رمضان والاستهلاك التلفزيوني

جميل علي‮ ‬محسن النويرة –


جميل علي‮ ‬محسن النويرة – –
في‮ ‬شهر رمضان المبارك تسجل مشاهدة التلفزيون أعدادا قياسية من الناس في‮ ‬معظم ساعات اليوم والليلة‮ ‬ولا أملك إحصائيات دقيقة في‮ ‬هذا المجال ولكن نميل إلى الاعتقاد أن مشاهدة التلفزيون تبلغ‮ ‬مرتبة الذروة في‮ ‬هذا الشهر الفضيل‮ ‬
‮> ‬هناك مؤشرات عدة تؤكد هذا الاعتقاد أهمها احتفال تلك القنوات بهذا الشهر‮ ‬وإكثار الحديث عن الاستعداد له فكل القنوات والفضائيات تتحدث عن جديد رمضان‮ ‬ويتطور الأمر إلى نوع من التباري‮ ‬والمنافسة الخفية بين مختلف الفضائيات‮ ‬‮ ‬ولا نخفي‮ ‬أن التلفزيون في‮ ‬شهر رمضان قد استطاع أن‮ ‬يحدث تغييرا ملحوظا في‮ ‬العديد من العادات والتقاليد في‮ ‬العالم العربي‮ ‬واليمني‮ ‬بشكل خاص‮ ‬فالتلفزيون قد‮ ‬يكتسح بؤرة الاهتمام‮ ‬أكثر فأكثر ويكيف الأذواق‮ ‬ويخلق مربعات مشتركة‮ ‬سواء تعلق الأمر بالسخرية والتندر في‮ ‬التعبير عن النماذج الاجتماعية المقبولة‮ ‬أو المرفوضة‮ ‬ويخلق شخصيات محبوبة أو مرفوضة‮ ‬
‮> ‬ولا نغالي‮ ‬إن بالغنا في‮ ‬القول أن شهر رمضان الكريم هو شهر الاستهلاك الأقصى للتلفزيون‮ ‬مثلما هو شهر الدرجات العليا من الاستهلاك الغذائي‮ ‬عامة ومن الأطعمة والحلويات خاصة‮ ‬وتتحلق الغالبية العظمى من سكان الوطن العربي‮ ‬حول مائدة الإفطار فيما الأعين مشدودة إلى الشاشة الصغيرة تترقب أذان المغرب‮ ‬ولهذا‮ ‬يظل التلفزيون بؤرة الاهتمام ومحط الأنظار في‮ ‬السهرات الرمضانية حيث أن السهر والتزاور من عاداتنا العربية الراسخة وتتوجه الأنظار إلى الشاشة الصغيرة في‮ ‬فترات الكسل والخمول التي‮ ‬تسبق موعد الإفطار‮…‬
‮> ‬واقع الاستهلاك التلفزيوني‮ ‬في‮ ‬شهر رمضان الكريم‮ ‬يحمل على التنبيه إلى جملة من المعطيات والتي‮ ‬تستوجب التوضيح بطبيعة الأمر‮ ‬وكما تدفع إلى طرح جملة من الأسئلة تتصل في‮ ‬نهاية الأمر بواقع المجتمع اليمني‮ ‬ومن أهمها أنه في‮ ‬الآونة الأخيرة ظهرت القنوات اليمنية الجديدة الحكومية والخاصة‮ ‬وأخذت معظمها تستهوي‮ ‬وتستقطب المشاهد اليمني‮ ‬وتحاول التأثير عليه بكل الوسائل ولكن الملفت في‮ ‬ذلك كله هو بحث تلك القنوات عن المسلسلات الهزلية والتي‮ ‬تحوي‮ ‬مكونات درامية‮ ‬يائسة من حيث المعايير الجمالية والتقنية‮ ‬والبعض منها‮ ‬يوفر جل الإمكانات لإنتاج برامج لا فائدة ولا قيمة لها معرفيا ولا علميا‮ ‬كل ذلك كان على حساب برامج الإرشاد الديني‮ ‬التي‮ ‬يحتاج إليها الجميع في‮ ‬الهداية والتنوير‮ ‬وتبصير المجتمع بقواعد الدين الصحيح ولو باسلوب بسيط ومسير‮ ‬وكذلك على حساب برامج الأطفال المفيدة‭ ‬لقد تجاهلت تلك الفضائيات حاجات المشاهد اليمني‮ ‬وأبعدته عن واقعه الاجتماعي‮ ‬ومشاكله الاقتصادية التي‮ ‬هي‮ ‬الأولى بالعلاج والنقاش بشكل درامي‮ ‬مميز‮..‬
‮> ‬وإجمالا نقول إن التلفزيون قد أحدث في‮ ‬بلاد العرب ثورة عظمى أصبح بموجبها من التأثير على العقول والنفوس وطرائق الإدراك أثر بالغ‮ ‬بحيث أن التلفزيون قد أصبح كما‮ ‬يقول أحد الفلاسفة المعاصرين‮ «‬وسيلة فوق واقعية‮ ‬وكما كتب أحد علماء الاجتماع العرب‮» ‬نحن نستمد وعينا عن الواقع من التلفزيون‮.. ‬فأي‮ ‬شيء لا‮ ‬يذاع في‮ ‬تلك الشاشة‮ ‬يظل أقل واقعية‮ ‬ولذا‮ ‬يجب علينا أن نأخذ ما‮ ‬يفيدنا في‮ ‬هذه الشاشة الصغيرة ونترك ما‮ ‬يتنافى مع العادات والتقاليد وخصوصية الشهر الفضيل‮ ‬ولا نسمع ولا نشاهد بعواطفنا إنما بعقولنا‮ ‬ونأمل أن‮ ‬يكون التلفاز أداة استعلام و

قد يعجبك ايضا