التدوير الوظيفي الذي نريده¿!!
عبدالفتاح علي البنوس
عبدالفتاح علي البنوس –
التغيير حقيقة يجب أن نؤمن بها ونسلم بها جميعا على هذه المعمورة وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالوظيفة العامة بمختلف درجاتها ومستوياتها باعتبارها مواقع وجدت من أجل تقديم خدماتها للمواطنين وتسيير أوضاع البلاد وفي بلادنا كان من المستحيل التفكير في قضية تدوير الوظيفة العامة وخصوصا في ما يتعلق بالوظائف السيادية والمواقع الحساسة في مختلف قطاعات الدولة إلا فيما ندر لا لشيء إلا أننا لم نتعلم ثقافة تدوير الوظيفة العامة وتبادل المواقع القيادية في أغلب مؤسسات ودوائر الدولة فالمسؤول يظل في منصبه لعشرات السنين دون أن يتغير وهو الأمر الذي يجعله يظن أنه لا يوجد على أرض اليمن من هو مؤهل لتولي هذا المنصب غيره ولذا تجده يفسد ويعبث ويورث المواقع البارزة في الوزارة أو المؤسسة التي يقودها لأولاده وأقاربه وحاشيته بعد أن وصل على قناعة مطلقة بأن هذه المؤسسة أو الوزارة التي يرأسها أضحت بالنسبة له أحد أملاكه التي لا يمكن أن ينافسه عليها أحد ودرجت العادة لدى مسؤولينا على هذا المنوال وما أكثر المؤسسات والدوائر الحكومية التي تحولت إلى ملكيات لأشخاص وأسر.
ومن الجميل في بلادنا أن الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد والتي ينظر إليها البعض على أنها ثورة عملت على إسقاط هذا الفكر الإفسادي وفتحت المجال أمام خيارات التغيير والتدمير الوظيفي ابتداء من منصب رئيس الجمهورية وإنتهاء بوكلاء المدارس وهذه نقطة تحول كبرى في حياتنا كيمنيين لأننا لم نكن نحلم بها فعقب تداول السلطة سلميا من خلال الانتخابات الرئاسية أسقطنا مشروع الرئيس الأوحد أو رئيس للأبد وصار منصب الرئاسة محددا بفترتين انتخابيتين ما بين عشر إلى ثمان سنوات بواقع خمس أو أربع سنوات لكل فترة أو دورة انتخابية بحسب ما سينص عليه المؤتمر الجديد للبلاد المزمع صياغته عقب تدشين مرحلة الحوار الوطني بين مختلف الأطراف السياسية ومكونات المجتمع اليمني ومع إقرار الدستور لذلك فإنه لن تكون هناك مجال للتمديد أو التجديد إلا بعد مرور دورة انتخابية تماما كما هو معمول به في الدول الديمقراطية ولن تكون هناك حاجة للرئيس المنتخب لاستحداث آلية جديدة للعمل وإحداث تغييرات على الأداء العام للدولة تضمن حفاظه على منصبه وتأمين الكرسي الذي يجلس عليه باعتبار هذا الكرسي بات يشبه تلك الكراسي الموجودة في صالونات الحلاقة التي تخضع للمداولة ولا يستقر عليها أي شخص طويلا إلا في حدود المدة المخصصة للعلاقة ولأننا نريد بناء دولة المؤسسات فإن تدوير بقية الوظائف والمناصب الحكومية بات اليوم من الضروريات الملحة جدا ويجب أن يتم تعميم هذا المبدأ على مختلف وحدات مؤسسات الدولة دون استثناء وفق لوائح وضوابط تضمن الأداء المتميز والعطاء الخلاق في مختلف قطاعات الدولة ومؤسساتها فلا نريد أن يتحول التدوير إلى إقصاء للعناصر الوطنية المؤهلة المشهود لها بالخبرة والكفاءة والنزاهة فمثل هذه العناصر الوطنية تخضع بحكم القانون للتدوير الوظيفي من أجل ضمان عدم اختراقه مع الأخذ بعين الاعتبار منحهم الترقيات وتعيينهم في مناصب أعلى لضمان الاستفادة من خبراتهم ولا حاجة لنا بعد اليوم لتعيين من يتم تغييرهم في مناصب ترضية كالمستشارين لأننا نعرف جميعا أن المستشار في بلادنا هو آخر من يستشار إن كان هناك من يطلب منهم المشورة فكل مسؤول قراراته في رأسه ولا دخل لأحد فيها حتى ولو كانت غير موفقة على اعتبار أن “البركة في الحاصل” و”الحياة تجارب” وما أكثر المسؤولين الذين يتورمون عندما يعتب عليهم البعض عدم أخذ استشارة كتيبة المستشارين التابعين للوزارات أو المؤسسات التي يديرونها بحجة أن ذلك يعد انتقاصا لهم واستهانة بهم ولذا لا غرابة أن يقول أحدهم “اللهم لا شماتة”: أنا مسؤول مش طرطور أنا صاحب القرار المستشار مكانه البيت واعتماده يوصله نهاية الشهر ولا تصدقوا ما فيش عندنا منصب اسمه مستشار.
* فنحن نريد أن يكون قانون التدوير الوظيفي مناسبا مع هويتنا ومستوياتنا الثقافية وبما يخدم المصلحة الوطنية وخصوصا فيما يتعلق بالمدة التي يجب التدوير بعدها فنحن نريد مدة معقولة ومقبولة فمن غير المعقول أن أحدد مدة التدوير بسنتين بالنسبة لرؤساء المؤسسات والوحدات الحكومية فالمدة غير كافية وسيجد الكثير من المسئولين منها فرصة للنهب والفساد وجمع الثروات من أجل تأمين المستقبل ومن هنا فإن المدة ينبغي أن تكون معقولة بحيث يواصل من أبدع وأنجز ويستبعد من أخفق وأفسد مع مراعات أن يكون الخلف بنفس نزاهة وحنكة السلف إن لم يكن أفضل لأن ذلك سيجعل من الخلف يواصل مسيرة السلف بحيث تسير الأوضاع في تلك المؤسسات والوحدات بوتيرة عالية دون توقف لأننا تعودنا في السابق أن كل مسؤول جديد يعين في منصب جديد أول ما يقوم به هو تغيير الأثاث وطاقم المكتب وإصدار قرارات دائما ما ينجم عنها ردود أفعال متفاوتة ما بين مؤيد ومعارض من أجل أن يوصل للموظفين رسالة مفادها أنه تم تعيين مد