باسندوة.. والإعلام

عبدالرحمن مراد

مقالة


 - تلقى الإعلام اليمني حوار رئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة بغباء شديد وكأنه يعيش في جغرافيا أخرى غير الجغرافيا اليمنية التي ندرك جميعا طبيعة وعورتها وصعوبة التعامل معها  وقسوة تضاريسها وانغلاق بعضها وفضاء وأفق الآخر فالتنوع طبيع
عبدالرحمن مراد –

مقالة

تلقى الإعلام اليمني حوار رئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة بغباء شديد وكأنه يعيش في جغرافيا أخرى غير الجغرافيا اليمنية التي ندرك جميعا طبيعة وعورتها وصعوبة التعامل معها وقسوة تضاريسها وانغلاق بعضها وفضاء وأفق الآخر فالتنوع طبيعة تضاريسية ومناخية وبالضرورة طبيعة سياسية وثقافية وحين نتحدث عن وفاق وطني بين قوى وطنية تعيش حالة تربص وحالة ترقب وهي لم تزل تشكو بلل الدم ونزيفه ويحضر في تفكيرها وبقوة موضوع الثأر السياسي من بعضها فذلك يعني أننا نتحدث عن حالة وطنية استثنائية لا يمكن فصلها عن حالات تأريخية مماثلة دلت عبرها على احتمالات التشظي والانقسام وهو ما يهدد عملية التسوية السياسية فالاصطدام مع مكونات الواقع السياسي اليمني يعني خلق حالات مماثلة للحالات التأريخية وهي حالات تهددنا بنسف التسوية السياسية والعودة إلى مربعات الدم وهو ما تعمل حكومة الوفاق على تحاشيه والخروج من بؤره ومثل ذلك أمر محمود ولا نظن أن ابتعادنا عن الواقع يمنعنا من معرفة تفاصيل المرحلة وحين يبتعد الإعلام عن فهم الواقع السياسي اليمني ويستغل صدق وعفوية رئيس الحكومة الاستاذ محمد سالم باسندوة فإنما هو بذلك يقترب من إملاءات الشنآن التي تسيطر على حالاته الانفعالية في قبول ما يطرح أو تنفيذه أو نقده.
علينا أن ندرك أن «اللاأدري» التي عزف عليها رئيس الحكومة كانت صادقة وهي تعبير عن واقع نحن من يصنعه بغبائنا ووهمنا بالوصول إلى الدولة المدنية أو مشارفها وجوهر الواقع وحقيقته يتحدث عن كيانات وقوى تحكم سيطرتها على مقاليد الأمور وتحاول تدمير كل مظاهر السلم والمدنية ومقومات الدولة.
لا أظن أنه من العدل محاكمة باسندوة بتلك العبارات القاسية والفلاشات المرئية الأكثر قسوة فالواقع الذي نعيشه وحقيقته الجوهرية لم يصنعه باسندوة ولكنه وجد نفسه في معمعته يصارع الأهواء والخيارات والتهديدات في غياب الكتلة التأريخية الساندة فهو لا ينتمي إلى حزب كما أنه خارج المنظومة الاجتماعية القبلية وبسبب مشاعره الوطنية الفائضه تذرف دموعه دما وألما إدراكا منه بحجم المخاطر المحدقة بهذا الوطن والغريب أن تجار الكلام يقابلون مشاعر باسندوة بقدر وافر من اللؤم والبذاءة والصلف الاخلاقي المقيت.
علينا أن نبتعد عن الشنآن ونعدل فالعدل هو الأقرب موضوعيا إلى الحقيقة وننصف هذا الرجل الذي عركته السنون وهو في مرحلة عمرية لا تحتمل كثيرا من قسوتنا وبذاءة ألسنتنا وكان من الأجدر بنا أن نقدر الرجل وننزله منزلته فالله نفسه حسب الأثر يستحي من كل ذي شيب وباسندوة لا يطلب أكثر من الانصاف ومن فهم الواقع وإدراك الحقيقة فهو على رأس حكومة وفاق وطني ذات ولاءات وانتماءات متعددة وتحكمها أجندات متعددة الأوجه ومتعددة الأقنعة ومهمته فيها ليست النماء ومفردات التنمية وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني والتخفيف من نسبة تزايد البطالة بقدر تحقيق التوافق وتطبيع الحياة وتقريب وجهات النظر المتباينة ونفي التصورات الخاطئة لكل طرف عن الآخر في الطيف المتعدد للحكومة وتحقيق ولو القدر النسبي من الاستقرار وخلق المناخات الملائمة للحوار الوطني الذي نعول عليه في خروجنا من المآزق التأريخية التي وقع فيها الوطن وخلقت تراكمها التأريخي الذي كان يقف حجر عثرة أمام حركات التجديد والتحديث وحركات الانتقال ونأمل في توازن القوى أن يخلق الفرصة التأريخية التي تنتظرها جماهير هذا الشعب بفارغ الصبر.
وكم نتمنى على وسائل الإعلام أن تعزف عن المماحكات السياسية وتنحاز إلى هذا الوطن الذي عانى كثيرا من الصراعات طوال حقب التاريخ المختلفة وآن له أن يستقر ويبني وقد تهيأت له الفرصة التاريخية التي لن تتكرر بذات النزعة التحديثية التي نشهدها ونلمسها في تفاعلات الجماهير الغفيرة والمشرئبة أعناقها للتغيير.

قد يعجبك ايضا