شـره الاستهــلاك فــي رمضــان ..وغيــاب الوعــي

تحقيق عبد الملك الشرعبي


تحقيق / عبد الملك الشرعبي –
مع إطلالة شهر رمضان المبارك تبرز سلوكيات استهلاكية خاطئة لدى غالبية الأسر اليمنية .. حيث تتهافت الكثير من الأسر على الأسواق والمحلات التجارية في سباق محموم لشراء مستلزمات وحاجيات شهر رمضان من المواد الغذائية .. وكأن رمضان شهر للأكل والشرب فقط .متناسين دلالات وابعاد الصوم وفضائله ..ولاهم لهم سوى التسوق وشراء اكبر قدر ممكن من المنتجات والمواد الاستهلاكية .. بشكل هستيري أحيانا – مع غياب واضح للثقافة الاستهلاكية لدى معظم المستهلكين ..ويجمع الكثيرون على أن شهر رمضان يقترن بهستيريا موائد الإفطار ليتحول الشهر الفضيل من شهر عبادة إلى شهر أكل وتسوق يطغى عليه الإسراف والبذخ وتغيب فلسفة رمضان التي تقوم على الشعور بالمحتاجين لتحل محلها موائد تزخر بأصناف لا حصر لها من الطعام خلال وجبة الإفطار …ما يجعل مصير كميات كبيرة منها سلات القمامة .

يأتي ذلك رغم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية البائسة لدى غالبية المستهلكين والتي فاقم منها تداعيات الأزمة السياسية التي شهدتها بلادنا خلال العام الماضي ولا تزال تلقي بظلالها على الوضع العام في البلاد .. إلا أن زيارة واحدة أو أكثر لأحد المحلات التجارية الكبيرة أو أحد الأسواق ستشاهد حجم الإقبال الكبير على التسوق في كل يوم رمضاني وشراء كل مالذ وطاب من أصناف المأكولات والمشروبات .. مع إدراك الكثيرين بأن جل هذه المصروفات اليومية ستذهب إلى القمامة حيث يكتفي أفراد الأسرة بالقليل منها أثناء وجبتي الإفطار والعشاء فيما يتم رمي الباقي وهو كثير إلى سلة القمامة ..في إسراف وتبذير واضح من قبل هؤلاء المستهلكين الذين لا يعون بجهل أو بدون علم دلالات الصوم ومعانيه ولا يستشعرون معاناة الأسر الفقيرة والمحتاجة التي تتضور جوعا ولا تجد ما تأكله إلا ما رحم ربي ..
الأخ علي الصايدي يقول إنه يتسوق حسب حاجته دون إسراف وأن العروض الترويجية لا تؤثر في عادته التسويقية ويحرص على عدم الإسراف والتبذير في ما يشتريه من الأسواق ولا ينكر بأن أسرته تسوقت عشية رمضان واشترت معظم حاجيات الشهر الكريم وبكميات تفي لنصف الشهر بخلاف مطهر عبد الله الذي اكتفى بشراء الضروريات الأساسية من عدد من المحلات بما في ذلك السوبر ماركت الكبيرة التي تقدم عروضا وتخفيضات في أغلبها وهمية كما يقول لأنه من خلال الشراء وجد نفس الأسعار في محلات أخرى أو تخفيضات زهيدة لا تكاد تذكر باستثناء منتجات أصبحت قريبة على الانتهاء والتخفيضات فيها تصل إلى 30 % .. ويستغرب من النهم الكبير لدى بعض المستهلكين الذين يتهافتون على هذه المحلات للشراء وبكميات كبيرة وكان البلاد مقبلة على حرب فتجدهم يتسابقون ويتزاحمون على الشراء بشكل ملفت وكأن أمرا جللا سيحدث …ولا يهمهم ارتفاع الأسعار بقدر ما يهمهم الحصول على السلعة مع أن الأسواق تعج بجميع المنتجات الاستهلاكية ولا يوجد أي إشكال في هذا الجانب .
تناقضات
أم ندى ربة بيت ما يهمها عند الشراء كما تقول هو الجودة والنظافة ونوع الخدمة المقدمة بالإضافة إلى الأسعار الأقل عند المقارنة وتعارض شراء الكميات الكبيرة من المواد والسلع التي قد يتلف نصفها قبل الاستهلاك وهذا نوع من التبذير ودليل على غياب الثقافة الاستهلاكية.
أما محمد مزاحم فاعتبر الإقبال الشديد على الشراء من قبل الكثير من الأسر – وهو واحد منهم -بمثابة عادة .. يقول جرت العادة عند قدوم شهر رمضان من كل عام أن أقوم بشراء كافة احتياجات ومتطلبات البيت الرمضانية من مأكولات ومشروبات وبكميات كبيرة بعضها يكفي لأسبوع وبعضها لنصف شهر ناهيك عن المستلزمات اليومية الأخرى . ولا يعتبر في الأمر إسرافا أو تبذيرا لأن أسرته كما يقول تجهز وجبات الإفطار والعشاء بكميات كبيرة يوميا وتوزع منها على بعض الجيران من المستحقين والمحتاجين . إغراءات
ويلاحظ عبدالله سيف موظف زيادة في الاستهلاك خلال شهر رمضان مقارنة ببقية أشهر السنة معتبرا العروض الترويجية مغرية وتدفع بالكثير إلى التسوق والشراء وأصبحنا نشتري ما لسنا بحاجته ما يجعلنا نسهم بقصد وبدون قصد في ارتفاع الأسعار كما أن هناك قضية مهمة وهي بطاقة البيان على المنتج . إذ من الملاحظ أن كثيرا من المستهلكين لا يعيرها اهتماما ولا يركز عليها رغم أهميتها القصوى والتي يترتب عليها صحة وسلامة المستهلكين .. ما يؤشر لمدى غياب الوعي الاستهلاكي لدى معظم الأسر اليمنية بما في ذلك المتعلمين والمثقفين .
لا يجدون ما يأكلون
وفي المقابل هناك أسر كثيرة لا تستطيع توفير متطلباتها الضرورية وليس لها في التسوق سوى ما تشاهده عبر شاشة التلفزيون من إعلانات وإغراءات تسويقية لاناقة لها فيه ولا جمل وتندب حظها وحالها وهي تعيش حالة من الفقر والعوز والحاجة ..
أبو نزار واح

قد يعجبك ايضا