ليلة إيقاد الشعلة!

عبدالخالق النقيب

مقال 


 - 
 المفاهيم المتصلة بالمناسبات الوطنية عادة ما نترك مهمة غرسها وتأصيلها في نفوس الأبناء والأجيال للظروف والمصادفات لتتولى صياغتها بطريقة ارتجالية وعبثية وغالبا لا نأبه لها حتى و
عبدالخالق النقيب –

مقال 

> المفاهيم المتصلة بالمناسبات الوطنية عادة ما نترك مهمة غرسها وتأصيلها في نفوس الأبناء والأجيال للظروف والمصادفات لتتولى صياغتها بطريقة ارتجالية وعبثية وغالبا لا نأبه لها حتى وإن كنا نلحظ أنها تختط طريقها للتلاشي والانقراض الارتباط بوهج الثورة السبتمبرية ومهمة إنعاش قيمها الخلاقة لا يجب أن تقتصر على المنهج المدرسي العقيم أو الدور الإعلامي الباهت تأسيس ذلك الارتباط يبدأ من داخل الأسرة .
> مازلت أتذكر الغبطة والسرور وهي تحتفر على وجه أبي ـ طيب الله ثراه ـ فرحا وابتهاجا بالثورة السبتمبرية الرجل بسيط للغاية حياته محاطة بالحظ العاثر ذاكرتي مازالت تنثر أمامي كيف كان يبتهج بشهر سبتمبر ويحيطنا بأجواء ثورية كاملة يدخر من المال ما يكفي للقيام برحلة أسرية في الليل تحديدا ليلة إيقاد الشعلة نذهب بمعيته إلى القبر المصري (منطقة عصر) حيث نطل على العاصمة من هناك وهي مزدانة بالقناديل والأضواء أتذكر جيدا حرصه على أن يتتبع الرؤية عله يلتمس شيئا من احتفائية إيقاد الشعلة بالتحرير من عصر حيث القبر المصري ورمزيته الثورية أيضا كان يحصي لنا شوارع صنعاء المزدانة والأكثر وهجا حيث تتجلى الأضواء والقناديل الملونة في شارع الزبيري الممتد حتى باب اليمن خط المطار برج تليمن اليمنية تلك المباني التي احتفرت في ذاكرتي وكانت تمثل معالم العاصمة صنعاء حينها من أعلى قمة جبل نقم تتجلى الأضواء وقد كتبت 26سبتمبر كنا لا نبرح مكاننا حتى تنتهي الألعاب النارية التي تطلق من نقم والعرضي والمناطق الممتدة باتجاه المطار والعاصمة شمالا.
> غير أن أبي ـ رحمه الله ـ أحد من تسلح إبان الثورة والتحق بالجيش الجمهوري وشارك حتى وصل مع رفاقه الأحرار إلى محافظة حجه ثمة شيء آخر يبدو لافتا ويجعلني أجزم أنه كان ثوريا سبتمبريا حتى النخاع أنني كما أخوتي لا نتذكر أننا خرجنا في رحلة ترفيهية في حياته قط سوى مداومته وحرصه على ليلة إيقاد الشعلة التي كنا لا نشعر بسعادة كسعادتنا بتلك الليلة حديثه عن الثورة ومغامرات الثوار الثلايا والعلفي والزبيري وغيرهم وحكايا الجنود المصريين الذين شاركوا في الثورة لا تنتهي كنا نستعذب الحديث ونكاد نفهمه وندركه رغم أننا كنا صغار السن لم تنقطع عادتنا برحلة ليلة إيقاد الشعلة كنا ننتظرها ونترقب موعدها طوال العام حتى أصبحت الرحلة تمثل رمزا لارتباطنا بثورة السادس والعشرين من سبتمبر.
> ظلت ذاكرتنا مع الوالد خالية من الرحلات عدا ليلة إيقاد الشعلة اليوم أدركنا مدى تأثير ذلك علينا وسر تعلقه الشديد بتلك الليلة تعاقبت السنوات وصار لدينا أطفال وتغيرت معالم حياتنا كثيرا إلا أن تفاصيل ليلة إيقاد الشعلة مازالت متوهجة في ذاكرتنا.. أفخر بوالدي السبتمبري.

قد يعجبك ايضا