الحديدة‮.. ‬عاصمة المجاري‮ ‬

د‮. ‬محمد حسين النظاري‮ ‬

 - لا تحتاج الحديدة الى قرار جمهوري‮ ‬ليضيف لقب العاصمة لها‮ ‬فالحال بها ليس كصنعاء العاصمة السياسية‮ ‬ولا عدن العاصمة الاقتصادية‮ ‬ولا تعز العاصمة الثقافية‮ ‬ولا إب العاصمة السياحية‮ ‬مع أنها بموقعها وتراثها وثرواتها وناسها تستطيع أن تكون مثلهم فرادى أو مجتمع
د‮. ‬محمد حسين النظاري‮ ‬ –

لا تحتاج الحديدة الى قرار جمهوري‮ ‬ليضيف لقب العاصمة لها‮ ‬فالحال بها ليس كصنعاء العاصمة السياسية‮ ‬ولا عدن العاصمة الاقتصادية‮ ‬ولا تعز العاصمة الثقافية‮ ‬ولا إب العاصمة السياحية‮ ‬مع أنها بموقعها وتراثها وثرواتها وناسها تستطيع أن تكون مثلهم فرادى أو مجتمعين‮ ‬لكن ما‮ ‬يحز في‮ ‬النفس أن الألقاب قد استثنت عاصمة الأشاعرة‮ ‬ولم‮ ‬يعد إلا اللقب الذي‮ ‬لا‮ ‬يكاد‮ ‬يفارقها‮ ‬عاصمة المجاري‮ ‬قد‮ ‬يظن القارئ أن الأمر مبالغ‮ ‬فيه‮ ‬وله الحق في‮ ‬تصور ذلك فهو إن كان خارجها‮ ‬لا أن‮ ‬يعيش بين مستنقعات المياه القذرة‮.‬
إذا أردت أن تسير بين أزقة الحديدة وحواريها‮ ‬فإما أن تكون على متن سيارة‮ ‬أو ترتدي‮ ‬أحذية تصل حواشيها الى ركبتيك‮ ‬ورغم ذلك لن تسلم من الأذى‮ ‬فالسيارات والموترات لن‮ ‬يدعك تمر بسلام دون أن‮ ‬يلطخ ثيابك من برك المياه المنتشرة في‮ ‬كل مكان.كان الحال أهون لو ظلت المجاري‮ ‬في‮ ‬الأزقة‮ -‬رغم وساختها‮- ‬ولكن المصيبة أن تغزو بيتك‮ ‬وتجدها وقد شاركتك فراشك‮ ‬واختلطت بمياه شربك‮ ‬إن ذلك للأسف ما‮ ‬يحدث في‮ ‬كثير من حواري‮ ‬مدينة الحديدة‮ ‬حتى أصبحت هما‮ ‬مؤرقا‮ ‬للسكان خارج المنزل وداخله‮.‬
المتجول في‮ ‬شوارع‮ ‬يخال الأماكن الداخلية فيها جميلة كشواطئها‮ ‬ومتنزهاتها التي‮ ‬لا‮ ‬يستفيد منها إلا المتنزهون من خارجها‮ ‬أما السكان فهم في‮ ‬معاناة مستمرة فالكهرباء من جهة والمجاري‮ ‬من جهة أخرى وانقطاع المياه من جهة ثالثة‮ ‬والى جانب ذلك كله حرارة لا توصف بل تحس لهيبها الأجساد‮ ‬عاصمة المجاري‮ ‬لا تحتاج الى حلول ترقيعية‮ ‬فالشبكة متهالكة‮ ‬وقد تم تأسيسها عندما كان سكان المدينة لا‮ ‬يساوون ربع سكانها اليوم‮ ‬وبالتالي‮ ‬فإن الجهود الحقيقية‮ ‬يجب أن تنصب على تأسيس شبكة جديدة‮ ‬شريطة أن تكون صالحة لحاجيات أضعاف الساكنين حاليا‮ ‬وإلا فلا فائدة من أي‮ ‬حل‮ ‬ينتهي‮ ‬أمده بعد عام أو عامين‮ ‬وتعود حليمة لعادتها القديمة‮.‬
رصف الأزقة ساهم في‮ ‬تكدس مياه المجاري‮ ‬فقد كان التراب‮ ‬يمتص المياه‮ ‬أما اليوم فتكاد لا تعبر حارة إلا إذا كنت مجيدا للسباحة‮ ‬لا أقصد في‮ ‬شواطئ البحر‮ ‬ولكن في‮ ‬الحوك والدهمية وغليل وحارة اليمن والترك‮ ‬ولنا أن تصور كم من الأوبئة التي‮ ‬تنتشر في‮ ‬أوساط السكان‮ ‬وما زاد الحال سوءا‮ ‬أن التلاميذ‮ ‬يفتتحون العام الدراسي‮ ‬ولا‮ ‬يصلون مدارسهم إلا وقد علقت الأوساخ القذرة بملابسهم‮ ‬ومن هنا فإن المجاري‮ ‬تنتقل من الحارات الى الفصول‮.‬
الوضع أكثر من مأساوي‮ ‬وننتظر قرارا‮ ‬جمهوريا‮ ‬وأمرا‮ ‬تنفيذيا‮ ‬بتجريد الحديدة من لقب عاصمة المجاري‮ ‬ولن‮ ‬يكون ذلك إلا إذا تضافرت جهود الحكومة المركزية مع السلطة المحلية‮ ‬بإيجاد حل طويل المدى عبر إدراج مشروع كبير وحيوي‮ ‬وهام كشبكة الصرف الصحي‮

قد يعجبك ايضا