قراءة في(سلطانة وقصص أخرى ) للقاص محمد سلمان فارع

هشام عبدالله ورو


هشام عبدالله ورو –

قصص بلغة دافئة

هشام عبدالله ورو

> أصوات كثر تصدح في قلب الإبداع وتتجاوز مراحل السرد لتلقي بضلالها على تجارب ناضجة من أقلام شابة قدر لها أن تعيش طي الإهمال والنسيان ردحا من الزمن .
من تلك الأصوات المبدع الكبير القاص محمد سلمان فارع الذي استطاع أن يتحدى إعاقة النشر الرسمي ويتجاوز الإحباط المزمن الذي خلفته الثقافة الرسمية ردحا من الزمن فكتب وكتب الكثير من إبداعاته السردية وخزنها في دفاتر عادية وسلمها للتاريخ ومن خلال حديث مطول معه استطعت أن أحصل على مجموعته القصصية البكر التي اختارها بعناية ووضعها في دفتر مدرسي علنا نجد طريقا لنشرها اليوم أو غدا وبينما أنا أقلب تلك الحروف شعرت أني أمام إبداع خلاق لقاص يتصدر منصة السرد في الأدب اليمني العاصر فالمجموعة التي عنوانها سلطانة وقصص أخرى كانت تحكي مشاهد مؤلمة وتحاكي واقعنا بل وتسخر من كل الممارسات الخاطئة سواء اجتماعية أو سياسية عبر لغة دافئة وصور قصصية قلما تجدها في جيلنا السردي الجديد فسلطانة التي أختارها القاص عنوانا لمجموعته تعد محاكاة لواقع اجتماعي يعالجه بدقة فنية أبدع فيها تصويره لزواج سلطانة الصغيرة على رجل كبير أجمل زهرات الحارة فيقول :
( جاء الخريف يطلبها …فأوحت لأبيها بالرفض , لم يصمد والدها أمام الإغراءات …فأجبرها وزفها إليه …
لم تكن تأنس إلا للدموع التي غيرت لونها …فتوارت عند الغروب واتخذوا من حارتها قبرا …وذرفوا من أجلها الدموع … وفوقها حامت الفراشات وغنت الطيور بجانبها أغنية حزينة ..اسمها … سلطانة)
وفي أقصوصة رغبة التي حاكى القاص قضية مهمة هي من أهم قضايانا وأسباب تراجعنا تعليم الأطفال ومأساة من يعولون أسرهم وهو في سن صغيره أجبرتهم الأيام على ذلك :
( في الشارع العام ..
كان يمسك بيديه الصغيرتين سطله وإسفنجته المبللة بالصابون ..
شاهد الأولاد وهم يرتدون ثياب المدرسة ويحملون حقائبهم المكتنزة ,,,, أحس برغبته في التعليم ..تذكر أمه المريضة ,.. إخوته الصغار ..تذكر أباه الغائب ..نكس رأسه …وبدأ بتنظيف السيارات )
لقد كان القاص فارع جادا وهو يحاكي واقعنا ويتحسس آلامنا في كل اتجاه بل ويسخر من بعض الاستخفاف بالبشر الذي يمارسه الكثير ففي 2003م كتب فارع اقصوصته الشهيرة إنتخابات ليحكي كيف هم بعض الساسة يستخفون بالبشر ويستغلون كل شيء في سبيل الوصول :
) بدأ حملته الانتخابية ..فطلا وجهه بألوان الطيبة والإخاء
وصبغ يديه بأصباغ من البذل والكرم والخدمات ورش على عنقه قنينة من الوعود والشعارات , وعندما انتهت تلك الحملة دخل حمامه لتزول هناك جميع تلك الدهانات والمساحيق والأصباغ ).
خمسة وعشرون عاما عمر أول نص في هذه المجموعة منذ 1993م إلى اليوم والقاص محمد سلمان فارع يكتب ويلقى في الفعاليات القصصية التي لاتظهر إلا في مقايل صغيرة لا تسمن ولاتغني من أدب وإلى اليوم لم يلتفت إليه أحد حتى لم ينصفه اتحاد الأدباء بعضويته كي يحصل على استحقاقه كأديب يومها كان شرط العضوية مجموعة أعمال أدبية ومع ذلك فابتسامة القاص محمد سلمان فارع مازال يوزعها على كل محبيه وكل من تجاهلوا أدبه ذلك أنه يحمل قلبا بحجم رسالة الأديب التي تجسدها عبر حروفه الناطقة باسم المجتمع الذي جاء من رحم معاناته .
فهاهو ينثر لنا مكامن الوجع في هذا المجتمع الذي ملأالقاص به ذخيرته بآلامه وحملها على عاتقه مثله مثل أولئك الكبار الذين أدركوا رسالة الأدب فحملوا هموم الناس وعبروا في قوالبهم الأدبية لعل هناك من تؤثر هذه الكلمة أوذاك الحرف :
( في تلك الصيدلية المتشحة بالثوب الملائكي ….إحدى المسنات تدخل تحمل بيديها المرتجفتين تذكرة أمل …وعلى عينيها اتسمت أنة ابنها المريض …أحست بنظرة الإزدراء في عينيه …خصوصا عندما ترجته تقليل ثمن الدواء أخرجت من جيبها كل ما تملك , كانت عيناها غارقة بدموع الذل …تنظر إليه وهو يخطف منها الدواء …عادت لبيتها تنظر مريضها المسجى وبيدها ورقة صغيرة …بللتها الدموع ..)
فعلا كم نحتاج لأن نتعلم دروسا في الإنسانية والتسامح إنها دروس وعبر بل أنات مكلومة يزفر بها القاص نحو المجتمع عله يحد من تلك الممارسات ويشعر البعض فعلا أنهم بشر.
لقد كان القاص بارعا جدا في تصوير بعض مقاطع نصوصه وكأنك تقف أما فيلم متحرك يحرك الوجدان ذلك أن حروفه كتبت بوجدان متأجج وقلب يتألم لألم الكثيرين .
وفي قصته خوف يتناول القاص بعض المغامرات التي تقع فيها بض الفتيات فتفقدها الحياة الآمنة في حبكة قصصية وأسلوب دراماتيكي رائع سأختار مقاطع من هذه القصة لنرى كيف استطاع أن يصور لنا عبر اسلوبه الذي ذكرت :

قد يعجبك ايضا