قضبان (مصــــر) .. !!



* سام عبدالله الغـباري *
– ليس لي حـلم سوى تحويل الغضب إلى سماحة والانتصار إلى سمو والثورة إلى حنان وعقل . فكل ما يجرف المشاعر يـبنى على زهو طاووس أخرق وجموع من سبقوا بتفجير الجنون عاقبهم التاريخ وسرد لعشرات السنين سطورا غاضبة تحاكم من حاكموا غيرهم . واقتصوا بلؤم لا يقل بشاعة عن عقوبات المتهم الجديد !!.
– في خوالج العرب ملايين الندائم وحكايا التصوير والتحليل وأساطير تمجد أبطالا وترقى بهم إلى مصاف الأنبياء . هذا هو «نزار قباني» حين مات ظلت الحسرات تحنو على «دمشق» الخير وقبل موته نعى تاريخ زعيم طويل من العروبة الثائرة قائلا: قتلوك يا آخر الأنبياء !! وما كان يقصد سوى : جمال عبدالناصر .
– كان هذا «البكباشي» زعيما فذا له أخطاؤه القاتلة مات بها مسموما نظيف الجيب والنوايا . وكان لمعاصريه مشهدا آخر من فصول تاريخهم الذي يحكي سيرة حياة إقترنت بحضوره الملهم ووجوده الخالد . وللأسطورة في زمنه مذاق خاص وللحب أيضا والطرب الجميل .!!.
– تلد الأنظمة الجادة عباقرة من نوع آخر وحين ترى عمالقة يتناسلون من رحم الإختلاف والتعدد تصيبك حالة إيمان بوقار قائد هذه الأمة وراعيها . قد لا يكون كامل الأوصاف في حياته لكن نتائج قدرته تحدد مراتبه بعد غيابه الذي يحدده المؤرخون ويشكلون له علامات الضبط والتنوين .
– قاد «جمال عبدالناصر» ثورة 23 يوليو 1952م كان يحلم بعروبة خالصة وفي طريقه كان الملك الألباني الأصل المصري المولد والنشأة : فاروق الأول متربعا على كرسي بائد وخيمة تظلل مكامن العهر والفساد . رفاقه قوم تعلموا كيف يقتاتون من دروس النبلاء أخلص العبارات وأرشد المـثل . ودعوا «ملكهم» على أصوات المدفعية إلى باخرة ذهبت به إلى المنفى الإختياري . وهناك مات الملك مكلوما على عرش أضاعته سنين المراهقة وطيش الجيش المدحور .
– تنفس المصريون أخيرا وكان إبن جلدتهم فلاحا لا يحمل مقاما إجتماعيا في قلبه وعقله ضمير أمة أحيا بداخلها بذور التحول والتغيير فاهتزت عروش الحكام التقليديين وصمد ملوك الصحراء الأثرياء بحماية الحرص العالمي على بقاء حلفاء البترول والطاقة .
– هـزم «الزعيم» في موقعة الكرامة فخرجت «أم كلثوم» تبكي وتنشد : أبق لنا قائدا وزعيما وإماما (!!) عاد تملؤه حماسة الثأر وكانت أحلامه ممكنة لو كان لعزرائيل التأخر قليلا لكن لا مناص من أمر الله تعالى . ومن جاء بعده حصد لقب المجد والبطولة في حرب 73م ثأر لأمة لا زالت جريحة من نكسة الهزيمة المدوية . وكان يأمل في السلام مع الذئاب فرصة للعيش المتوازي . إلا أن يد «الإسلامبولي» أضرجته بالدماء وبدا تاريخ الرجلين ساطعا بعد رحيلهما وهما على تناقض ثوريتهما وجدا من يؤيد وسجنا من يعارض . لطخا حياة البعض . لكنهما انتصرا في النهاية لمسألة الخلود المؤرقة .
– جاء الملك الثالث مشبعا بتاريخ العروبة ونكران الذات وباتفاقيات السلام ومعاهدة التقسيم . تعامل بمصرية خالصة . باع كل شيء حتى «فلسطين» لصالح شعبه وأزهر في «مصر» تميز الأنا وخصوصية الانفراد ومبدأ القيادة وزمام المبادرة . لم يختلفوا على عشق الحياة المخترقة بنهر «النيل» وصاروا فراعنة أكثر من فرعونهم . أفاع صغيرة تلدغ بالسم البطيء وتحيي جذوة الوطن في نفوس الشباب .. إلا أنهم خرجوا . سئموا حياة الفقر وملل الانتظار جاؤوا لتجديد روح ثورة الزعيم الحي ولإيقاظ الجغرافيا المجاورة من ركود الخرائط وسكون الرياح فجاء التغيير مهيضا على جناح الثورة . وسقط «الملك» !!.
– قبل 300 عام ثار الجياع في فرنسا . خلعوا ملكتهم وقطعوا عنقها الجميل في ساحة باريسية مظلمة كان الجوع أعمى . غير أن تاريخ ما جاء بعدها أنصف توجهاتها الإصلاحية . وتبرأ من قاتليها بل أدانهم بشدة . بعد هذه السنين دشن فراعنة الشرق الأفريقي مراسم محاكمة رمز تعمر طويلا في حكم «مصر» . أخذوا نجليه إلى سجن «طـرة» وزوجه سيدتهم الأولى بدت تبكي بوجه متورم فائض الدموع . اختفى النبلاء وظهر «دراكيولا» .!!.
– ما الفرق بينكما . إن أقرت سنوات ما مضى قهر الرجال وتكميم الأفواه ومصادرة الأرواح لقد أخطأ «مبارك» كثيرا لكن مبدأ المحاكمات التي تعقب النزع المهيب لسلطان حاكم تؤثر في أخلاقيات الثائرين وتلوث حـقنة الهدوء وتمحو صفة الزعامة عن كثيرين اكتسبوا صفات الأحمق الذي يجلد ذاته أو عويل مجنون يصرخ في الفراغ فرحا بصغيرة لا تذكر .!!.
– ما فعله «مبارك» وغيره كان محكوما بقانون سلطوي مروع غير أنه كان قانونا يتصدى للمظاهرات ويقتات من صدور الأبرياء أنات الأسى وزفير المعذبين . لم يخن «مبارك» شعبه لم يبع شيئا لسوزانه بل باع «صدام» وقبله باع «اليمن» كان يقول أن

قد يعجبك ايضا