حكـــم صيــام يــوم الشـــك
كتب عبداللطيف حزام الصعر

كتب / عبداللطيف حزام الصعر –
كل عام في مثل هذه الأيام تثار مسألة صيام يوم الشك .. فما هو¿ وما حكم صيامه¿
نتناول في هذا الموضوع تلك المسألة بغية الفائدة والمعرفة..
– فيوم الشك هو اليوم الثلاثون من شعبان إذا لم ير في مغربه هلال رمضان وقد اختلف العلماء في حكمه فقيل إنه مستحب وهو مذهب علماء المذهب الهادوي وقيل بمنعه وهو الرأي الراجح عندي.
وقد احتج (الهاودية) القائلون باستحباب صيام يوم الشك بما روي عن أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه أنه قال: (لئن أصومن يوما من شعبان خير من أن أفطر يوما في رمضان) .. وقد أجيب عن هذا الاحتجاج بوجوه:
(الأول) أن هذا الأثر لم يثبت ولم يصح عن أمير المؤمنين (علي) رضي الله عنه لا بسند صحيح ولا حسن وإنما هو من رواية (فاطمة بنت الحسين بن علي) عن جدها علي بن أبي طالب وهي لم تدرك جدها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فالحديث منقطع والمنقطع من قسم الحديث الضعيف وأيضا جاء هذا الأثر في أمالي أحمد بن عيسى عن القاسم بن إبراهيم وهو لم يدرك عليا رضي الله عنه لأنه عاش في زمن الدولة العباسية في عصر المأمون والمعتصم ابن هارون الرشيد اللذين عاشا في أول القرن الثالث من الهجرة في حين أن أمير المؤمنين علب بن أبي طالب استشهد سنة (40هـ) وبين القاسم بن إبراهيم وبينه أكثر من قرن من الزمن. لأن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن علي بن أبي طالب والأثر منقطع عند (الهادوية) كما أنه منقطع عند أهل السنة.
(ثانيا) وعلى فرض أنه متصل غير منقطع فهناك جواب ثان وهو أن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لم يقل هذا القول إلا وقد شهد عنده شاهد واحد وقد دل الدليل على جواز صوم رمضان بشهادة شاهد واحد كما لا يخفى على من درس كتب السنة النبوية على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.
(ثالثا) وعلى فرض عدم صحة وجود شاهد واحد فقول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ليس بحجة لأن الحجة هو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله وتقريره.
(رابعا) وعلى فرض أن قوله رضي الله عنه حجه فقد رجع عنه كما حكى رجوعه ابن القيم وغيره.
(خامسا) وعلى فرض أنه صحيح عنه وأنه لم يدل عليه دليل على أنه كان قد هذا القول بعد وجود شاهد وعلم فرض أن قوله حجة وعلى فرض أنه لم يرجع عنه فمن قال بأن قوله حجة يشترط أن لا يعارض حديثا صحيحا مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهاهنا قد عارض عدة أحاديث تدل على وجوب الصوم لرؤيته والفطر لرؤيته وأنه إذا غم الهلال فالواجب إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما جاء هذا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما وأبي هريرة وغيرهما كما جاء عن عمار بن ياسر أنه قال: (من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم) صلى الله عليه وآله وسلم وهو وإن كان موقوفا على عمار بن ياسر فهو مرفوع حكما وهو الصواب بمنع صوم هذا اليوم وكذا الحديث الصحيح المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تتقدموا رمضان بيوم أو يومين) والله أعلى وأعلم.