قوة حضور المرأة المبكر في اليمن
أحمد يحيى الديلمي
أحمد يحيى الديلمي –
عرف معاوية بن أبي سفيان بالدهاء والقدرة على موازنة الأمور واختيار المواقف فكان بحق أول من اختط فكرة أن السياسة فن الممكن استنادا إلى فلسفة الشعرة فقد خاطب الجالسين معه بغضب.
– أتدرون من هذه الواقفة أمامكم إنها سيدة قومها إذا نهضت ينهض معها ثلاثمائة الف فارس.
الموقف بقدر ما يدل على دهاء معاوية فإنه يعكس قوة حضور المرأة اليمنية المبكر في تحمل أعباء الحياة إلى جانب الرجل بما في ذلك قيادة الجيوش في الحروب.
نعود إلى الحوار بين معاوية وسودة فلقد ظل محتدما ومعاوية يخفي غضبه ويكتم غيضه لا خوفا من سودة بل تحسبا لردود أفعال قومها وكان منهم أعداد كبيرة التحقوا بجيش دولة الخلافة.
ظل معاوية يعاتب ويزجر من إلى جواره من المستشارين ويتابع ردود فعل سودة من خلال تقلبات وجهها ثم خاطبها بتودة:
– قد سامحتك عن كل ما بدر منك فقولي حاجتك نظرت إليه سودة وأطالت النظر في وجهة وقالت:
– لماذا تحملني الثقيل أنا لم اخطئ ولم أطلب السماح ولم تنتظر الرد من الخليفة بل أضافت:
– يا أمير المؤمنين إنك للناس سيد ولأمورهم مقلد والله سائلك عما افترض عليك من حقنا ولا تزال تقدم علينا من ينهض بعزك ويبسط سلطانك وإن حصدنا حصد السنابل وداسنا دياس البقر ويسومنا الحسيسة ويسألنا الجليلة هذا ابن ارطأة قدم بلادي وقتل رجالي وأخذ الأمور ولولا الطاعة لكان فينا عز اومنعة فإما عزلته فشكرناك وإما لا فعرضناك.. اشتد غضب معاوية وقال:
– إياي تهددين بقومك¿ والله لقد هممت أن اردك إليه على قتب شرس فينفذ فيك حكمه سكتت سودة لحظات ثم انشدت:
صلى الإله على روح تضمنه
قبر فأصبح فيه العدل مدفونا
قد حالف الحق لا يبغى به بدلا
فصار الحق والإيمان مقرونا
سألها معاوية كنوع من الاستدراج وإلا فهو يعلم بقصدها وعن ما تتحدث قال:
– من ذلك الذي تعنين ثم أجابت سودة: علي بن أبي طالب رحمة الله عليه من غيره.
قال معاوية ما أرى عليك منه أثرا ردة سودة بلى يا أمير المؤمنين أتيته يوما في رجل ولاه صدقاتنا فكان بيننا وبينه ما بين الغث والسمين فلما دخلت على أبي الحسن وجدته قائما يصلي فما إن انفك من صلاته قال برأفة وتعطف:
– ألك حاجة¿
– فلما اخبرته خبر الرجل بكى ثم رفع يديه إلى السماء وقال:
– اللهم إني لم آمرهم بظلم عبادك ولا ترك حقك ثم أخرج من جيبه قطعة من جراب وكتب فيها «بسم الله الرحمن الرحيم قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ».
أما بعد إذا أتاك كتابي هذا فاحتفظ بما في يدك حتى يأتي من يقبضه منك والسلام» ثم خاطبت معاوية قائلة: فاغفر له يا أمير المؤمنين ما خزمه بخزام ولا ختمة بختام تعني بسر بن أرطأة.
وجه معاوية المستشارين الجالسين معه قائلا: اكتبوا بالانصاف لها والعدل عليها.
قالت سودة: إلى خاصة لا والله قال معاوية: وما أنت وما غيرك¿
قالت سودة بانفعال شديد:
– هي والله إذا الفحشاء واللوم إن كان عدلا شاملا وإلا يسعني ما يسع قومي نظر إليها معاوية بازدراء وقال:
– هيهات لمثلكم بابن ابي طالب الجرأة لقد غركم بقوله:
– فلو كنت بوابا على باب جنة.. لقلت لهمدان ادخلوا بسلام وقوله:
ناديت همدان والأبواب مغلقة
ومثل همدان أن سنى فتحة الباب
فالهند واني لم تغلل مضاربه
وجه جميل وقلب غير وجاب
اكتبو لها حاجتها.
تهلل وجه سودة بالفرح ولم تعد إلى قومها إلا ومعها الوالي الجديد وأمر بعزل بسر بن ارطأة عمت الفرحة أرجاء المدن اليمنية أما صنعاء فلم يفرح أبناؤها كما حدث عند عزل بسر من الولاية .
قبر الكافر
> من القصص التي كشفت عن طبيعة العلاقة الحميمية بين اليمنيين والإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه القصة التي انتهت بمعلم قبر الكافر بمنطقة مذبح ولعل هذه العلاقة هي التي جعلت الإمام علي يبالغ في وصف أهل همدان والقصد هنا لا يخص همدان الحالية الموجودة بالقرب من صنعاء لكنه يعني القبيلة العصية همدان بن زيد التي يرجع إليها معظم القبائل اليمنية التي نالها نصيب وافر من التنكيل والظلم في زمن ولاية بسر بن ارطأة كأبرز المهام التي أوكلت إليه ممثلة في تقليم أضافر شيعة الامام علي.
وتقع صنعاء في منتصف الخارطة الجغرافية لامتدادات القبيلة