ظاهرة‮ ..الشيخ المناضل‮ …‬

‬فائز سالم بن عمرو


‬فائز سالم بن عمرو –
٭ .. تعيش أمتنا من المتناقضات والمتغيرات الصاروخية ما لم تستطع العقول والأفهام استيعابه فثورة المتناقضات ترينا الشيخ السلفي الأصولي التقليدي ينحي عمامته جانبا ويرتدي قبعة الكوبواي ويتأبط ربطة جيفارا ويدخن سيجارة كاسترو ويتتلمذ على فلسفة ميكافيلي .
ما يحدث ليس تجديدا أو تطوير الفقه لمعطيات الواقع فيما يسمى « بفقه الواقع « أو الاستجابة لمعطيات العصر ومتغيرات الحياة فالتجديد والتحديث لا ينطلق من المجهول ولا يسوده الغموض وتكون له أسس قوية ينطلق المجددون إلى الحداثة ومواكبة العصر بنظرة واقعية تستند إلى مرجعية قوية تستوعب الحاضر وتواكب المستقبل فما يحصل انسلاخ عن مناهج كان ينادى بها فالفكر السلفي الذي لا يجيز العنف ويقوم على التربية والتصفية لتغير المجتمع وتهذيبه ويتبنى عقيدة « الولاء والبراء» ويرفض فكر العنف والثورات والفوضى التي تدفع بالمسلمين إلى التناحر والصراع على السلطة تحت مسميات إسلامية ورايات سياسية جاهلية تعيد الماضي الأليم في تاريخنا الإسلامي باسم هذه الجماعات السلفية .
ظاهرة الشيخ المناضل خلطت بين السياسة والتدين بين المنابر والمساجد بين الساحات والميادين بين الخطاب الثوري والفتوى الشرعية فتجد العالم الذي رفض فتوى هيئة كبار علماء السعودية بالاستعانة بالأجنبي لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي هاهو يفتي بالاستعانة بالناتو لقتل الشعب الليبي واحتلاله ونهب ثرواته وتصيبك الرهبة حين تجد المجاهد الذي تم جلبه بطائرة أمريكية من معتقل جونتنامو يطلق التكبيرات بالجهاد تحت راية الناتو في ليبيا وتجد السلفي الذي يرفض الخروج على الحاكم أو حتى نقده ونصيحته جهرا يكفر الحاكم ويأمر بالخروج عليه وعزله تحت راية الثورة وأئمة الدعوة السلفية التعليمية يرفضون التحزب والانجرار إلى الفتن وقتل المسلمين تحت راية الجهاد غير المستوفي للشروط الشرعية يعلنون الجهاد في صعدة ويقاتلون في منطقة كتاف ويرسلون شبابا صغارا ولا يملكون الخبرة والمهارة للقتال في جبال منطقة « كتاف « الصعبة والشاقة .
أساس المشكلة في ظاهرة الشيخ المناضل بأنك إذا أردت انتقاد الشيخ المناضل على آرائه السياسية ومواقفه الحزبية تواجه باتهام بأنك تتعرض للعلماء ولحوم العلماء مسمومة ومن ينتقدهم أو يناقشهم يجاهر بمعاداة الإسلام وهدم أركانه . الإجابة عن هذه الإشكالية من يناقش قضايا سياسية وحزبية واجتماعية لا يستحق الوصم بالكفر لأنها قضايا يختلف ويتفق فيها الناس وتتعدد الآراء والأقوال . لا يجوز توظيف المساجد وتسخير المنابر لمناصرة رأي سياسي أو حزبي وتأويل النصوص لخدمة جماعة أو مذهب أو رأي وثانيا فنحن نناقش سياسيين ورؤساء أحزاب سياسية معلنة يحق لنا الاختلاف والتباين معهم فلا يجوز إقحام الدين ونصوصه الشرعية في هذا الخلاف الحزبي السياسي لأننا كلنا مسلمون ونحن لا نختلف مع هذا الشيخ إلا في انه جير المسجد والمنبر لقضايا سياسية يختلف فيها الناس ولو التزام المنبر والمسجد برسالة الإسلام السمحاء لما اختلفنا ولما ردينا وناقشنا الشيخ ولا نازعناه في أمور الدين.
نشهد هذه الأيام إفراطا غير مفهوم في ظاهرة المجالس والهيئات السياسية والحزبية والاجتماعية والغريب في هذا المشهد المريب بأننا نجد ظاهرة الشيخ المناضل تتكرر في هذه المجالس فستجد الشيخ مشاركا في عدة مجالس سياسية وشرعية واجتماعية متناقضة في فكرها وطرحها ونجد الشيخ تارة يخرج بيانا بصفته عضوا في هذه المجالس وتارة يصدر فتوى في إطاره الجمعية الدينية وتارة أخرى يصدر رأيا في إطار حزبه السياسي فكيف تتوافق هذه الآراء من شخص واحد في مواقف مختلفة ومتناقضة وفي هذه الآراء والبيانات تجد مرجعيتها أحيانا مرجعية حزبية وأحيانا مرجعية سياسية وأحيانا مرجعية الدولة . وكثيرا ما تجد خروج وعدم اعتراف بالدولة ومرجعيتها مثل الدعوة للجهاد في سوريا أو في صعدة أو نحو ذلك.

# إعلامي وباحث
faizbinamar12@gmail.com

قد يعجبك ايضا