جائزة خادم الحرمين العالمية للترجمة.. خطوة في الطريق الصحيح

بشير زندال

بشير زندال –

لا يمكن ان تنهض أمه إلا عن طريق الترجمة فهي تعتبر ((الناقل الرسمي)) للحضارة بمستوياتها الفكرية والعلمية والصناعية. كانت الترجمة ولا تزال تخضع لقرار سياسي, وقليلون هم من اهتموا بالترجمة من اصحاب القرار وأعطوها شئيا من الاهتمام. مثل المأمون الذي اهتم بحركة الترجمة وأسس (بيت الحكمة) وكان ينفق على المترجمين بسخاء مما كان بالغ الاثر في تغيير عجلة الانتاج الفكري والصناعي والعلمي للأمة العربية. كذلك ما قام به محمد علي باشا في مصر من إرسال البعثات إلى اوروبا لدراسة العلوم وانتعشت حركة الترجمة في عصره وقام بدعم رفاعة الطهطاوي حيث اسس مدرسة الألسن عام 1835م  حينها قامت حركة الترجمة وشملت جميع أنواع المعارف والتخصصات وقد بلغ عدد الكتب التي قام رفاعة بترجمتها هو وطلابه  ألفي كتاب. ومنذ محمد علي باشا لم يهتم حاكم عربي بالترجمة وبإمكاننا القول أنهم لم يعوا أهميتها في قيام الحضارة.
قد لا تمثل جائزة خادم الحرمين العالمية للترجمة دورا مباشرا في عملية الترجمة ولكنها تلعب دورا مهما في (تشجيع) حركة الترجمة. فهي تمثل أعلى جائزة عالمية في مجال الترجمة في كل اللغات وهذا يدل على مجموع جوائزها (4.250.000 ريال سعودي) مقدار الاهمية التي يوليها الملك عبد الله بالأمة العربية من خلال تبني مثل هذه الجوائز والأخذ على عاتقه مسئولية الاهتمام باللغة العربية. بل وحتى ما يترجم من العربية إلى اللغات الأخرى.
نشأت الجائزة حين وافق مجـــلس إدارة مكـــتبة الملك عبد العزيز العامة على إنشاء جائزة عــالمية للترجمــة من اللغة العربية وإليها باسم « جائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة « في 31 أكتـوبر 2006م ومقرها مكتبة الملك وتأتي الجائزة كما جاء في موقعها في الإنترنت (( انطلاقا من رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الدعوة إلى مد جسور التواصل الثقافي بين الشعوب وتفعيل الاتصال المعرفي بين الحضارات صدرت موافقة مجلس إدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة بإنشاء جائزة عالمية للترجمة تحمل اسم «جائزة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة» تكريما للتميز في النقل من اللغة العربية وإليها واحتفاء بالمترجمين وتشجيعا للجهود المبذولة في خدمة الترجمة. وتسعى الجائزة – مستعينة برؤى خادم الحرمين الشريفين- إلى الدعوة إلى التواصل الفكري والحوار المعرفي والثقافي بين الأمم وإلى التقريب بين الشعوب حيث أن الترجمة تعد أداة رئيسة في تفعيل الاتصال ونقل المعرفة وإثراء التبادل الفكري وما لذلك من تأصيل لثقافة الحوار وترسيخ لمبادئ التفاهم والعيش المشترك ورفد لفهم التجارب الإنسانية والإفادة منها. وتتخطى جائزة خادم الحرمين الشريفين بعالميتها كل الحواجز اللغوية والحدود الجغرافية موصلة رسالة معرفية وإنسانية ومساهمة في تحقيق أهداف سامية مرومة احتضنتها مملكة الإنسانية وترجمتها جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومبادراته الراعية للسلام والداعية للحوار والتآخي بين الأمم.))
وتتمثل أهدافها – كما جاء في الموقع أيضا – في الإسهام في نقل المعرفة من اللــغات الأخرى إلى الــلغة العربية ومن اللغة العربية إلى اللغات الأخرى وتشجيع الترجمة في مجال العلوم إلى اللغة العربية. و إثراء المكتبة العربية بنشر أعمال الترجمة المميزة. و تكريم المــؤسسات والـــهيئات التي أسـهمت بجـــهود بارزة في نقل الأعمال .العلمية من اللغة العربية وإليها. و النهوض بمستوى الترجمة وفق أسس مبنية على الأصالة والقيمة العلمية وجودة النص.
وللجائزة خمسة مجالات للتنافس فيها جاءت شاملة سواء في عموم تحفيزها للجهات المشتغلة بالترجمة أو للمترجمين وأيضا في قدرتها على ضمان تعزيز الترجمة على الاتجاهين من الآخر وإليه فتغطي فروع الجائزة: جهود المؤسسات والهيئات وترجمة العلوم الإنسانية من اللغة العربية وترجمة العلوم الإنسانية من اللغات المختلفة وترجمة العلوم الطبيعية إلى اللغة العربية وفي ترجمة العلوم الطبيعية من العربية إلى اللغات الأخرى. وقد حرص الملك عبد الله على أن تكون قيمة الجائزة سخية بما يضمن تنافس النخب الثقافية والعلمية العالمية عليها إذ يحصل الفائز في كل مجال من مجالات الجائزة الخمسة على جائزة قدرها (750) ألف ريال فيصل بذلك مجموع قيمة الجائزة إلى (4.250.000) ريال سنويا وهي كما اسلفنا متصدرة لجوائز الترجمة العالمية.
ختاما تحتاج الامة العربية للنهوض مجددا إلى اهتمام أكبر بالترجمة وإقامة مراكز مثل بيت الحكمة أو مدرسة الألسن كي تتحمل على عاتقها هذه المهمة. والجدير بالذكر أن المترجمين الذين كانوا يعملون في بيت الحكمة (100 مترجم) كانوا يتقاضون راتبا شهريا 400 دينار ذهبي (حوالي 1700 جرام = حوالي 80 الف دولار). طبعا لا يحلم مترجمو هذا العصر بهذا

قد يعجبك ايضا