اللعبة السياسية .. وحرية الإعلام

حسن أحمد اللوزي

 - يعيش عالمنا اليوم وغدا مرحلة الحرية المطلقة للإعلام خاصة بعد أن غدا الإنسان كائنا إعلاميا بنية تكوينه الاتصال ومحور حياته التواصل في دورات المراحل المتعددة بداية من لحظة تشكل شخصيته بالمعرفة وامتلاك قدرته
حسن أحمد اللوزي –
يعيش عالمنا اليوم وغدا مرحلة الحرية المطلقة للإعلام خاصة بعد أن غدا الإنسان كائنا إعلاميا بنية تكوينه الاتصال ومحور حياته التواصل في دورات المراحل المتعددة بداية من لحظة تشكل شخصيته بالمعرفة وامتلاك قدرته المتنامية على التعامل معها والمشاركة في صنعها بفضل الثورة الاتصالية العارمة وتطور «الميديا» الشخصية التي أمكنها تحويل لعبة صغيرة فضلا عن أن يكون ذلك جهاز التليفون إلى مؤسسة إعلامية متكاملة لا ترسل وتستقبل – فقط – وإنما تنتج وتصنع الأعمال الإعلامية المبهرة!! الحقيقة التي تضاعف من مخاطر الإعلام ووظيفته ورسالته في الصورة الأهم والأعم بالنسبة لكل مجتمع ودولة كما بالنسبة لكوكبنا الصغير.
وليس هناك في حياة المجتمعات النامية ما هو أخطر من عبثية الإعلام وفوضويته لأنه يساعد على الإهدار للوقت وللمقدرات والحياة على حد سواء خاصة حين يسود الوعي المشوش والفهم المغلوط لدور ووظيفة الإعلام ووسائله المتعددة!! وكل صراعات الدنيا فإن شرارتها الأولى في الكلمة الخبيثة والإعلام الهدام وأخطر ما تنتجه الفتن والحروب الأهلية وعكس ذلك هو ما يتحقق به الاستواء في الدور الصحيح المنشود حين يتكرس الوعي الكامل بالوظيفة الإعلامية والإيمان بأن للإعلام وظيفة مهمة وجوهرية في الحياة الإنسانية وهي خدمة الغايات والأهداف التي تسعى من أجلها المجتمعات والأفراد على حد سواء وفق سياسات واضحة يؤمن بها ويلتزم بها الجميع لأنها نابعة من إيماناتهم والتزاماتهم وصادرة عن السلطات المختصة التي أنشأوها لتحمل مثل تلك المسؤوليات المهمة والخطيرة كما بالنسبة لرسم وإقرار السياسة الإعلامية الغاية التي تنشغل بها اليوم حكومة الوفاق الوطني ونتمنى أن توفق في إنجازها في أقرب وقت ممكن خاصة وأنها تدرك فداحة الاحتقان الإعلامي الذي ما انفك يتعسف في استخدام حق الحرية باعتباره سلطة ويمارس الهدم لا البناء ويكرس الضغائن والأحقاد ويبث وينشر سموم البغضاء بكافة الوسائل والصورة واضحة أمام الجميع والكل يشكو منها للأسف الشديد!!
ولا بد أن نؤكد هنا – شئنا أم أبينا – أن الإعلام سلطة خطيرة بيد مالكها سواء كان دولة أو مجتمعا أو فردا رسميا كان أو أهليا أو حزبيا أو خاصا وأن أية سلطة لا يحكمها نظام من القيم والمبادئ ولا تجد لها وظيفة واضحة ومحددة فإنها قد لا تنحرف – فقط – جراء الأهواء وإنما قد تجور وتظلم وتقود إلى الظلمات!!
ولصيانة هذه السلطة الذكية والشمولية وحريتها وضمان فاعليتها ولحماية الأفراد والمجتمع بكامله من التعسف في استخدامها كحق مكفول لجميع الأفراد والشخصيات الاعتبارية الخاصة والعامة لا بد من خضوعها لنظام قانوني خاص يحقق ذلك كما ينشده الشعب وبمرونة كاملة ووضوح لا لبس فيه لاتصال ذلك بأغلى وأقدس ما يملكه الإنسان وهو الحرية!! الحرية التي هي العنصر الجوهري في قوة الإعلام وفعاليته ونجاعته.
وعندما نكرر أن الإعلام سلطة لا نأتي بأمر جديد وقد صار أوضح اليوم بالنسبة للسلطة الرابعة التي صارت مشاعة وحقيقة بدهية بالنسبة للإنسان المعاصر وغدت اليوم السلطة الأذكى والأعمق فعالية وشمولية بين كل السلطات المعروفة وهي قادرة على الفتك بقوة المعرفة أو تشويه المعرفة واختلاقها والعبث بها خاصة في الميادين السياسية وصراعات أهل السياسة وزبانيتها!!
وإذا كانت اللعبة السياسية جائزة في كل الأمور والأحوال بما فيها توظيف الإعلام فإنه ليس جائزا أن تكون لعبة على الأخلاق والقيم الأساسية في المجتمع ومصالحه العليا وكما للسياسة السوية أخلاقها فإن للإعلام «المهنة» و«السلطة» أخلاقه وهي واجبة الامتثال من قبل الضمير الإعلامي عندما تكون متعلقة بحرية الإنسان وكرامته وحرية المجتمع وسلامته وحين تكون متصلة – وهي دائما كذلك – بتبيان وتكريس وضبط العلاقة الحقوقية المتساوية بين أبناء الوطن الواحد وخدمة المعرفة ونشر المعلومة والمساهمة في صنع التطور والتغيير نحو الأفضل بل ونصرة الحق في كل مكان!!
ولا بد من التأكيد والتوكيد هنا على أن من المستحيل تحت مظلة الوجود الإنساني الحر أن تمارس أية دولة أو سلطة منع القول أو حجر الفكر أو كبح الخيال أو محاصرة الإبداع أو تعويق الإعلام والاتصال وقد أنجبت الألفية الثالثة حالة حضارية إنسانية حاكمة وعارمة عصية على كل الحواجز والقيود والأسوار فالزمن بحد ذاته صار ملكا للحرية ذاتها كند له وفاعلة فيه لأن تلك هي فطرة الله التي تتكشف للخلق بفعل إبداعهم وتطورهم والأنظمة ا

قد يعجبك ايضا