فوانيس رمضان
زكريا حسان
زكريا حسان –
في الطفولة كنت أسمع عن فوانيس رمضان وارتباط فرحة الأطفال بالشهر الكريم بحمل الفوانيس لكن هذا الشيء لم يكن يغريني وأقراني نهائيا فنحن مرتبطون بالفوانيس في شعبان ورمضان وكل شهور العام ورائحة السليط »القاز« في أنوفنا وربما ملابسنا طوال اليوم.
في الطفولة المبكرة تعرفنا على الكهرباء من مولد أحد أبناء القرية الذي كان يوصل الكهرباء للآخرين مقابل مبلغ مالي هذا المولد تكالبت عليه الاعطال من المصفاة حتى الاجزاز مع مرور الوقت وأعلن صاحب المولد إيقاف امداد القرية بالكهرباء من دون أن يربط التوقيف بعمل تخريبي أو خبطة جدعان.
سنوات طويلة مرت ونسي الناس فيها شكل الكهرباء ولم نعد نسمع عنها سوى في الحصص الدراسية لمادة العلوم ومشتقاتها عندما يتحدث المعلمون عن التيارات والشحنات الكهربائية.
صار الحديث عن الكهرباء ذا شجون خصوصا عند الخروج بعد صلاة المغرب أو العشاء إلى جوار القرية ونراها مظلمة فتختلط الذكريات والاحلام وكل واحد يتذكر حكايته مع الكهرباء غير النووية ويتنهد على زمان الوصل وآخر ينظر إلى الظلمة ويتساءل هل ستعود تلك الأيام وآخر يشطح ويحلم بأنه يوما من الأيام ستصل الكهرباء العمومية بلدتنا.
حاليا عادت المولدات إلى القرية بفضل جهود أبناء جمهورية الصين وصار لكل بيت مولد ولم يعد الحلم بربط الكهرباء العمومية يغري أحدا فالكهرباء العمومية المرقعة جعلت كثيرا من أبناء المدينة الذين لا يستطيعون شراء مولد صيني لظروف اقتصادية أو خوفا من المؤجر والجيران يعودون إلى التفكير بعصور الفوانيس فوانيس الحاجة والضرورة التي لو تحطم إطارها الزجاجي فستنشب بالبيت معركة وليست فوانيس رمضان الترفيهية.
كثير من بلدان العالم تحتفل بمرور عقود لم تنقطع الكهرباء فيها ونحن نحتفل ونصرخ ونصيح في كل مرة ترجع إليها الكهرباء لساعات قليلة اعتقد أننا سنظل لسنوات قادمة متأرجحين بين الفانوس واللمبة ومن الصعب علينا التماشي مع الأحلام النووية وأماني الطاقة المتجددة وكثير علينا أن نفكر بمزارع أبقار بدلا من أوهام مزارع الرياح.