اليمنيون والأزمة وثقافة جلد الذات ..¿!!
–
طه العامري
> المتابع للخطاب الإعلامي الذي تضخه الوسائط الإعلامية المختلفة وخاصة غالبية المواقع الإلكترونية التي يقول خطابها أنها جاءت لمهمة تسويق ثقافة ( الكيد , والتضليل , والتحريض , وتزييف الوعي والحقائق ) وتوجيه الرأي العام الوطني إلى ( محرقة) لا تبقي ولا تذر , ومن خلال خطاب غير ( مهني) وغير مسئول ولا علاقة له بمهنة الصحافة ولا بدورها ولا برسالتها , وتصفح عابر لهذه المواقع والوسائط الإعلامية المختلفة ,فعل يكفي ليقنع المتصفح العابر بأن لا ( حوار وطني) مزعوم ولا سكينة ولا استقرار على ضوء هذا الشحن الإعلامي الذي لم يترك متسعا للجدل ولا مسافة لحوار ..
إننا نواجه خطابا يدمر ولا يعمر ,يهدم ولا يبني , يقصف الأعمار ويصيب العقول بالتبلد ويزرع كل مكونات الحقد والكراهية والتشرذم المجتمعي .. إذا أي وطن ننشده ..¿ أو ينشده أصحاب هذا الخطاب المجنون والمسعور بكل مفردات الكراهية والحقد وإلغاء الآخر ..¿!!
قلنا وتفاءلنا أن التوقيع على المبادرة ( الخليجية) وإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة وتشكيل حكومة الوفاق خطوات من شأنها أن تقربنا لبعض وتخرجنا من دوامة الانشطارات النفسية وتمكنا من العودة للمربع الوطني لكي نبدأ ببناء ما دمرته ( الأزمة) وما خربته ثقافة ( الكراهية والحقد) على مدى العام والبضعة شهور وهي فترة نسفت علاقة قائمة منذ قرون موغلة بين أبناء الوطن اليمني الواحد.. لكن للأسف هناك من يصر على أن يجعل من _اللحظة_ مسرحا لتصفية الحسابات وإبراز قدراته الذاتية والكشف عن ممكناته (السلالية والقبلية والعشائرية) وكل القدرات المتاحة سواء كانت لفرد أو لجماعة غدت تستعرض في مخرجات الأزمة وكأننا في عصر (تغلب) وزمن ( الزير سالم وكليب وجساس ) وحكاية ( داحس والغبراء ) تجتر مآثرها وإن بصورة ( متقدمة) ..¿!!
أي حوار وطني هذا إذا الذي ننشده والدم اليمني (ينزف) والسيادة تنتهك والأحلام تنتحر على (مقصلة ) الولاءات الضيقة ,نعم لقد استحضرنا كل الولاءات العصبية والقبلية والمناطقية والطائفية والمذهبية وسعينا لتوظيف كل هذه الولاءات الضيقة ضد الولاء الوطني ..اليمن كل ما فيها يبحث عن ذاته إلا اليمن الوطن والارض والإنسان الحالم المتطلع لغد مشرق تخيم عليه قيم المواطنة وسحب السكينة ورذاذ من عدل اجتماعي يمكن المواطن اليمني من حياة حرة كريمة آمنة ومستقرة .. نعم رحم الله الأستاذ الكبير / عبد الله البردوني فقد شخص حالنا اليوم قبل عقود وكأنه وهو (الكفيف) كان فعلا (المبصر الوحيد في بلاد العميان) كما وصفه ذات يوم أحد الأدباء العرب..
اليمنيون يعيشون اليوم في مربع ( جلد الذات) يسوقون قيم (الانتحار) ويتفاخرون بتسويقها بطريقة مثيرة ودرامية ,طريقة جعلتنا ندمر كل أواصر ترابطنا وجسور تقدمنا وحتى قيمنا وأخلاقياتنا وأعرافنا وتقاليدنا نسفناها بالمطلق لتصبح ( عبودية الذات) ديننا وديدننا والكل يسعى للانتصار لذاته بطريقة تنسف كل ما قيل عنا وعن تاريخ أجدادنا دينيا وثقافيا وقبليا وأعرافا وتقاليدR