(تقليب) في المواجع!! 

معاذ الخميسي



معاذ الخميسي

معاذ الخميسي
> اسمحوا لي أن أضع (شوية) أوجاع جاءت من ملامسة الواقع ومحاكاة الحقائق التي أطلت برأسها في أوقات كثيرة من أيامنا العصيبة لتقودنا شئنا أم أبينا إلى ساعة (غثاء) إن استطعنا تجاوزها سريعا.. ولكن إذا ما فكرنا فيها كثيرا.. أو أصرت هي على أن تستمر في الظهور.. فلا بد حينها من أن نعايش (الغثاء) بشكل دائم.. وعظم الله أجري وأجركم إذا ما اتسع الصبر وكبر متى ما عظم البلاء وزادت الأوجاع وتواصل ((الغثاء))!
وجع لن يندمل ما حصل في جمعة الكرامة حيث المشهد ما زال حيا في عيوننا وقلوبنا وما يخفف ألمه إجراءات الضبط والمحاكمة ومن ثم العقاب والتي استبشرنا بوصولها إلى رفع ملف الاتهام إلى المحكمة وبدء المحاكمة
وما أعظمه وجع حين تستهدف عملية إجرامية غادرة الرئيس وقيادات الدولة في واحد من أعياد المسلمين (جمعة رجب).. وفي بيت من بيوت الله.. وأكثر منه ألما ووجعا أن يكشف البعض عن أمراض مستعصية وحقد أعمى وهو يهلل فرحا وطربا ليرضي نوازع الشر التي تسيطر عليه عندما يتجرد أولا من قيم وأخلاق المؤمنين.. ويتخلص ثانيا من مبادئ وأعراف العرب والمسلمين.. متناسيا أن البلاء صغر أو عظم معرض له أي مخلوق وأن المرض أو الموت لا يجتمع معهما أبدا التشفي أو الفرح إلا عند من يمتلك قوة هائلة من الحقد.. ومثلها من المرض الذي لم يتوقف عند ما حصل بل ووصل إلى حد استباق الغيبيات ومغالبة المولى عز وجل في أمره بالإصرار على أن الرئيس قد قضى وصولا لتحقيق غايات ومنافع خاصة وعدائية وحزبية !!
ومن ضمن قائمة أوجاع ستة أشهر راهنوا على أنها شهر بالزيادة.. في رؤوس بعض المتحمسين حتى وصل الأمر إلى أن يقف الابن عاصيا ومتحديا لوالده أو لوالدته.. وأن تصاب بعض الأسر بشرخ عميق في العلاقة الأخوية التي وصلت في بعض الأحيان إلى حد أن يهدد الأخ أخاه.. وأن يتوعد الابن أباه.. وأن تدمر بيوت.. وتشتت أسر!!
ولأننا نتوجع كثيرا لكل من قتل وغادر الحياة في هذه (الفتنة).. يوجعنا أكثر أن تصل أعداد الشهداء من رجال الأمن والقوات المسلحة إلى ما يزيد عن المائتين.. وكأنهم ليسوا بشرا ودماؤهم محرمة وهم الذين يؤدون واجبا وطنيا من أقدس الواجبات.. فنجد من يغمض عينيه ويتجاهل.. بل ومن يستند إلى كم كبير من الحقد ليقول بكل بجاحة ووقاحة ((يستاهلوا))!
وغير ذلك من الأوجاع أن نجد اللعبة السياسية تستبدل بألعاب أخرى ضحيتها المواطنون وبانتقال سريع من خانة الصراعات الحزبية والسياسية إلى خانة التحدي على طحن الشعب.. وهنا يظهر التصعيد إلى ما لم نكن نتصوره أو نتخيله وهو يستهدف الناس وقوتهم ولقمة عيشهم ويصادر أدوات الحياة الكريمة ليدخل الصغير والكبير أزمة خانقة ماحقة على أساس أنها الطريقة التي لابد منها إذا ما انتهت الأفكار وفشلت الأدوات ولم ينفع ضجيج الإعلام ولم تجد دعوات العصيان.. ومن هنا اختفى الغاز.. ومن ثم ضربت الكهرباء وحل الظلام بلا أدنى تفكير بشيء من رحمة بالمرضى والمولودين حديثا وبالمصابين بالسكر.. ومن أجل أن تخلو الشوارع وتتعطل الحياة تماما فجر أنبوب النفط ونهبت القاطرات فارتفعت الأسعار بشكل جنوني.. وصار الوصول إلى (شربة) ماء أمرا صعبا خاصة في أزقة وشوارع صنعاء القديمة الضيقة ..  وأغلقت شوارع رئيسية بطوابير لها أول وليس لها آخر من السيارات التي تتواجد كثير منها منذ أسابيع دون أن يحصل سائقوها على لتر واحد من البنزين أو الديزل!!
ولا أخفيكم قضيت يومين في محطة بترول – الشهر الماضي – عرفت خلالهما أشخاصا كثيرين وهموما أكثر.. ووجدت معظم من يكتوون بألم الطوابير يتسلحون بالصبر.. ويقضون الليل بالتخزينة وسماع أغاني شوف الجبل واقف.. وإحنا بخير.. والله ما اترك رئيسي.. فاستوطنني الوجع لأن هذا الحب والوفاء والإصرار على مواجهة التحديات يقابل بفرجة من المختصين ومن بإمكانهم أن يأتوا بالمتقطعين والمخربين من قرونهم!!
كما هو الوجع ذاته من مسئول رفيع المستوى يقضي أكثر من ثلاثة أشهر متجولا من دولة إلى أخرى ومن مؤتمر إلى آخر ومن بدل سفر إلى آخر.. ومهامه ومسئولياته لا تهم!
ولا تصدقوا فليس كل ما يلمع ذهبا.. ولا تظنوا أن الأخطاء توقفت أو أن التعامل المسئول هو الحاصل في ظل هذه الأزمة.. فهناك مسئول أو معالي وزير لا يكتفي بمصادرة حق وظيفي مكتسب بل يصل إلى حد أن يقطع لقمة عيش قالوا عنها قديما قطع الرأس ولا قطعها..مع ذلك لو كان بمقدوره قطع النفسú لفعل أيضا- لا لأن من قطع عنه كل شيء انقطع أو تململ أو تلون.. ولكن لأنه ثابت صامد يتقن الوفاء ويتعامل بالحب لا بالحقد.. لهذا قيل أن وجع (القوت) لا يسقط بالتقادم!
ولا أحسبه إلا وجعا يكشف مدى ما وصل إليه البعض في التفكير.. وفي التعامل.. ولا أعتبره قلقا ولا خوفا حين لا يجد بعض هواة أو عدد من الفاقدين لكنترول ضبط الأعصاب سوى توجيه رسا

قد يعجبك ايضا