من أجل حوار وطني جاد وفاعل!! (3-2)

أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي –
واللجنة بصدد التأصيل لحوار وطني لا بد أن تستحضر تجارب الماضي بالذات المشاهد اليائسة التي اختزنتها ذاكرة المواطن وانتهت إلى مسرحيات هزلية شعر معها أن الهدف الاستغفال وتزييف الوعي والضحك على الدقون, ولم تخرج عن كونها سيناريوهات هستيرية وعمليات استغلال غير سوي للأفكار والمفاهيم.. هذه التوجهات أصابت الغالبية بالإحباط وخيبة الأمل وقرروا العزوف وعدم المشاركة في أي حراك يشهده الوطن حتى لا يعتبروا الدعوة للحوار مجرد تكتيك لتحقيق توافق وتوازن مرحلي للانسجام مع أهداف وغايات الثورة, وهو أسلوب غير مجد سيقابل بالاستهجان والعزوف والرفض حتى من بعض القوى السياسية, لتجاوز مثل هذه الهواجس لا بد أن يتم التعاطي بمصداقية وعقلانية والارتهان إلى مبدأ الشفافية المطلقة لمناقشة كل الأفكار والمواقف في وضح النهار ووضعها فوق الطاولة دون الحاجة إلى التمرير من تحت الطاولة أو في الغرف المظلمة.
لضمان التفاعل والمشاركة الواسعة لا بد من المكاشفة وإطلاع الناس على حقيقة ما يجري والاستناد إلى منهج جاد وآليات حقيقية وخطوات عملية جريئة تستند إلى القراءة الواعية للواقع ومعطياته المختلفة بهدف اعتماد الأفكار والرؤى التي توصل لحوار حقيقي يسعى إلى:
* تقريب وجهات النظر وتعزيز مناخات الثقة بين أبناء الوطن وكافة القوى السياسية والمكونات الاجتماعية.
* بلسمة الجروح الغائرة في الأجساد والمتغلغلة في النفوس.
* تلبية رغبات ومطالب الأطراف الواقعة في نطاق المعقول والممكن ولا تتعارض مع الثوابت الوطنية ومفردة المواطنة والولاء المطلق للوطن.
* التمسك بالثوابت الوطنية والدفاع عنها لا يعني بأي حال من الأحوال جواز تخوين الآخر أو اتهامه بالعمالة قبل استهداف الآخرين لابد أن يحدث توازن طبيعي بين خصوصية وقدسية هذه الثوابت وبين الأوضاع القاهرة والظروف القسرية التي حولت هذه الثوابت إلى شعارات للمزايدات والاستغفال ووسيلة لاستهداف الآخر المعارض بهدف إقصائه وتهميشه وجواز استخدام العنف ضده.
هذا الأمر تكتنفه أية صعوبة لأننا جميعا أبناء هذا الوطن, في هذا الجانب لا أعتقد أن أحدا يجهل الأسباب الحقيقية التي شوهت المضمون الإنساني النبيل للوحدة أو التي اعتدت على الأفق السلمي لإعادة تحقيق وحدة الوطن اليمني في 22 مايو 1990م.
للأسف طموح المجد الزائف والتطلعات الأنانية سلبت المنجز العظيم وشاح النقاء وهيأت الأجواء للعنف وإشعال فتيل الحرب الطاحنة بما فرضته من نتائج ومآس جعلت الطرف القوي يفرض إرادة المنتصر ويفرض على الآخر حالة الظلم والالحاق القسرية.
على نفس الصعيد لا تخفى عن الكثيرين المصالح النفعية والرغبات الذاتية وحالات الاستحواذ ورغبات القهر والاذلال التي قادت إلى اندلاع حرب صعدة وفتحت الأبواب على كل الاحتمالات وأكثرها مرارة تكرار المواجهات حتى وصلت إلى ست حروب عبثية راح ضحيتها أكثر من عشرين ألف إنسان يمني من أبناء الجيش والمواطنين إضافة إلى عشرات الآلاف من الجرحى وتشريد مئات الآلاف.
هذه الخلفية لا شك أنها ستسهم في حلحلة أهم القضايا وأكثرها تعقيدا وخطورة.
من أبرز المعالجات في هذا الجانب أن اللجنة تتولى قراءة التعقيدات بنفسها وأن لا تسمح لأي طرف من الأطراف السياسية بأن يقيم الآخر أو يحدد حضوره من عدمه من منطلق أنه لا يوجد علامة استفهام مسبقة ضد أحد إلا من لا يزال يحمل السلاح ويهدد به الآخرين.
لابد من الارتهان إلى الموضوعية والمنطق السوي مع التسليم بأن ردود الفعل كانت انفعالية حملت الأهداف والغايات العظيمة أوزار وخطايا البشر, وأن الموقف يقتضي التسامح وتبادل الاعتذارات لإزالة الضغائن والأحقاد والكراهية وكل العوامل التي أذكت العداوات ورغبات الثأر من أوكارها من أجل إعادة جسور الثقة وتخطي كل المسارات والرغبات المخيفة التي تصر على التمسك بالقوة الشيطانية (أنا ومن بعدي الطوفان) لنجاح الحوار وتحقيق الغايات المأمولة لا بد أن تذوب كل الرغبات في مصلحة الوطن وتنتهي كل الولاءات الضيقة لتصب باتجاه الولاء الصادق للوطن وأن تكون النظرة واحدة لكل مكونات العمل السياسي والاجتماعي لتكون المواطنة المتساوية والعمل على أساس الشراكة الفاعلة مدخلا لتجاوز كل تهم التخوين والعمالة والفسق وأي مفردة من المفردات التي تم استخدامها في الماضي لجواز إقصاء وتهميش وقهر المعارضين وممارسة كل أعمال القمع والتنكيل ضدهم بهدف إعادة بناء الحياة السياسية على أساس المساواة والتكافؤ واختزال كل الاهتمامات والتطلعات في خدمة مصلحة الوطن وكل ما يحقق السلم الاجتماعي ويسهم في الارتقاء بحياة الإنسان اليمني وتطوير كل الجوانب الحياتية.
فكرة الحوار في حد ذاته وما تتسم به العملية من حساسية تتطلب أن تعمل لجنة التواصل بموضوعية وعدم السماح لأحد بأن يستغل الفكرة ويسير بها باتجاه آخر لتصبح مجرد مظلة لأعمال التكالب وإعطاء مشروعية للاستحواذ عل

قد يعجبك ايضا