لتكن سلمية!!
عبدالناصر الهلالي

عبدالناصر الهلالي –
لكل فئة اجتماعية الحق في ممارسة حقها في الاحتجاج والإضراب إذا ما شعرت أن ثمة تعسفات ومظالم تذهب معها الحقوق وتضيع الاستحقاقات التي كفلتها قوانين العمل وأقرتها المؤسسة التنفيذية في البلاد ولكل فئة اختيار الوسيلة المناسبة لإحداث تغيير في بنية المؤسسة التي يعمل فيها شريطة أن لا تخرج تلك الاحتجاجات عن دائرة السلمية والإضرار بمصالح العامة في الوزارات والبلاد عامة.
ولعل هذه الصورة المثالية تجلت في المظاهرات السلمية التي قادها شباب الثورة لإحداث تغيير في النظام وإخراج الناس من الأوضاع المزرية التي لا زلنا نتنفس آثارها مع كل شربة ماء.. رغم آلة القمع التي تعرضوا لها وحجم الأضرار في النفس والمال والوطن ورغم الدعاية الإعلامية الرهيبة التي عمدت إلى تصوير قادة التغيير بالشياطين والقتلة بالملائكة.
الاحتجاجات تلك وضعت اللبنات المنطقية لانتزاع الحقوق بصورة مدنية لا لبس فيها وأسست قاعدة واضحة لمجتمع خرج للتو من عباءة القبيلة والعنف وتقديس الأشخاص والعوائل غير أن البعض اتخذ العنف وتخريب الخدمات العامة وسيلة لانتزاع الحقوق والأمثلة كثيرة سواء كان ذلك في حرمان الناس من خدمة الكهرباء واللجنة العسكرية كانت قد قالت كلمتها في هذا الشأن أو الاقتحام المسلح للمؤسسات والمنشآت الحكومية التي كان آخرها ما حدث في وزارة الداخلية غير أن أسلوب العنف هذه المرة أخذ مسارا أعلى في التطرف عندما راح ضحايا كان ذنبهم الدفاع عن ملكية عامة.
مثل هذا الاتجاه المتطرف لانتزاع الحقوق ليس له سوى مبرر واحد وهو إحداث الفوضى تحت غطاء حقوق هدفه في الأول والأخير خلط الأوراق وجر الجميع إلى عنف مضاد ستكون عواقبه وخيمة على حالة الوفاق التي ارتضاها اليمنيون كمخرج وحيد لإحداث التغيير الذي بات مطلبا ملحا للجميع.
الاحتجاجات بهذه الصورة الانتقامية لا يقبلها عقل ولا تتماشى مع اختيار اليمنيين لحياة بعيدة عن العنف والتسكع أمام نافذة الشيطان الذي لا زال يغوص في الماضي وبث الرعب أمام كل الشرفاء الذين يسعون لبناء اليمن الجديد.. اليمن الذي يحكمه القانون.. اليمن الذي يذيب الجميع في إناء واحد.