السرد الأدبي وواقع الكتابة الدرامية في اليمن 2-2

صالح علي البيضاني


صالح علي البيضاني –
والأمر ذاته نجده عند شيخ القصاصين / عبدالله سالم باوزير(1938م – 2004م) والذي نشر أولى قصصه بصحيفة «الطليعة» بالمكلا في ديسمبر من العام 1961م وهو لا يزال في الثالثة والعشرين من العمر وتواصلت إبداعاته السردية بعد ذلك ليكون صاحب ثالث مجموعة قصصية يمنية صدرت طبعتها الأولى في العام 1965م «الرمال الذهبية» والتي أتت بعد مجموعتي صالح الدحان (أنت شيوعي) عدن دار البعث 1956 وأحمد محفوظ عمر (الإنذار الممزق) عدن مطبعة الجماهير 1960).
وقصص باوزير تسرد واقع الحال في عدن في الستينات من القرن الماضي وحملت الكثير من المضامين الاجتماعية والسياسية في ذلك الوقت فقد كان يشاهد تفشي العديد من الموروثات الاجتماعية السيئة التي ساهم الجهل في تفاقمها ففي قصة «المبروك» يتحدث عن الدجل الذي يمارس ضد الناس البسطاء وإيمان الناس به فقد استطاع ذلك الشخص الذي أطلق عليه البسطاء اسم «المبروك» أن يخدعهم ببركته الزائفة التي تناقل الناس أحاديثها وأعاجيبها عن قدرته الخارقة على الشفاء ومعالجة الأمراض وطرد العفاريت..
حتى ترك البسطاء من أهل القرية منازلهم ذات يوم بحجة أن العفاريت قد سيطرت عليها كما قال لهم «المبروك» المزعوم الذي طلب مبلغا ماليا من كل واحد منهم لرشوة العفاريت لمغادرة القرية غير أن أهل القرية العاجزين عن دفع هذا المبلغ هم الذين يضطرون لمغادرة منازلهم في نهاية المطاف.. ليأتي الخلاص على يد «سعيد» الذي أتي من الخارج ليتحدى أساطير المبروك ويفضحها في نهاية المطاف..
وعلى ذات المنوال يتطرق باوزير في قصة «شجرة الشيطان» لزراعة «التنمباك»..
وفي قصة «المتسللون» والمنشورة في صحيفة الطليعة بتاريخ 11/4/1963م نطالع الحس الوطني المبكر لدى باوزير من خلال القيم التي وردت بين سطور القصة فهو يتحدث عن زوج «أم الخير» الذي بارح المنزل «ليدافع عن قريته وليفتدي ثورته التي أطاحت بالملكية الباغية» كما أنها «عرفت كل شيء من ذلك الشاب الذي يقود المعركة ضد المتسللين الذين بعثهم الاستعمار والرجعية..»… وهكذا نقف في كل سطور القصة أمام قيم البطولة والوطنية التي حاول باوزير أن يؤججها محولا قصته الى قذيفة في وجه الاستعمار والملكية و«المتسللون» حاول أن يرمز بهم للطابور الخامس من المرتزقة والعملاء..
وفي قصة «السكران» لاتغيب القضايا الاجتماعية والإنسانية عن ذهن باوزير فهو يصور حالة الانهيار المروع لأسرة كانت تعيش سعيدة قبل أن يدمن معيلها الكحول وتنتهي حياته بشكل مأساوي مخلفا أسرة ممزقة..
وفي قصة «طريق الخطيئة» وكما هو أسلوب باوزير في تصيد المفارقات في قصصه يسرد قصة الطريق الى الخطيئة التي جمعت مصادفة بين أحمد وبين ابتسام الفتاة المثقفة التي رفضته زوجا لها بحجة بحثها عن الحرية لترتضي به خاطئا في طريق الخطيئة الطويل الذي سلكه.. وعلى ذات السياق الذي يعرض فيه باوزير العديد من القضايا والمشاكل الاجتماعية بأسلوب سردي سلس وممتع نقرأ «اعلان زواج» والذي يسرده باوزير على لسان فتاة جميلة ومغرورة يحاول أهلها استثمار هذا الجمال بالبحث عن زوج ثري لم يأت يوما الأمر الذي جعل تلك الفتاة ضحية للغرور والحرمان لتقع فريسة سهلة في يد «سائق» عابر لكن ذلك لم يوقف غرورها الظاهري الذي يخفي خلفه فتاة ممزقة تبحث عن زوج لن يأتي!!
ويواصل عبدالله سالم باوزير في «الرمال الذهبية» استخدام أدواته السردية الخاصة التي يستمدها من موهبة فذة صقلتها قراءته الدائمة وتجاربه المتعددة والمبكرة في الحياة فنراه يستخدم أسلوب الصدمة والمفاجأة في الكثير من قصص المجموعة كما في قصته «عندما نلتقي» التي يتحدث فيها عن قصة الحب التي جمعت ذلك الشاب بإحدى الفتيات التي هام بها حبا غير أنه يقف في نهاية المطاف مذهولا وهو يشاهد «الدبلة» في يدها فيقول حينها:«لماذا لم تصارحني من الأول.. لماذا تركتني أحبها كل هذا الحب وهي مخطوبة¿ لماذا تخدعني…لماذا..¿ »
غير أنها تفاجئه بقولها:«أنها مخطوبة.. بس مش لحد ثاني غيرك»
والصدمات في قصص باوزير لاتنتهي عند هذه اللحظة.. فقد نسي بطل قصة «عندما نلتقي» أن يقول شيئا بعد كل هذا العتاب الذي دار بينهما.. لقد نسي أن يقول لها أنه متزوج!!
وفي قصة «النافذة المفتوحة» يعود القارئ ليتلقى صدمة أخرى تأتي من خلال قصة حب متوهمة لبطل القصة الذي يعيش قصة حب من خلال النافذة المقابلة التي تسكن فيها الأسرة «الفارسية» وابنتها ذات الستة عشر ربيعا والتي لاتجيد العربية غير أن البطل يعتقد أن التغيرات التي طرأت عليها أخيرا هي نتيجة لنظراته الساحرة التي جعلته يعيش حالة حب انتهت بزواج الفتاة من شاب وسيم من جنسها!!
وفي قصة «ليلة من عمري» تتكشف الأماني عن حلم جميل يفيق على الحقيقة المرة.. فالاقتراب من الفتاة الجميلة في المطعم ومداعبة ساقيها الر

قد يعجبك ايضا