في مواجهة قطاع الطرق

جمال أنعم

 - 

□..  فرك عينيه طويلا وهو يحدق في الصورة الجديدة بدا الواقع فوق إمكانياته على التصديق فوق ما يتوقعه أو يتقبله عقله المحكوم بنسق مغلق من الصورة والتصور كان من الطبيعي أن يصاب بعمى لحظي أو ارتباك بصري وهو يفتح عينيه على مشهد ضاج بالضوء
جمال أنعم –
□.. فرك عينيه طويلا وهو يحدق في الصورة الجديدة بدا الواقع فوق إمكانياته على التصديق فوق ما يتوقعه أو يتقبله عقله المحكوم بنسق مغلق من الصورة والتصور كان من الطبيعي أن يصاب بعمى لحظي أو ارتباك بصري وهو يفتح عينيه على مشهد ضاج بالضوء تسطع فيه صور أخرى لم يألفها من قبل هذا الخارج من عتمة الصورة الواحدة التي حددت رؤيته وأفكاره ومواقفه على امتداد عقود كما حددت هوامش بسيطة دائمة التقلص والانحسار لما سواها من الصور.
ربما احتاج البعض في البدء لأن يفرك ما هو أكثر من عينيه كي يصدق أن الوضع قد تغير بالفعل وأن الصورة اختلفت تماما وأن اليمن تضع أوزارها وتحدد وجهتها المستقبلية وترسم ملامح وجهها الجديد بعد زمن طويل من التيه والضياع وانطماس الحضور.
في جنازة» فرانكو» ديكتاتور اسبانيا كان أحد وزرائه المسكونين بالرعب يسأل بجزع وارتعاش غير مصدق أأنتم واثقون أن هذا العجوز(مشيرا لصورة فرانكو)قد مات حقا وأنه يرقد الآن في هذا التابوت ¿
ربما احتاج البعض إلى إعادة تأهيل كي يتقبلوا حقيقة ما حدث ويحدث. ثمة من يتخذ موقفا إنكاريا يائسا إزاء حركة الزمن لا يريد الاعتراف بأن ثورة قامت وأن زلزالا كبيرا حصل وأننا قد غادرنا الفرد حاكما وحكما إلى غير رجعة.
من الغريب أن يرى البعض مصلحته في التشبث بمركب غرقت وآلت إلى الزوال.
تنجز اليمن تحولا يكفل تدارك العمر وتصويب المسار ويوفر إمكانيات هائلة للطاقات التي حكمت عليها مواضعات الاستبداد والفساد بالرضوخ للعطالة والبطالة بأن تفصح عن نفسها وتؤكد وجودها الفاعل والخلاق على نحو يعيد لها الاعتبار ويرفع من رصيدها الوطني ما يعوض عليها كل خسارات الأمس.
إن الأسوأ حظا هو من لا يستطيع اليوم التقاط الفرصة السانحة للتعويض وهي أقرب إليه مما تعد به عقود اليباب لا يحتاج اليمنيون لمن يدلهم على من يحاولون الوقوف في طريق حاضرهم ومستقبلهمتعرف اليمن جيدا كل قطاع الطرق الذين مازالوا يصرون على تعويق نهضتها وعرقلة تقدمها نحو الأمام وإبقائها أسيرة التخلف وحبيسة الاستبداد ورهينة الفساد. تعرف اليمن جيدا مطباتها التاريخية العتيقة التي ظلت طويلا تستبد بطريقها. تحكم سيرها وتحدد حركتها وسرعتها وتفرض شروط الانتقال والتجاوز بما يبقيها سيدة الطريق بلا منازع. تعرف اليمن مطباتها وحواجزها المقتلعة من ذاكرة الزمان والإنسان والمكان.
هي اليوم موكب واحد يسير بقوة واندفاع لا مطب يمكنه قطع الخطو ولا حاجز يستطيع شطر الروح.

قد يعجبك ايضا