الإعـلام .. وصنـــع الثقافـــة «السالبــة»

خالد القزحي


خالد القزحي –
أعرف أننا نتعلم الكثير من وسائل الإعلام وخاصة وقد أصبحنا في العالم الرقمي الذي يمكن الفرد من الوصول إلى الكثير من المعلومات الفكرية والاقتصادية والعلمية وحتى السياسية والعسكرية بجهد وتكلفة أقل. ولكنني بصدق أعتقد بخطورتها العالية على ثقافتنا وعقولنا وبالتالي طرق تفكيرنا وممارساتنا أصبحت وسائل الإعلام كمدفعية لا تخطئ هدفها نحو أدمغتنا وأصبحنا عبارة عن مجرد رجال آليين تتحرك بحسب ما تصوبه تلك المدافع الفضية والكرستالية والورقية باثة فينا الأوامر والنواهي ونحن نردد بعدها إما كلاما أو ممارسة وكأن ما تقوله قانون يجب أن يتم تنفيذه. متناسين أن من صاغوه قد تكون نواياهم إما سياسية أو طائفية أو تعصبية وأكثرها ترويجية تجارية غرضها المال والفائدة. أعرف بأن هناك كثيرون سيصيحون في وجهي ويقولون: “نحن عقلاء وهل تعتبرنا لا نفهم ما يقولون وما يجب أن نفعل¿”. سيكون الرد غير مجدي مهما حاولنا مرارا أن نشرح لأن المعطيات قد أصبحت مدمجة مع ثقافتنا واعتبرنا أننا عندما نتبع فئة معينة اقتنعنا بها سابقا فهي الأنسب ولا داعي لضرب الأمثلة في هذا الجانب ولكن أنا لا أتكلم عن أشياء متعلقة بالفساد الأخلاقي أو دخول عادات وتقاليد غربية مخالفة لعاداتنا وتقاليدنا وأشياء من هذا القبيل فقط, ولكن ما أعنيه في هذا المقال المختصر هو سلبية كافة قنوات الإعلام دوليا وإقليميا ومحليا. حتى وإن اتهمني الإعلاميون بالمبالغة أو قد يقول الكثير منهم أنهم ينشروا ما يجب أن يتم نشره لتوعية المجتمعات وتثقيفها وإيضاح المعايير العالمية للأدب والثقافية والفكر والسياسة …الخ, ولكن كان يجب أن يسألوا أنفسهم عن من وضع تلك المعايير ولماذا¿ أليس هناك أجندات خاصة لكل قناة تلفزيونية أو محطة إذاعية تحدد ما يمكن نشره¿ ألا يوجد سياسات تمنع الصحف من نشر ما لا يتماشى مع سياسة الصحيفة ¿ والسؤال الأكثر أهمية لماذا تختلف المخرجات لكل وسيلة عن مثيلتها رغم تطرقهم لنفس الخبر ونفس الصورة أحيانا ¿ أعني هنا ما سبب اختلاف ما نراه في وسيلة عن أخرى¿! المقصود ليس التقليل من أهمية وسائل الإعلام لما تقدمه من خدمات إيجابية جليلة في عملية التثقيف ولكني أحاول أن أوجه كلامي إلى كافة شرائح المجتمع وأرى أنه لا بد من محاولة التفكير وقراءة وتنقيح ما يصلهم عن طريق وسائل الإعلام هذا لسبب بسيط هو أن الثقافة بمكوناتها المعقدة من أدب وتراث ومعالم وهوية أصبحت ملامحها تتغير بشكل غريب عن اليمن … ليس الإعلام السبب الوحيد لهذا ولكنه أقوى وأسرع الطرق!
أهم وظائف الإعلام هو التأثير وهناك العديد من النظريات الخاصة بتحليل الإعلام وأدواره كالتأثير والتشبع وصنع الرأي …..الخ, و معظم ما قرأته يشير إلى أن الإعلام ليس نزيها بالحد الذي كنت أعتقد ما دام هو من يصنع الرأي في أوساط المجتمع سواء كان ذلك الرأي صحيحا أم لا وكذلك هو من يصنع ويلمع الكثير من الشخصيات السياسية والأدبية والفنية والدينية وغيرها. الأحداث الماضية في البلدان العربية حركتها وسائل الإعلام وأثارتها وسائل الإعلام. إذن لا يجب ان نستغرب عند القول بأنه هو أيضا من يحشونا بالمعلومات ويصيغ الهوية ويحدد وينحت ملامح الثقافة حتى على مستوى الإعلانات الصغيرة التي تتخلل المشاهد والصفحات والتي أثرها أقوى وأكثر إهانة للعقل البشري. الإعلان يعاملنا كأطفال مثلا أو كحمقى ليرينا أننا إن لم نستخدم هذا المنتج أو ذاك سيكون عندنا نقص وخاصة إن استخدام خيالا جميلا وموسيقى هادئة وأدخل المشاهد في عالم قد يستهويه والنتيجة هي تفضيل منتج على أخر وهكذا.
ربما الإعلام سيف ذو حدين كما يقال ولكن حده السلبي أطول وأكثر إيقاعا وذلك لعدة اسباب أهمها البحث عن الفائدة المادية ومن ثم عمليات الدعاية الصاخبة التي غرضها تلميع شخصيات معينة تكون هي أو مؤسساتها من يدعم المشاريع الإعلامية ويمكننا فقط رؤية تزايد عدد قنوات التلفاز اليمنية على سبيل المثال والنظر إليها بدون تحيز سياسي أو مذهبي وسنكتشف أنها مبنية على أيدلوجيات سياسية ترفع البعض وتشوه البقية المشكلة لا تكمن فقط في عمليات التلميع وإنما استغلال العواطف وبناء أفكار وأوهام خاطئة وجعلها قانونا يسري على المجتمع. المجتمع اليمني بشكل عام قليل القراءة وإن وجد من يقرأ, ولا يمكن مقارنته مثلا بدول أخرى خاصة المجتمع الأمريكي ومع هذا فالشعب الأمريكي أول متهم من قبل فلاسفة الإعلام بأن وعيه مبني عن طريق الإعلام ولا يفهم إلا ما سمعه وشاهده من قنوات الإعلام … هذا وهو شعب مطلع , إذا فماذا نتوقع من سلبيات الإعلام في مجتمع نادر القراءة حتى إن صادف وأحب القرأة فستكون إختياراته حسب ما تم تعبئته من قنوات الإعلام.. سيسألني أي قارئ للموضوع اذا فما العمل ¿ الإجابة هي نقح ما ترى وقارن ولا تصدق كل ما تسمع ولا نصف ما تشاهد ..

قد يعجبك ايضا