‮ ‬دون حفل وداع

سمير عطا الله‮ ‬

 - تقاعدت‮. ‬ورحت على المعاش‮ ‬يقول المصريون‮. ‬بلغت الستين فحزمت حقائبها ومضت الى البيت‮. ‬وفي‮ ‬البيت راحت تتأمل صورة الشباب‮. ‬واذا الشباب صور قديمه وأغان قديمة واناشيد قديمة‮. ‬و
سمير عطا الله‮ ‬ –
تقاعدت‮. ‬ورحت على المعاش‮ ‬يقول المصريون‮. ‬بلغت الستين فحزمت حقائبها ومضت الى البيت‮. ‬وفي‮ ‬البيت راحت تتأمل صورة الشباب‮. ‬واذا الشباب صور قديمه وأغان قديمة واناشيد قديمة‮. ‬وبلادي‮ ‬بلادي‮ ‬بلادي‮. ‬مر‮ ‬23‮ ‬يوليو عجوزا‮ ‬يتكئ على كتف‮ ‬25‮ ‬يناير‮. ‬واحد عمره ستين وواحد لسه ما عمروش حاجة‮.‬
1952‮ ‬كان العرب خارجين من‮ ‬1948‮: ‬بلدي‮ ‬حبيبي‮. ‬والآن العرب داخلون في‮ ‬الف حرب ليس بينها فلسطين‮. ‬ولا حتى في‮ ‬شعارات رفع العتب وبيانات الاجترار‮. ‬كنا بـ»لا استسلام بعد اليوم‮« ‬فأصبحنا‮ »‬لا حياء بعد اليوم‮«. ‬كنا بلاجئي‮ ‬عموم العرب‮. ‬وفي‮ ‬جميع بلاد العرب اوطاني‮. ‬من تطوان الى بغداد‮.‬
صارت قصائد الماضي‮ ‬خجلا ولا‮ ‬يريد أحد أن‮ ‬يتذكرها حتى في‮ ‬المتاحف‮. ‬انتقلنا من تحرير فلسطين الى حكم دولة القانون في‮ ‬العراق‮. ‬ومن وحدة حرية اشتراكية في‮ ‬سوريا الى ادلب حلب دمشق‮. ‬ومن منظمه التحرير في‮ ‬فلسطين الى سلطة بحكومتين‮. ‬ومن‮ »‬من النهر إلى البحر‮« ‬الى‮ ‬غزة في‮ ‬غزة ورام الله في‮ ‬الضفة والباقي‮ ‬مستعمرات‮.‬
اعلنت‮ ‬23‮ ‬يوليو تقاعدها والعالم العربي‮ ‬أسوأ بكثير من ذلك الذي‮ ‬ولدت فيه‮. ‬جنوب السودان‮ ‬يحتفل بالعام الثاني‮ ‬للاستقلال وحكم دولة القانون في‮ ‬العراق مرتاح علي‮ ‬صدر نوري‮ ‬المالكي‮ ‬ولبنان سائب على صدر العرب والعجم والطمأنينة ما بين النووي‮ ‬الايراني‮ ‬والكيماوي‮ ‬السوري‮. ‬مضي‮ ‬زمن الثورة الاول بزعزعة كل امل بالوحده وبدأنا الزمن الثاني‮ ‬بخلخلة كل وحدة قائمة‮. ‬امضينا‮ ‬60‮ ‬عاما نشتم سايكس وبيكو وسوف نمضي‮ ‬الستين عاما المقبلة بالترحم عليهما‮. ‬كنا نستنكر تدخل الشاة في‮ ‬شؤون الخليج والآن نصفق لقرار ايران في‮ ‬العراق وسوريا ولبنان‮.‬
23‮ ‬يوليو تغسل‮ ‬يدها من كل ما جرى‮. ‬تريد أن ترتاح ولتدبر‮ ‬25‮ ‬يناير نفسها‮. ‬طلبت الحكم فتفضلي‮ ‬احكمي‮. ‬بلادي‮ ‬بلادي‮ ‬بلادي‮. ‬او مهاجري‮ ‬مهاجري‮ ‬مهاجري‮. ‬مهاجرون في‮ ‬الداخل وغرباء ومهاجرون الي‮ ‬الخارج ووفر حظا من رعاية الوطن‮. ‬العراقيون هاجروا الى سوريا والآن لا‮ ‬يدرون إلى أين‮ ‬ينزحون‮. ‬ودمشق تنزح الى بيروت‮. ‬والجوار التركي‮ ‬الي‮ ‬تركيا والجوار الاردني‮ ‬الى الاردن والنظام‮ ‬يرفع‮ ‬يافطة أمة عربية واحدة والى جانبها‮ »‬سوريا الاسد‮«.‬
محزن وداع‮ ‬23‮ ‬يوليو وأكثر منه استقبال‮ ‬غموض القادمين من ارحام انتصاراتها وهزائمها‮. ‬لم تترك لنا الوحدة التي‮ ‬غنت لها ولا الحرية التي‮ ‬طربت لها‮ ‬فجاءت الثورات الجديدة تطلب الحرية قبل اي‮ ‬شيء‮. ‬وتطلب العمل والرغيف‮. ‬وتحاول تفكيك اكبر شبكات فساد في‮ ‬التاريخ‮. ‬تتقاعد‮ ‬23‮ ‬يوليو وأرض العرب

قد يعجبك ايضا