المد المذهبي والطائفي في المنطقة العربية ودور الأزهر الشريف

د . يحيى بن يحيى المتوكل

 - يبدو أن ديدن أغلب أصحاب الفكر والعلم والسياسة في اليمن وفي المنطقة العربية على حد سواء أصبح التغاضي عن السياسات التي تفصلها الدول الكبرى لمنطقتنا
د . يحيى بن يحيى المتوكل –
يبدو أن ديدن أغلب أصحاب الفكر والعلم والسياسة في اليمن وفي المنطقة العربية على حد سواء أصبح التغاضي عن السياسات التي تفصلها الدول الكبرى لمنطقتنا وشعوبنا وكذلك التغافل عن المؤامرات التي تحاك جهرا وسرا لخدمة مصالح وأغراض تلك الدول بل وفي غالب الأحيان لا يتنبه هؤلاء إلا وقد وقع الفأس على الرأس. ومن الطبيعي أن يترتب على مثل هذا الحال نجاح المخططات الخارجية في تحقيق أهدافها التدخلية دون مشقة تذكر طالما وأن الطريق ممهد وسالك نتيجة هشاشة المقومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدولنا ومجتمعاتنا والتي تسهل أيضا مساهمة أبناء المنطقة أنفسهم بدون وعي وأحيانا بوعي كامل في تنفيذ تلك المخططات نيابة عن الدول وأجهزة المخابرات الخارجية.
ومن هذه المقدمة أنتقل إلى ما وصلت إليه الأوضاع في المنطقة العربية بما فيها اليمن من شحن طائفي ومذهبي تجاوز كل الحدود وأطلق صفارة الخطر للتنبيه بمستقبل يفتقد أسس السلم الأهلي والعيش المشترك نتيجة تأجيج النزاعات الفكرية والصراعات المسلحة التي تقضي على الأخضر واليابس عندما تسود العيون وتعطل العقول. ونلحظ اليوم أكثر من أي وقت مضى مقدمات ومظاهر هذه النزاعات التي تغذيها وسائل إعلامنا دون حسيب أو رقيب ولتشكل برامج الشحن الطائفي والمذهبي نسبة لا يستهان بها يا ليتها وجهت لبناء الإنسان وتكوين وعيه بشكل إيجابي ليصبح مواطنا صالحا وفاعلا في مجتمعه. وإذا كان البعض منا ما زال يشعر بالقلق من هذا المد العارم والمليء بالمغالطات والتشويه وبث الأحقاد والكراهية فإن استمرار هذا الدور السلبي لوسائل الإعلام المختلفة يعزز مع مضي الوقت مشاعر الانقسام والتباغض التي ارتفعت حدتها في السنين الأخيرة نتيجة المماحكات السياسية للأحزاب وفشلها في أداء ناضج ينتصر لبرامجها الحزبية دون أن يمس مصلحة البلاد والوحدة الوطنية بسوء.
ويجب علينا في هذه اللحظة التاريخية والتي تتطلب من جميع الأطراف وقفة صادقة نقيم فيها المرحلة السابقة أو ربما عدة مراحل سابقة بسلبياتها الطاغية وإيجابياتها التي لا بد أن نذكرها وإن شحت يجب أن نشير إلى التدخلات الأجنبية والتكالب على التحالف مع الخارج وتنفيذ أجندات دول أخرى لا تتوافق مع ضرورات البلاد ومصالحه الوطنية. بل وأصبحنا نتحدث عن تلك التدخلات كمحمدة ومفخرة تحسب للبعض ولا نشعر بأي مندوحة تجاه ذلك لا في الداخل ولا أمام الخارج. والأغرب أننا نجاري تلك التدخلات إلى أقصى ما تتطلبه وبغض النظر عن النتائج على وحدة البلد ووئام أبنائه. إنها حقا لمهزلة وإحدى الكبر بل وزمن عجيب يخفت فيه ضوء من يتمسك بالقيم والمبادئ ويسطع نجم المنتصر للخارج ضد أبناء بلده لمصالح خاصة وأنانية. لقد عاش الشعب اليمني في الفترة الأخيرة سنتين عجاف كشفتا العورات وأظهرتا أقبح ما فينا من نزعات مناطقية ومذهبية وقبلية وأكثر من ذلك وجدنا جاهلية لا تختلف كثيرا عن عصر ما قبل الإسلام. ومع ذلك نسمع البعض يدندن بالأمجاد والحكمة اليمانية فيا لها من تناقضات ومغالطات!
إن أساس الوقفة الصادقة لا بد أن تضع أمام الجميع العديد من المسائل وعلى رأسها أمران هامان أولهما استمرار الارتهان للخارج وبشكل فج لا يراعي أبجديات الدبلوماسية والعلاقات الدولية ولا كذلك الحدود الدنيا لمشاعر الشعب مع استمرار السير وفق أجندات الخارج ومخططاته التي تحرص في الأول والأخير على مصالحه قبل مصلحة الداخل وهو ما أشرت إليه أعلاه. وثاني الأمرين ما وصلت إليه البلاد من شحن طائفي ومذهبي تؤجج ناره الأطراف الخارجية كصدى لما تعيشه المنطقة من صراعات واحتراب يحقق مآرب الخارج وخاصة الدول الكبرى. وكأن هذه الأطراف الخارجية قد نجحت في إعادة رسم الصراعات الطائفية والمذهبية التي غذتها في فترات مختلفة من تاريخ المنطقة الأسود. وفي حين أن اليمن نجح في إيجاد تعايش بين المذهبين الشافعي والزيدي اللذين سادا البلاد خلال أكثر من عشرة قرون نتيجة احترام كل فكر للآخر فإن تلك المعادلة اختلت وانحرفت بشكل كبير جراء التأثيرات الخارجية والضعف الداخلي الذي ساعد على الخضوع لها حتى لو أدت إلى زعزعة السلم الاجتماعي والوئام المجتمعي. وقد كان للنظام السابق ومن منظور سياسي ضيق مصلحة في توفير بيئة مواتية وحاضنة لتلك التأثيرات إما إرضاء للخارج وإمعانا في إظهار الولاء له أو درءا لخطر عليه من الداخل حسب اعتقاده وتصور بعض قياداته.
وفي ظل تلك الظروف التي امتدت عقودا من الزمن ومع غياب دور إيجابي لوسائل الإعلام وأجهزتها وكذلك لوزارة الأوقاف عبر دور الإرشاد والمساجد كان لا بد أن تنمو بذور ا

قد يعجبك ايضا