الإنتظار على قارعة الفوضى

عبد الكريم المدي

عبد الكريم المدي –
> مهما كانت قتامة وقسوة الأوضاع التي يعيشها المثقفون والمفكرون والكتاب والصحفيون وكل قادة الكلمة والرأي , تبقى لدينا القناعة الراسخة والحقيقة الثابتة التي تقول : إنهم القادرون – وبشكل كبير- على تلافي المجتمع من الضياع والتوهان والفوضى والجوع , لأنهم يمتلكون رؤى وأدوات تستطيع تشكيل الوعي الجماعي لمواجهة التحديات التي تهدد مجتمعاتهم , كهذه التحديات والأزمات المتعددة الألوان والأشكال والصفات والمسميات التي تطحن المجتمع اليمني الصابر .
وفي مجتمع يعاني كمجتمعنا هذا , الذي أوشكت الشعارات والخلافات والتحديات التي يؤمن بها ويرددها بعض أمراء الصراع وأتباعهم وأنصارهم والمستفيدون منهم ومن بقاء أوضاع البلد على هذه الشاكلة , يمكن للمثقفين والكتاب ورجالات الإعلام والصحافة والفكر إيجاد شعارات وصيغ جديدة وكذا خلق رأي جماعي لموجة وحالات الجنون والغطرسة التي ينتهجها البعض على حساب اليمنيين وأمنهم واستقرارهم ووحدتهم ولقمة عيشهم .

} } } }

أقول : هل تتذكرون معي رفاقي وزملائي الأكارم يتذكر كم إننا كنا في كتاباتنا وندواتنا وجلسات مقيلنا في مقر إتحاد الأدباء والكتاب ( فرع صنعاء ) وغيرها من الأماكن والفعاليات والمناسبات والمنابر , نتحدث عن كيفية تجاوز نقاط الرجعية والتخلف العلمي والمعرفي والثقافي والصناعي في مجتمعنا اليمني خاصة والمجتمعات العربية عامة , باحثين , تارة شطحا , وتارة واقعية عن نهضة سريعة وأدوات تذهب بنا بعيدا لإكتشاف الثقوب السوداء خارج مجرة درب التبانة وغيرها من الأفكار والرؤى والقضايا التي كانت تطرح .. أما اليوم , وفي يمننا السعيد تحديدا , فما نريد أن نتحدث عنه بالفعل , هو البحث عن مخرج ومعجزة تنقذ الملايين من الموت المحقق جوعا , والبحث أيضا عن وسيلة توفر للآلاف الأسر مياها ولو ملوثة بنسبة 60 % لتؤمنهم من مذلة البحث عنها أسبوعا كاملا مثلا .. كي لا يضطروا لإخراج طوابير النساء والأطفال والشيوخ في شوارع صنعاء وغيرها يتسولون قطرة ماء .. في مشاهد إنسانية صادمة ..
كما نريد الحديث والبحث عن كيفية مناسبة لإستبدال الخوف بالأمن , والموت بالحياة , واليأس بالرجاء .. وتغيير هذه المعاني والمفاهيم التي أستبدت ú بنا بقسوة بعضنا وقسوة أوضاعنا ومماحكات ساستنا أيضا ..

} } } }

على أية حال ..
هل بلغت اللامبالاة والقسوة بنا كيمنيين إلى هذا الحد من عدم التأثر أو حتى الإنعطاف الإنساني أمام هذه الأوضاع التي تصعقنا وتهد قيمنا وكرامتنا وبطون وحلوق وأفواه أطفالنا ونسائنا وشبابنا وشاباتنا ¿ وهل يعقل أن المثقفين والمفكرين والسياسيين ورجالات الدين القادرين على إيصال رسائلهم ونصائحهم وإرشاداتهم للأطراف المختلفة وعامة الناس . لم يتأثروا بما صرنا إليه من تصدع وألم في هذا البلد .. وأننا بالفعل نواجه تحديات هي الأخطر في تاريخنا الحديث , منها الجوع والفوضى وإنعدام الأمن والعمل المشترك والثقة ..¿
وهل يـعقل أن طلائعنا الثقافية والفكرية والدينية والإجتماعية لم يعلموا بعد بالحقائق الفاجعة التي تقول إننا نعيش اليوم أوضاعا وصراعات , لم تعد فقط سياسية وفق مناهج ومفاهيم سياسية معروفة , بل تعدت ذلك بكثير , حيث غدت تـشبه الصراعات العسكرية المفتوحة والمبنية على الكراهية والتعنت والحقد ورفض كل طرف للآخر والإستعداد لتدمير كل شيء في سبيل إرضاء نوازع ذاتية وشريرة ¿!
إن طلائع المجتمع من مثقفين ومفكرين ورجال دين وصحافة معنيون اليوم بإنقاذ البلد وتهدئة النفوس ونبذ دعاة الخراب وتوعية المجتمع بالعمل لتوفير المناخات الآمنة والإنحياز للسلام والإنتصار للتسامح وتأمين حياة الناس ومعيشتهم حتى نستطيع الانتقال من مملكة الضرورات ومحاولة التشبث ما أمكن بعرق نابض في أجسادنا , إلى مملكة الحريات ..!

} } } }

لذا ندعو صادقين إلى إيجاد دور فعال وريادي وحاسم للمثقفين لإستخلاص رؤى ثقافية ووطنية جديدة تنطلق من فكر صاف ونقاشات أكثر وعيا بما يدور في واقعنا و منطقية وجدية مما حملته وتحمله الحوارات والشعارات والقناعات والأجوبة الجاهزة التي غالبا ما تخاطب أنانيتنا والسائد التقليدي والعاطفي , الباحثة عن المكاسب الذاتية والبطولات والرومانسيات والبعيدة عن الواقع وشروطه وإحتياجاته ..!!
في الحقيقة وأنا أهم بالكتابة عن هذه القضايا والأوضاع المعاشة وما هو دور مثقفينا ومفكرينا وإعلاميينا وغيرهم حولها قفزت إلى ذهني مقولة لم أذكرها حرفيا للكاتبة والباحثة السورية ( رنداقسيس ) التي ترى بأن المجتمعات ذات البعد التقليدي والمفاهيم التي تعتمد على الحقيقة الواحدة تعاني كثيرا من انعكاسات سلبية لتلك المفاهيم وللموروث البدائي .. ولعل هذا ما جعلها غالبا ما تعيش صراعات وفاقة وعجزا عن تقديم الحلول والأدوات والخيارات .. الممكنة لتخطى

قد يعجبك ايضا