحقيقة يهودي عربي وليس يهودي عبري لكن اليهودية اليمنية العبرية كانت بنظره حائط الدفاع الأخير عن الدولة الوطنية اليمنية الحميرية وأن قول اليهودية اليمنية العبرية بأن يوسف ذو نواس كان واقعا تحت تأثير حاخاماتها اليمنيين يندرج في الحسابات اليهودية العبرية وليس العربية.
حسم تناقضات اكسوم والسوم وحمير في عهده
جاءت فترة الملك يوسف ذي نواس في أوج اختراق أكسوم لحمير بعد تنصر الحبشة وفي الحقيقة الحبشة بعدما تنصرت لم يعد لها نفس بريق اكسوم التاريخي وأنها أصبحت دولة دينية تصدر المشاكل إلى جيرانها والحقيقة أن النصرانية ليست على نحو ما ظهر فيها من السوء بعد تسييسها وتحويلها إلى أداة لتهديد الوحدة الوطنية للدول الواقعة في مرمى الدولة الرومانية زعيمة العالم النصراني القديم.
لقد تنصرت الحبشة في القرن الرابع الميلادي وكانت حمير يهودية ودخلت النصرانية في صراع مع اليهودية وقد تعب اليمنيون من هذا الواقع وجاء ذو نواس في مناخ هذا التعب وكان قائدا كبيرا تشع روحه بالوطنية وشخصيته تقول المصادر التاريخية عنها أنها فذة من نوع خاص وأوسع مدخل إلى شخصية ذي نواس لمعرفتها هي طريقة موته انتحارا في البحر وهو راكب على فرسه
الأخدود مصدر شهرته العالمية
قامت الحبشة بعسكرة اختراقها النصراني لليمن في ممر القوافل التجارية لخنق حمير اقتصاديا وكان يوسف ذو نواس يخطط وطنيا في واقع مخترق بأشكال متفاوته في عدن وتهامة لكن الوضع في نجران هو الأخطر وقد حسمه ذو نواس في إطار اللحظة التي تحولت إلى نقطة أساسية للمشكلة التي اهتز لها العالم النصراني فأخذت القضية بعدا معزولا عن سياقها الحقيقي من ناحية تغيب ظروف المؤامرة الخارجية على اليمن واللعب بأمنها ومستقبلها.
لقد تحول يوسف ذو نواس بعد قصة الأخدود إلى شخص معروف جدا في عالم النصف الثاني من القرن الخامس للميلاد وما بعده وأصبح يوسف ذو نواس أشهر ملك حميري وأشهر ملك يهودي يمني في التاريخ.
وكنت كتبت عنه مرة في أحد المواقع الالكترونية الخارجية ولاحظت تعليقات من أشخاص عاديين بما فيهم شباب وشابات كلهم يعرفون يوسف ذو نواس وخاصة اليهود كما أنه معروف عند المثقفين ذوي الميول المسيحية بشكل خاص وأحدهم قال عنه إنه قتل خمسين ألف مسيحي وهذا رقم مضخم جدا وظروف الحدث كانت إشكالية ومسؤوليتها عامة بين جميع أطراف تلك المرحلة التاريخية لكن المؤسف أن نفس شهرة الأخدود لم يبلغها قتل مليون يمني كما يقال أثناء عملية الغزو والاحتلال.

قد يعجبك ايضا