سيئون/استطلاع/ خالد بن عمور –
> افتتاح سوق زراعي جديد ومصنع لتغليف التمور
تعتبر أشجار النخيل من أقدم أشجار الفاكهة المنتشرة بوادي حضرموت, وهي من المعالم الرئيسة البارزة في هذا الوادي ,فحيثما حللت وحيث ما رحلت تجد هذه الشجرة المباركة منتصبة شامخة تتحدى الأعاصير والظروف القاسية, لهذا احتلت النخلة مكانة بالغة في نفوس اليمنيين وخاصة ساكني الأودية ومنها (وادي حضرموت) لما لها من أهمية غذائية وعلاجية .
وكشيء من رد الجميل لهذه الشجرة المباركة المرتبطة بحياة الناس و بمسيرة التنمية الشاملة نظمت محطة البحوث الزراعية بسيئون بالتعاون مع مكتب الزراعة والري بوادي حضرموت خلال الفترة من (14- 18) يوليو الجاري المهرجان الأول لتسويق التمور برعاية كريمة من وزير الزراعة والري ومحافظ محافظة حضرموت .
ولتسليط الأضواء حول أهداف وأنشطة المهرجان التقت (الثورة) بعدد من المختصين والباحثين حيث تحدث إلينا في البداية الدكتور/ عبدالله سالم علوان – المدير العام لمحطة البحوث الزراعية بسيئون قائلاٍ:
- بدأنا في التحضير لهذا المهرجان الكبير منذ شهر مايو الماضي بعد ما جاءت فكرة المهرجان بعنوان »كيف يمكننا أن نحول التمور من منتج شعبي إلى منتج اقتصادي واستثماري وسياحي« وقد تم تحديد هذه الفترة الزمنية في هذا الوقت لأن المواطنين يتهافتون هذه الأيام على شراء حاجتهم من التمور لشهر رمضان المبارك الذي هل علينا فالتمر يحظى في موائد رمضان بمكانة بارزة فيبدأ الإفطار بثمرة سنة نبوية وعادة عربية أصيلة أضف إلى ذلك أن التمر الرطب يدخل موسم جنيه هذا العام في شهر رمضان الحالي وسط w بتفوقه على التمر الذي يتوفر على مدار العام ليستمتع الصائمون بالرطب قبل أن يجف ويتحول إلى تمر.
زيادة الرقعة الزراعية
> إلى ماذا يهدف إقامة هذا المهرجان¿
– المهرجان اسمه المهرجان الأول لتسويق التمور ولهذا نهدف من إقامته لتحقيق عدة مكتسبات أهمها رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من إنتاجنا المحلي من إنتاج التمور وأيضاٍ تشجيع الاهتمام بالمنتجات المحلية من خلال المساهمة في تقديم الخدمات للمزارعين لتشجعهم على زراعة مساحات إضافية من نخيل التمر من الأصناف عالية الإنتاجية وعالية الجودة بدلا عن الأصناف المحلية القليلة الجودة ودعوة أيضاٍ لإعادة تجديد بساتين النخيل الموجودة والمعمرة في وادي حضرموت وفي المحافظات الأخرى وزيادة القدرة التنافسية للتمور المحلية محلياٍ وإقليمياٍ, وإمداد المحافظات الأخرى والتي ليس فيها إنتاج للتمور وتحويل التمور من شعبي إلى منتج اقتصادي واستثماري وسياحي مميز ,كما نهدف من وراء إقامة هذا المهرجان ربط المتسوقين والمستثمرين بمجال التمور من داخل وخارج الجمهورية اليمنية لزيادة الرقعة المزروعة من نخيل التمر المزروعة بالأصناف عالية الجودة وتقديم التسهيلات المناسبة للبائعين والموزعين والوسطاء وتحسين مواصفات التمور من خلال زراعة الأصناف الجيدة منها التي تحقق للمزارع أسعاراٍ جيدة وبالتالي ارتفاع العائد الاقتصادي من التمور وزيادة الوعي الاستهلاكي لدى مستهلك التمور إضافة إلى تثقيف المستهلك بأنواع التمور المعروضة ومتوسط أسعارها ودرجة جودة كل صنف وتشجيع المزارعين والمستثمرين على إحلال الأصناف الجديدة المدخلة ذات المواصفات عالية الجودة والإنتاجية بدلاٍ عن الأصناف الرديئة ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي من إنتاجنا المحلي من إنتاج التمور للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي لهذا البلد, وإحياء طقوس الفلاحين القدماء كموروث شعبي أصيل.
> دكتور علوان كم يبلغ إنتاج بلادنا من التمور¿
– يبلغ إنتاج بلادنا من التمور نحو 33 ألف طن سنوياٍ من مساحة قدرها نحو 23 ألف هكتار تنتج من نحو 4 ملايين نخلة معظمها في محافظة حضرموت وباليمن أكثر من 335 صنفاٍ من النخيل منها 114 صنفاٍ من الأصناف العالية الجودة .
جـودة المنتـج
> هناك الكثير من المهرجانات والندوات والورش التي عقدت بشأن التمور هل لكم مميزات خاصة بهذا المهرجان¿
- يحظى المهرجان بالكثير من المميزات من أهمها:
- جـودة المنتـج : فمن خلال الأعراف المتوارثة (أن وسطاء البيع _ الدلالين _ قبل أن يتولوا البيع يقوموا بمعاينة الكمية المعرضة للبيع من خلال عينات عشوائية والذي يثبت الغش فيها يرفض البيع كما تتولى إدارة المهرجان وعبر جولات ميدانية عمليات كشف متكررة على التمور المعروضة وتتم مصادرة الكميات المغشوشة كما أن طريقة العرض تتيح للمستهلك معاينة نوعيات التمور بسهولة والكشف على محتواها والتأكد من جودتها.
- صحية المنتـج: يضم السوق تموراٍ صحية ويتولى فريق الكشف على المنتجات الزراعية وتمنح شهادة صحية للتمور التي تعرض بالصالة بناءٍ على طلب المستهلك كما أن البائع للتمور سيتم إعداده بطريقة صحية لبيع تمور نظيفة خالية من الشوائب.
- طريقة العرض: تعرض تمور المهرجان بشكل مباشر على المكاتب بوضعها على مسرفة (مصنوعة من جرائد النخيل) كما أن طريقة العرض الأرضي التي نتبعها تعطي سهولة للمراقب والمستهلك التعرف على أنواع التمور بكل سهولة ويسر وتحديد الأنواع التي يرغبها مع عدم دخول السيارات لمواقع العرض فصحياٍ أتضح أن هناك أضراراٍ تسببها عوادم السيارات على التمور لذا تم منع دخول السيارات إلى ساحة العرض.
آلية التنفيذ
> وماذا عن الآلية التي قمتم بتنفيذها في هذا المهرجان¿
- تتمثل بإقامة حملة إعلامية واسعة على مستوى المحافظة والجمهورية للإعلان بموعد مهرجان التمور وأهدافه وأنواع التمور التي ستعرض في المهرجان وتوزيع كتيبات ونشرات لكيفية إقامة بساتين نخيل نموذجية واقتصادية تدر دخلاٍ وفيراٍ مقارنة بالمحاصيل التقليدية وإقامة محاضرات توعوية إرشادية علمية لأهم الأصناف طرق الإكثار طرق الزراعة المقننات المائية والسمادية ومكافحة الآفات والميكنة الزراعية والتعبئة والتغليف و التسويق لنخيل التمر وتوجيه دعوة لكل المزارعين للاشتراك في هذا المهرجان وتعريف المستهلكين بأصناف التمور التي في مزارعهم ووضع مسارف (مصنوعة من جراد النخيل) على الطاولات لعرض الرطب عليها وتقديم العون و المساعدة للمزارعين لعرض منتجاتهم وهذه هي الآلية التي قمنا بتنفيذها قبل وخلال فترة إقامة المهرجان..
ندوات علمية وبحثية
> وعن أبرز الفعاليات والأنشطة التي أقيمت خلال أيام المهرجان قال الدكتور علوان¿
- كان لدينا الكثير من الفعاليات والأنشطة على هامش المهرجان منها عقدت تندوة علمية تحت عنوان: (نخيل التمر الواقع وآفاق المستقبل) والتي تطرقت إلى أهمية التقنيات البحثية في مجال التمور بالإضافة إلى ندوة القطاع النسوي التي عقدت تحت عنوان: (التمور غذاء ودواء) وافتتاح مصنع لتغليف التمور وافتتاح سوق زراعي جديد والعيادة الزراعية وعرض فلكلور شعبي عن النخيل بوادي حضرموت قديماٍ وفعاليات فنية وثقافية ومجموعة من المشاركات من قبل عدد من المؤسسات الزراعية.
انتشال وضعية التمور
> من جانبه تحدث المهندس / عمر سالم بامحيمود مدير عام مكتب الزراعة والري بوادي حضرموت عن فكرة تنظيم المهرجان قائلاٍ:
- جاءت فكرة المهرجان بعد عدة لقاءت تمت بيننا وبين الإخوة في محطة البحوث الزراعية بسيئون من أجل انتشال وضعية التمور بشكل خاص إلى مستوى أرقى وأكثر تطوراٍ بهدف تعريف المنتج والمستهلك بأهم الأصناف وبالأفضل من التمور وبالتالي الاهتمام بالتمور كون التمور غذاء كامل القيمة الغذائية للإنسان بما يحتويه من العناصر الغذائية كالفيتامينات والسكريات والأحماض الأمينية والدهون والبروتينات وهو غذاء كامل سهل الحفظ والنقل وفي نفس الوقت دواء لكثير من الإسقام كفقر الدم وغيرها من الإمراض الأخرى فالنخلة كلها بركة ومنفعة ومما يعزز أهمية النخلة ومنتجها من التمر ما ورد في أكثر من عشرين موضعاٍ في القران الكريم وكذا في السنة النبوية الشريفة .
وقد كان هدفنا من إقامة هذا المهرجان توجيه رسالة إرشادية بحثية واضحة للإخوة المزارعين ومسوقي التمور في كيفية تسويق التمور محليا وخارجيا بشكل صحي وعلمي لهذا كان لزاماٍ علينا في مكتب الزراعة والري والإخوة في محطة البحوث الزراعية بسيئون تطوير إنتاج التمور بطريقة تحليلية علمية حيث يأتي إقامة المهرجان الأول لتسويق التمور مساهمة متواضعة من محطة البحوث الزراعية بسيئون ومكتب الزراعة والري بوادي حضرموت لإبراز الأهمية الاقتصادية والغذائية التي تحتلها التمور .
اهتمام كبير
> ما هو الدور الذي تقوم به الحكومة والسلطة المحلية تجاه شجرة النخيل¿
- الدولة تولي النخيل اهتماماٍ كبيراٍ حيث يحتل النخيل المرتبة الأولى بين محاصيل الفاكهة في اليمن وقد أدرجته الحكومة ضمن الاستراتيجية الوطنية لتنمية المحاصيل الزراعية التي تضم النخيل البن المانجو الزيتون ونحل العسل وقبل فترة وجيزة زارنا معالي وزير الزراعة والري المهندس فريد احمد مجور وأعلن عن دعم تشجيعي لمزارعي النخيل في حضرموت بـ10 آلاف نخلة بالأنسجة مدعومة للمزارعين بـ 50٪ وأكد لنا الوزير حرص وزارة الزراعة والري على دعم زراعة النخيل باعتبارها سمة أصيلة لمحافظة حضرموت ومنتجاٍ اقتصادياٍ وغذائياٍ هاماٍ, هذا كله دليل على اهتمام الدولة بشجرة النخيل.
شذرات من تاريخ شجرة النخيل
لقد اعتنى الإسلام بالشجرة عموما وبالشجرة الطيبة (النخلة) خصوصاٍ حيث ورد ذكر النخلة والتمر في القرآن الكريم في سبع عشر سورة من أصل 114سورة وجميعها تدعو إلى الاهتمام بهذه الشجرة وتشير إلى أهميتها في الحياة منها قول الله تعالى (والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد) .. بالإضافة إلى ورودها في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة : قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (إني لأعرف شجرة بركتها كالرجل المسلم وهي النخلة) وإنها الشجرة التي وعد الله المتقين بغرسها في الجنة.
وتعد النخلة من أقدم واهم أشجار الفاكهة في الجزيرة العربية وتكمن أهميتها في ارتباطها التاريخي بسكان الجزيرة العربية هذه هي النخلة سيدة الأشجار فكلها بركةفالنخلة خلقت منذ غابر الأزمان لتكون مورداٍ غذائيا هاما للإنسان يعود بالفائدة العظيمة على صحته ,كما أن لهذه الشجرة مكانة في مختلف الأديان السماوية والشرائع الإنسانية جعلت منها (شجرة مقدسة).
وزراعة النخيل في بلادنا ضاربة في القدم حيث اشتهر الإنسان اليمني بخبراته الواسعة بأمور النخيل ورعايته وتتركز زراعة النخيل في محافظة حضرموت وسهل تهامة والجوف وهي من السمات المميزة للنشاط الزراعي في تلك المحافظات ويبلغ عدد الأصناف الجيدة من التمور 70 صنفاٍ.