زواجة أخدام

أحمد سعيد الحاج

 -  حالنا في اليمن يجسد التباين القائم بين مفهومي التخطيط والعشوائية فكثير من المشاريع الناجحة مؤقتأ - لايتم التخطيط لها وكثير من المشاريع الفاشلة تم التخطيط لها بعناية كما أدعا بذلك المخططون فنسبة الانجاز في جميع خططنا
أحمد سعيد الحاج –
حالنا في اليمن يجسد التباين القائم بين مفهومي التخطيط والعشوائية فكثير من المشاريع الناجحة مؤقتأ – لايتم التخطيط لها وكثير من المشاريع الفاشلة تم التخطيط لها بعناية كما أدعا بذلك المخططون فنسبة الانجاز في جميع خططنا الإستراتيجية الخماسية والسنوية منذ قيام ثورة اليمن الأم سبتمبر 2691م إلى الآن لم يتجاوز 52% في أحسن تقييم لها. والأمثلة على الحالتين كثيرة فالنجاح – المؤقت – لبنك التسليف التعاوني الزراعي مثلا لم يسبقه أي تخطيط لأنه لوكان خطط له – لاسمح الله – كان سيبقى في مستوى جاره وتوأمه بنك الإسكان الذي لم يسكن نفسه في مبنى مستقل حتى الآن. وياليتنا لم نخطط للقضاء على البطالة ولم نخطط لإنتاج الكهرباء بالطاقة النووية وياليتنا أيضا لم نخطط لسكة القطارات لأن في اعتقادي لو لم نخطط لمثل تلك المشروعات لأضحت حقيقة معاشة مثلما تحققت الوحدة اليمنية دون تخطيط ونحمد الله أننا لم نخطط لها ونحمد الله أيضا أن الشباب الذين نزلوا إلى الشارع وقاموا بثورة التغيير لم يخططوا لها قبل نزولهم العفوي إلى الساحات وإلا كان سيصيب ثورتهم ما أصابها اليوم بعد إن أمسكت الأحزاب بزمام الأمور وبدأت التخطيط لما بعد صالح فعادت بنا إلى ما قبله فلا أمن ولا كهرباء ولاصحة ولاتعليم والفساد قوى عوده في مؤسسات الدولة واكتسب كثير من الفاسدين مناعة ضد التغيير وندم من رحلوا منهم في الأيام الأولى من ثورة تطهير المؤسسات الحكومية من الفاسدين والتي تم إفشالها بحجة التوافق والتخطيط لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعدها أقنعتنا حكومة التوافق أن كل الفاسدين مناسبون لوظائفهم مع بعض التنقلات التوافقيه السطحية في حراك وظيفي لم يخرج في مجمله عن الوجوه والشخصيات ذاتها التي ارتبطت أسماؤها بمسميات وظيفية مدنية وعسكرية منذ سنوات طوال.
والوحدة اليمنية والوحدة الألمانية – كمثال أوضح وأشمل على الفرق بين مفهومي العشوائية والتخطيط – فكلا الوحدتين أعلنتا في نفس العام إلا أن الثانية جاءت بعد تخطيط استراتيجي محكم والأولى جاءت بدون تخطيط وكانت رقاقة قلوب اليمنيين وعواطفهم هي العامل الرئيسي في تحقيقها وقد تفاجأنا جميعا في إعلانها بما في ذلك لجان الوحدة نفسها وكثير من السياسيين والمثقفين إلى درجة أن الأديب الراحل عبد الله البردوني عندما سمع بإعلانها وصفها «بزواجة أخدام» وأظنه كان يقصد عشوائية الأخدام لذلك وكون عنصر المفاجأة لا يوجد في التخطيطط الاستراتيجي فإن خطر المفاجأة هو أهم ما يميز نتائج العشوائية فلم يختلف الألمان بعد وحدتهم على شيء ولم يصف الألمان – هلموت كول – بصانع الوحدة وزعيمها ولم تهدد أنجيلا ميركل يوما بالانفصال أو بقك الارتباط عن ألمانيا الغربية لأن التخطيط كان استرتيجيا وشاملا لكافة الجوانب والقضايا التي كان يتخوف منها الالمان في الشطر الغربي والشرقي من إلمانيا الاتحادية أما اليمنيون فقد اختلفوا من اللحظات الأولى لرفع علم الوحدة ولايزالون يختلفون على كل شيء والذين أعلنوا الوحدة ندموا على فعلتهم وانقلبوا عليها فأعلن صالح الحرب على البيض وأعلن البيض الانفصال عن صالح وكأننا بالفعل في عشة أخدام مع احترامنا وتقديرنا لجميع فئات المجتمع اليمني.

ahai@yenen.net.ye

قد يعجبك ايضا