أنا مقهور!!

عبدالرحمن بجاش


 - { أستوديو الجنوب في باب اليمن وتحديدا في عمارة إسحاق والذي كان ذات مرحلة فندق السلام للعم محمد قاسم والد ناشر وجميل يوم أن كان فندق صنعاء أشهر فنادقها فكان السلام بلونه الأصفر كـ «موفنبيك» الآن!!
عبدالرحمن بجاش –

أستوديو الجنوب في باب اليمن وتحديدا في عمارة إسحاق والذي كان ذات مرحلة فندق السلام للعم محمد قاسم والد ناشر وجميل يوم أن كان فندق صنعاء أشهر فنادقها فكان السلام بلونه الأصفر كـ «موفنبيك» الآن!! ظلت اللوحة القديمة المميزة للأستوديو حتى وقت قريب وكلما مررت ألمحها وأشعر أن ثمة علاقة روحية بيني وبينها حتى جاءت اللوحات النيون الجديدة ليزيح هائل القديمة ويرفع الجديدة التي لا روح لها!! وهائل صاحب الأستوديو وقد عرفته مبكرا يوم كنا جيرانا في باب اليمن نحن في مخبز الروتي وهو يصور وجوه أولئك الرجال من أفراد الصاعقة والمظلات وألوية النصر والثورة والعروبة والمشاة وكل وحدات القوات المسلحة من كل البلاد الذين تواروا احتراما لأنفسهم ولإحساسهم بأنهم أدوا واجبهم فتراجع معظم منú ظل حيا لم يستشهد إلى قراهم وظلت صورهم زمنا طويلا تزين فاترينة أستوديو الجنوب وتسيد المشهد منú لا أدوار لهم حتى مررت ذات صباح لزيارة هائل فلاحظت أن صور الديجيتال قد حلت في الفاترينات سألت عن الرجل لم يكن موجودا فذهبت.
وقبل أيام صحوت مبكرا وذهبت إلى باب اليمن كان اليوم يوم إجازة عيدية وأول ما لاحظت هناك نظافة المساحة التي أمام باب اليمن ونظرت شزرا إلى المبنى إلى اليسار من الباب فتولاني شعور بالغثيان لبشاعته!! وجدت صاحبي هائل الذي لا يزال شابا من هيئته وذهبنا نتذكر أيام باب اليمن يوم أن كانت صنعاء تتمدد بين الباب والميدان!! جلت بنظري داخل المكان فلاحظت ألا أثر لأي صورة كنت أنوي كتابة تحقيق وأستفيد من الصور للعيد الخمسين لسبتمبر قلت أحدث نفسي : أكيد نقلن إلى المخزن فسألت وصعقت وضاق بي الأستوديو سألت هائل : أين صور زمان¿ وقد أحس أنني جئت من أجلها : أخي «لفلف» كل الصور والأفلام وحفر حفرة هناك قريب الصعدي وأحرق كل شيء يا للهول – على طريقة عميد المسرح العربي يوسف وهبي – صرخت أعماقي : وأين هو¿
– مات.
آح قلتها للعم هائل : ليش يا هائل ليش¿ ظللت لدقائق أحدثه بلا رغبة في الحديث ولولا مراعاة دواعي الاحترام لصرخت في وجهه : لماذا¿ ليس الذنب ذنب هائل بل ذنب التخلف الذي يعمي أبصارنا ذنب الثقافة والمتحف العسكري ذنب الحساسية الفجة تجاه هذا وذاك نتيجة ما حدث في الستينيات ذنب الجهل بأهمية الأشياء لا أوجه اللوم لهائل الذي يبحث عن لقمة عيشه وقد يكون معذورا إذ من الذي يهمه أمر الصور¿ فالمارة يبحثون عن اللون!! خفت أن أسال وأينما كان على واجهات فاترينات أستوديوهات أروى وبلقيس والنجم ولقطات الرموش والسريحي وغيرهم¿
يا رب لöم نهدر تاريخنا بأيدينا¿ حتى تلك اللقطات النادرة التي كانت وراء زجاج أستوديو عبدالرحمن أحمد عمر في الشيخ عثمان تبخرت ولا جهة اشترتها ولو بفلوس الأرض أنا متاكد لو أن متحف عدن العسكري طلبها من الرجل قبل أن يتوفاه الله لأهداها بدون مقابل الآن أولاده تخلصوا منها ربما في أقرب برميل قمامة!! وهم الآخرون معذورون لأن لا أحد قال لهم هذا تاريخ ونحن سنحفظه لكم ولنا إذا كانت مقهاية الشهداء قد أزيلت في الشيخ عثمان – حسب زميلي صالح الدابية – وتحول المبنى الجديد إلى لوكندة والدكة التي كان الشيخ الحكيمي في دار سعد يستقبل عليها ضيوفه تحولت إلى مكان لبيع قصب الحيوانات يا الله… والتاريخ كله إلى مجرد ذكرى!! كم أنا مقهور وكم أدúع لك بطول العمر يا أبانا القاضي علي أبو الرجال فجميلك على رؤوسنا ولا رحم الله من اختصروا الوطن بمقاسهم ومسحوا كل ذكرى لمن قدموا حياتهم في الجبال!! ويا قهري.

قد يعجبك ايضا