الواقع والأسطورة «27»
أحمد يحيى الديلمي
أحمد يحيى الديلمي –
صنعاء حوادث ونوازل
> كأي مدينة تعرضت صنعاء لنكبات وحوادث ونزلت عليها مصائب جمة باعتبارها حاضرة اليمن وعاصمته التاريخية فلقد ظلت محور الصراع وقبلة كل من يطمح لحكم اليمن ما يلفت النظر أن الروايات عن الأحداث تشبه الأساطير وتجعل هالة من حالة الارتباك تحيط بمصداقيتها لأن إقحام الغيبيات مثل الجان والاشياء الخارقة للعادة في التفاصيل أضفى عليها حالة من الخرافة وجعل المتابع يسبح في متاهات لا حد لها هذا العامل ربما كان أساس اندفاع البعض إلى تشويه السير الذاتية لبعض الزعماء الذين احتلوا جانبا هاما من تاريخ اليمن كما حدث مع قصة سيف بن ذي يزن ما يثير الدهشة أن هناك من وصف الكوارث الطبيعية مثل السيول التي هدمت المدينة أو أجزاء كبيرة منها أكثر من مرة بأن ربطها بعقوبات إلهية كانت ردود أفعال لمخالفات ارتكبها البشر الأمر مسلم به فيما رواه القرآن الكريم عن سبأ وسيل العرم إلا أنه غير مقبول في حال كانت المخالفة لإنسان بشر يريد أن ينفذ إرادته فيجعل من الغيبيات وسيلة لتحقيق هذه الغاية المتصلة بذاته.
أهل السجدة
> من الوقائع المعروفة عند الناس في صنعاء واقعة أهل السجدة وتتصل بالجامع الكبير إذ يروى أن أحد القادة الاحباش تخلف عن العودة إلى الحبشة عند انسحاب ما تبقى من الجيش عندما اجلاهم سيف بن ذي يزن وقد خلف أبناء كثيرا اعتنقوا الإسلام وبعد زمن استطاع أحد أحفاد هذا القائد أن يفرض نفسه حاكما على اليمن واتصفت أيام حكمه بالغلظة والقسوة وتحملت صنعاء القسط الأكبر من هذه المعاملة المشينة.
من أكبر الفظائع التي أقدم عليها هذا الحاكم كما تقول الاسطورة أن العبد المكلف بشراء حاجيات الملك اليومية تخلف عن السوق لم يصل إلا وقد نفدت اللحمة احتار وخاف أن يعود إلى الملك بدون لحمة أثناء السير وهو يفكر في الحل وجد طفلا صغيرا في الشارع وحيدا والمكان خاليا من المارة أخذه إلى مكان بعيد وذبحه كانت المفاجأة أن الملك أعجب باللحمة استدعى العبد فكافأه وطلب منه أن يخبره عن نوعها وبعد أخذ ورد وتهديد ووعيد اضطر إلى إخباره كانت المفاجأة أن الملك استحسن التصرف ثم استدعى أعيان صنعاء وفرض عليهم تقديم طفل كل يوم لم ينتظر الرد من الحاضرين بالموافقة أو الرفض ولم يسمع حتى بالمراجعة أمر العبد بأن يبدأ من صباح اليوم التالي بأول بيت مجاور للقصر وهدد من يمتنع بالنكال وأشد العقاب استبدت بأهل صنعاء الحيرة وقد بدأ العبد ينفذ الخطة ووصل إلى البيت الثالث اجتمعوا لتدارك الخطر والبحث عن مخرج كانت النتيجة الاتفاق على صعوبة إسقاط الطاغية ومواجهته بالقوة بعد أن فشل الأعيان والوجهاء والساسة وأظهروا العجز التام عن مواجهة المشكلة كاد الأمر يصل إلى مرحلة الخنوع والاستسلام للأمر الواقع في هذه الاثناء عقد اجتماع آخر ضم علماء الدين ممن يقدرون دور الايمان في إنعاش الصلات الوجدانية والارتقاء بعلاقة الارتباط بالخالق سبحانه وتعالى فقرروا اللجوء إلى الله جل جلاله لطلب نصرته وأن يمنحهم التأييد والرعاية خرجوا جميعا إلى الجامع الكبير قبل الدخول وضعوا عند الباب موقدا مليئا بجمرات النار واشترطوا على كل من يرغب في