جحيم الدراجات النارية في الحديدة

أ.د. أحمد الصلاحي

 - تفاقمت ظاهرة الدراجات النارية في مدينة الحديدة مشكلة كارثة بيئية بامتياز  ولم يقتصر ضررها على المحيط اللاعضوي بل يطال الكائنات الحية من بشر وشجر وحيوان
أ.د./ أحمد الصلاحي –

تفاقمت ظاهرة الدراجات النارية في مدينة الحديدة مشكلة كارثة بيئية بامتياز ولم يقتصر ضررها على المحيط اللاعضوي بل يطال الكائنات الحية من بشر وشجر وحيوان

تفاقمت ظاهرة الدراجات النارية في مدينة الحديدة مشكلة كارثة بيئية بامتياز ولم يقتصر ضررها على المحيط اللاعضوي بل يطال الكائنات الحية من بشر وشجر وحيوان .
بدأت الدراجات بالظهور بوتيرة كبيرة عند العام 0 9 9 1 م بعد عودة آلاف المغتربين من الخليج واضطرت بعض الأسر لتأجير الدراجات ونقل الركاب عليها مقابل أجر لمواجهة مصاريفها وهذه الوسيلة كان يفترض أن تكون مؤقتة وجزئية حتى يصار إلى إدماج معيلي تلك الأسر في النسيج الاقتصادي للبلاد. ولكن حصل العكس فقد غدت الدراجات وسيلة للاستثمار الطفيلي: يشتري شخص ما ميسور الحال عدة دراجات لغرض تأجيرها لأشخاص مقابل مبلغ يدفع له يوميا. ولانعلم مكانا في العالم تستخدم فيه الدراجات كوسيلة مواصلات مأجورة شأنها شأن الحافلات وسيارات الأجرة إلا في اليمن ذلك ان الدراجات تستخدم على نطاق محدود كوسيلة للمواصلات الشخصية فقط وتخضع لضوابط : كضرورة تزويدها برقم بعد تسجيلها في دوائر المرور علاوة على جهاز ماحق لكتم الصوت ومفلتر لثاني أوكسيد الكربون الذي ينبعث من عوادم الدراجات وأكثر من ذلك ضرورة أن تخضع هذه الدراجات لقوانين السير باعتبارها مركبة يسري عليها قانون المرور بما في ذلك وجوب أداء الضرائب اللازمة . ولكن المشكلة في اليمن وبالذات في مدينة الحديدة اتخذت منحى كارثيا. فقد انتشرت الدراجات ووصلت أعدادها إلى مئات الآلاف دون أن يتقيد مالكوها بقوانين السير فالآلاف من الدراجات تسير بدون أرقام وهي غير مزودة بكواتم للصوت وسائقوها لايتصرفون كسائقي مركبات من حيث قوانين السير وقواعد المرور . فتراهم يسيرون عكس الاتجاه ويخالفون إشارات المرور جهارا نهارا ويركبون على متن الدراجة 3 – 4 أشخاص بالإضافة اإى السائق. وهذا بحد ذاته أضحى مفسدة مابعدها مفسدة . ولكن هذا غيض من فيض مساويء تلك الدراجات التي أصبحت :
1 ) وسيلة من وسائل الانحطاط الأخلاقي في المجتمع – فالشتائم وألفاظ السباب المقذعة التي يكيلها سائقو الدراجات لمستعملي الطريق حدث فيها ولاحرج ولايسلم من بذاءتهم حتى رجال المرور. ثم يتم تسهيل ممارسات سيئة من قبل راكبيها (يخجل المرء أن يذكرها) .لقد غدت الدراجات وسائقوها يمثلون مدرسة متنقلة تعلم النشء مختلف أساليب الانحراف والانحطاط الخلقي والشذوذ والألفاظ الفاحشة الفاجرة .
2) أصبحت الدراجات كذلك وسيلة من وسائل ارتكاب الجرائم بأنواعها كالسرقة حيث يتم خطف حقائب النساء والرجال وأكياسهم بل حتى الهواتف النقالة من أيديهم بالإضافة إلى ارتكاب جرائم القتل حيث تم اغتيال قرابة 7- 8 شخصية مدنية وعسكرية خلال النصف الأخير من العام الفائت 2 1 0 2 م فقط باستخدام الدراجات وهذا قتل عمد. ولكن هناك الآف الحالات من القتل غير العمدي الناتجة عن الرعونة والتهور والاستهتار بأرواح البشر وكذلك هناك آلاف الجرحى والمعوقين من جراء إصابتهم في حوادث الدراجات. كما أن حوادث السير في 0 8 %من الحالات تكون بسبب الدراجات. والذي يسير في أي شارع لايمر عليه يوم الإ ويرى في اليوم الواحد العديد من الحوادث التي سببها الدراجات : تصادم فيما بينها أو فيما بينها وبين السيارات أو بين السيارات نفسها ولكن لأسباب ترجع للدراجات كالتجاوزات “الإجرامية” للطريق من طرف الدراجات .
3) الجانب الصحي: وهو أن عوادم الدراجات تنفث كميات رهيبة من السموم المتمثلة في ثاني أكسيد الكربون الذي يذهب مباشرة لرئة الإنسان مولدا الأمراض الصدرية والجلدية والسرطانية وغيرها حتى أنك لو وضعت شريحة زجاجية في الصباح لوجدتها بعد ساعات فقط وقد تشبعت بالغبار الذي علقت به مادة سامة ناتجة عن عوادم الدراجات والتي لايمكن إزالتها بالمسح العادي . وهذا هو التلوث الكيمياوي.
(يتطلب الأمر إجراء دراسات متخصصة لقياس الأضرار الصحية الناجمة عن هذا المصدر) أما التلوث الناتج عن الضجيج الرهيب الذي تصدره تلك الدراجات فحدث ولاحرج . تمر الدراجة ويظل الصوت الصادر منها يصم الآذان من3 إلى5 دقائق وهذا إذا كانت دراجة واحدة فكيف يكون الأمر اذا كان هناك سيل لاينقطع من الدراجات بل والأدهى من ذلك أنهم أتوا بتقليعة جديدة منذ أكثر من عام (بعد بداية الأزمة التي أصابت البلاد وذهبت بهيبة النظام والقانون أو ماتبقى منه) ألا وهي أنهم لايكتفون بالبوق الذي يجب ألا يستخدم إلا عند الضرورة والذي يأتي كجزء من الدراجة بل إنهم “ركبوا”ابواقا ضخمة الصوت

قد يعجبك ايضا