التوظيف.. والمصداقية

أحمد يحيى الديلمي

 - وصف الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رفض الخوارج لمبدأ التحكيم على خلفية معركة صفين واحتجاجهم بقوله تعالى «إن الحكم إلا لله» قائلا «كلمة حق يراد بها باطل» فكان أول من حذر المسلمين ونهى عن استغلال النصوص وتفسيرها باتجاه مغاير لمقاصدها الحقيقية القاعدة احتلت بطون الكتب وغدت من المأثورات المشهورة التي يتناقلها الناس.
 بال
أحمد يحيى الديلمي –
وصف الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رفض الخوارج لمبدأ التحكيم على خلفية معركة صفين واحتجاجهم بقوله تعالى «إن الحكم إلا لله» قائلا «كلمة حق يراد بها باطل» فكان أول من حذر المسلمين ونهى عن استغلال النصوص وتفسيرها باتجاه مغاير لمقاصدها الحقيقية القاعدة احتلت بطون الكتب وغدت من المأثورات المشهورة التي يتناقلها الناس.
> بالمقابل كان الخليفة معاوية بن أبي سفيان أول من قلب الحقائق رأسا على عقب وفسر النص وفق مضمون رغبته الذاتية فلقد احتج عليه الصحابة بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار بن ياسر «ويح عمار تقتله الفئة الباغية» لم يجد فرصة للتشكيك في مصداقية الحديث فلجأ إلى فكرة التأويل وأجاب أصحابه «قتله من جاء به».
> الإشكالية أن فكرة استغلال النص والتعامل معه برغبة مبيتة هي التي احتلت ذاكرة الحكام وأصبحت من الافعال المحببة ومدخلا للتجهيل وتزييف الوعي غدت مع تعاقب الأزمنة فعلا محمود يدلا على الذكاء والفطنة.
> التأصيل للفكرة في الواقع الحياتي تحول إلى فعل مألوف تتوارثه الأنظمة وترتهن إليه كلما اقتضت الظروف ذلك.
> عندما نستوعب المقدمة التي أسلفنا لا نستغرب فعل الأنظمة في الزمن الراهن عندما تحس بالعجز لا تتردد عن الاستفادة من الكذب والخداع والضحك على الذقون باستغلال المنجزات والقيم والمبادئ لإفراغها من مضمونها السامي وإلباسها مضمونا آخر يحقق الغاية المرجوة.
> المفارقة العجيبة أن الأنظمة السابقة في تونس ومصر واليمن تبنت فكرة توظيف الشعارات البراقة والمبادئ العظيمة قبل عام من رحلة السقوط مع اختلاف في طبيعة الاستغلال والمكاسب المرجوة .
> اليمن وتونس تصدرت شعارات الانتماء والولاء واجهة الخطاب الاعلامي وتم تحويل رمز الوطن وهو العلم إلى شارة على كتف الطلاب في المدارس بهدف اختزال الوطن والثورة والانتماء في شخص الرئيس ليصبح الولاء للوطن والثورة ولاء للرئيس.
> مصر كانت عملية الاختزال قد تمت في مرحلة سابقة لذلك وظفت الظاهرة باتجاه يدغدغ عواطف البعض ليكون شعار «مصر أولا» مدخلا للتنصل من الالتزامات والمواقف القومية وإليه لتبرير مواقف النظام السلبية من قضايا الأمة الاساسية وفي المقدمة القضية الفلسطينية.
> ما يؤكد عن كونها «كلمات حق أريد بها باطل» النتائج العكسية التي ترتبت عليها ولعبت دورا أساسيا في التعجيل بالثورة ومنها:
– تجريد الولاء والانتماء للوطن من معاني القدسية بإخراجها من ثنايا الصدور وتحويلها إلى شعارات في الميادين والساحات شأنها شأن الإعلانات التجارية.
-إفقاد العلم الهيبة والجلال والوقار التي كان يحتلها في نفوس الطلاب وهو يرفرف في الساحة يجلونه كل صباح العبء المالي الناتج عن إلصاق العلم في الزي المدرسي قلل من أهمية العلم وولد الخوف من المجهول القادم.
> اليمن في الجيوب.. اليمن في جيوبنا
الاعباء المالية التي تم إنفاقها من خلال هيئة التوعية الوطنية فاقت الخيال وهو ما أثار استهجان المواطن فلم يجد أمامه من وسيلة للاحتجاج في ظل القمع والتخوين والاتهام بالعمالة ضد كل من ينتقد الفساد أو يعارض استخدام قضايا الأمة الأساسية وتوظيف الشعارات باتجاه معايير لمضمونها فانطلقوا يتندرون بتحوير بعض الشعارات كما أسلفنا ما يثير الدهشة أن هناك من يصر على الاستمرار في القيام بالدور المشبوه ويسعى إلى استغلال الشركات والتجار باسم الهيئة المزعومة وهو ما يتطلب من الجهات المختصة التدخل لإيقاف هذه المهازل والممارسات التي تستغل أعظم مقدسات الانسان اليمني التي يحتفظ بها في أعماق قلبه ولا يحتاج من يزايد عليه ويتكسب بهذه الثوابت بدعوى أنه يذكره بثوابت يستحيل أن ينساها أو تغادر ذاكرته.. والله من وراء القصد.

قد يعجبك ايضا