لتنشئة السياسية … بحر من حلبة 

نبيل حيدر

وللأسف وأقولها للمرة الثانية للأسف هذا واقع المعترك السياسي الذي يخض البلد الآن وتبدو صوره جلية في الأدوات السياسية المستخدمة في الفعل وفي رد الفعل وقد يبدو غريبا القول بأن أحد الأسباب المؤثرة والمنتجة لذلك هو منظمات المجتمع المدني التي رغم اتساع مساحتها وأعدادها لا تزال منشغلة عن تنمية الوعي السياسي عبر تنمية الأساليب والوسائل الديمقراطية داخل تكويناتها وعبر ترسيخ مبدأ المؤسسية وحرية الآراء وطرائق اتخاذ القرارات بدون فرض وبدون إقصاء.

لكن المشهود عجيب ومضحك في نفس الوقت فالديكتاتورية تجد لها ميدانا فسيحا في منظمات المجتمع المدني لدينا وتريد لمنتسبيها أن يكونوا قطعانا تهش عليها عصا قياداتها التنفيذية متى ما شاءت تماما كما تفعل كل الأحزاب السياسية الموجودة التي أصبحت مباني آيلة للسقوط بسبب قصورها الواضح في السلوك السياسي وفي تكريس المبادئ والآليات الديمقراطية الحقيقية ولا أدل على ذلك من وجود قيادات تاريخية لم تتغير عن مواقعها منذ عقود وإذا تغيرت جاء التغيير في هيئة إزاحات دراماتيكية وتنقل بين المواقع الحزبية فئة الـ «في آي بي» أي الفئة الخاصة في الكراسي القيادية وهذا ملمح رئيسي يكشف طريقة تفكير العقل الباطن للأحزاب.

وإذا لم تستفد منظمات المجتمع المدني من الحادث الآن ولم تقرأه جيدا فلن تنهض ولن ننهض وأيضا على الأقل هذا ما تقوله أصول التنشئة السياسية والديمقراطية التي يظهر لها في كل ساعة أب جديد حتى «ضاعت الصعبة» أو تكاد وبالمناسبة إذا ظلت الأحزاب تخلط أوراقها بالمنظمات المدنية فسنظل في بحر من حلبة.

قد يعجبك ايضا