من جريمة أبين.. لا أحد بمأمن

معين النجري

 - كل الألفاظ والجمل والكتابات التي يمكن أن نحملها مشاعر الحزن والأسى النقمة والسخط والفجيعة عاجزة عن مواساة طفل فقد والده أو أم ذهب ولدها أو أمرأة قتل زوجها في الجر
معين النجري –
كل الألفاظ والجمل والكتابات التي يمكن أن نحملها مشاعر الحزن والأسى النقمة والسخط والفجيعة عاجزة عن مواساة طفل فقد والده أو أم ذهب ولدها أو أمرأة قتل زوجها في الجريمة البشعة التي هزت أبين واليمن ومعها قلوب اليمنيين والأسوياء في العالم حين قرر أحد ضحايا الفكر الضال أن يحول مأتم أبين إلى مآتم نالت منا جميعا.
كل ما قلناه وسنقوله وكل ما كتبناه وسنكتبه ليس سوى حبر سكبناه على الورق لنفرغ ولو جزءا من وجعنا الذي يبدو أننا قد اعتدنا عليه ومن ثم سننسى ضحايا أبين المفجوعة بأبنائها كما نسينا حادثة السبعين وكلية الشرطة وقبلها أبناء القوات المسلحة في أبين و …. و … و …
تتكرر الحوادث وتتطور بشكل مخيف لا يدركه الكثير من المواطنين ويعتقد كل واحد منا أنه بمنأى عن الخطر لاعتقاده بأن الموت المعبأ في الأحزمة الناسفة أو العبوات وفوهات بنادق الاغتيالات لا يستهدف إلا مكونات القوى المتصارعة لكن التطور الخطير الذي تشهده هذه العمليات لا يحمل رسالة تطمين لأحد مهما اعتقد البعض أنهم وأهاليهم وأفاربهم سيكونون بعيدين عن الخطر ماداموا بعيدين عن القوات المسلحة والأمن والدوائر السياسية والنشاط المجتمعي بأنواعه.
لكن المراقب بعين التأمل لجرائم الإرهاب سيدرك كيف انتقل الهدف من عرصات معسكرات القوات المسلحة إلى تجمعات أبناء القوات الأمنية لينتقل الإرهاب بعدها إلى استهداف طلاب كلية الشرطة ليقول لنا أن مساحة أهدافه تتسع لتشمل حتى طلاب الكليات العسكرية والأمنية رغم أنهم ما يزالون طلابا وغير محسوبين على طرف كما أنهم لم يسبق أن حملوا السلاح ضد هذه الجماعات الإرهابية أو غيرها.
لتأتي حادثة تفجير عزاء أبين واضحة جلية وعلينا أن نفهم الرسالة كما هي لا كما يريد البعض ممن يحاول خلق المبررات والأعذار لهذه الجرائم الإرهابية الكارثية.
حادثة أين التي ذهب ضحيتها – بحسب وسائل الإعلام – حوالي 40 قتيلا وأكثر من أربعين جريحا جاءت لتقول لنا أن كل مواطن يعد هدفا مشروعا للعمليات الإرهابية فضحايا أبين لم يكونوا يحملون السلاح ولاعلاقة لهم بالصراع الدائر بين الدولة والجماعات الإرهابية هؤلاء مواطنون عاديون مثلي ومثلك جاءوا ليقدموا واجب العزاء كما أمرهم دينهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعهم فأصابتهم يد الإرهاب لتضاعف الرعب في قلوب المواطنين وتبدل أمنهم خوفا.
لقد تحللت الجماعات الإرهابية من جميع الالتزامات التي كانت تعتقد أنها تحكمها ليصبح كل شيء مباحا ولا نستغرب إذا سمعنا غدا أخبارا عن عمليات إرهابية بعبوات ناسفة أو قنابل بشرية تستهدف الأسواق والمجمعات التجارية في المدن وحتى المساجد والمدارس والجامعات وصالات المناسبات.
لا يوجد اليوم من هو بمأمن ويجب علينا جميعا أن نكون أكثر حذرا على الرغم من أني لا أدري كيف يمكن أن أكون أكثر حذرا.
لقد نجحت حادثة أبين بما مثلته من تطور من حيث المستهدف من إرباك ذواتنا وهز ثقة الفرد بمن وماحوله حتى لو لم نلمس هذا الشيء في دواخلنا الآن إلا أنه حدث بالفعل وسنجده في تعاملنا مع المجمتع من حولنا رغم حالة المكابرة التي سنحاول أن نبديها إذ سيحاول البعض الانتصار على الخوف الذي تسرب إلى النفس مع كل عملية إجرامية.
لكنني أعود لأقول يجب أن نكابر ونمارس عملنا وحياتنا بشكل طبيعي لأنه ليس أمامنا إلا هذا لنفعله.

قد يعجبك ايضا