مشاهد يومية.. صحافة مصر … عودة الروح 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

 

عبدالرحمن بجاش

{ إلى ما قبل 25 يناير 2011م كنت كلما أتى لي الزميل محفوظ البعيثي بالصحف المصرية حملتها معي إلى البيت فأضعها في المكان الذي يأتي إليه ابن الجيران ليأخذ الصحف التي تضع عليها أمه الأكل أو بقاياه أما «روز اليوسف» وهي بالمطلق أثيرة إلى نفسي فلم أفتحها مطلقا لأن صفحاتها لم يعد بها ما يقرأ!! وذات «يوميات» كتبت «روز اليوسف … والله زمان» تحسرت على أيام الشرقاوي وبهاء الدين ومحمود التهامي والكوكبة من النجوم التي عمرت بأقلامها وإدارتها سماء «روز اليوسف» ومن لحظة أن تولاها محمد عبدالمنعم وهو المراسل العسكري انحدرت «روزا» إلى حد البكاء عليها!!

نحن كيمنيين فتحنا عيوننا على صحافة مصرية منذ انبلاج فجر سبتمبر 1962م فنهلنا على غضاضتنا ما استطعنا من «المصور» و«آخر ساعة» و«الأخبار» و«أخبار اليوم» ما استطاعت قدرتنا على الفهم والإدراك أما «الأهرام» فكانت حكاية أخرى عظيمة وعالية ومعالمها بين الأرض والسماء.

ولا بد لي أن أشير إلى أن صهري أحمد نعمان مثل غيره كثير يتباهى في منزله بتعز بأعداد تملأ دولابا زجاجيا من «روز اليوسف» وحين سألته : من أين وكيف¿ قال : من عدن ومن الخمسينيات والآن سألته¿ ضحك : لم يعد في «روزا» هذه الأيام – قبل ثورة 25 يناير – ما يجعلك تحتفظ بها أما «صباح الخير» – أضاف – فقد تحولت إلى منشور سياسي!!

غابت عن الصحافة المصرية أقلام عظيمة وصور طوال (30) عاما حجر عليها داخل أغطية أقلامها فمنعت من مجرد الاقتراب من دور الصحافة وأتى وقت قفز إلى رئاسة تحرير الصحف منú خرق تقاليد المهنية التي تحتم على منú يصل إلى رئاسة التحرير منú قد عرك الحياة المهنية وصار من حقه بعد سنين من جهد وتقديم عطاء أن يرتقي وحسب الأقدمية والاستحقاق.

صار إلى حد كبير منú يجيد «الفهلوة» فبإمكانه الوصول إلى رئاسة التحرير وصارت الصحافة – للأسف – كالشركات الرديئة التي يستطيع أن يصل مديرها بأرقام مرتبه إلى السماء في الوقت الذي يتضور الآخرون من حوله جوعا!!

كم كانت قلوبنا تحترق حنقا على صحافة مصر بل على مصر التي أحببنا وعشقنا.

ولأنه لا يصح إلا الصحيح فقد أبت مصر التي خفنا عليها كثيرا ونام العرب بسبب الفرض أن تنام مبكرا وهي منú سهرت على حياة منú حولها فنوموها لكن عينيها ظلتا ترقبان ما يدور حتى قررت أن تعود إلينا بعودة الروح إليها هي مصر إذا.

لم أتوقع أن أجد نفسي ذات صباح وألتقي بصورة الدكتور عبدالعزيز المقالح وأين¿ على الصفحة الأولى لـ «الأخبار» المصرية.

والأقلام المصرية والوجوه التي منعت دهرا طويلا من مجرد الاقتراب من الأبواب فما بالك بالصفحات ها هي تعود سواء اتفقت معها أو اختلفت المهم أن الريح عادت تمر بين النوافذ تدخل من الأبواب!!

القرضاوي في صحيفة الشيخ حسان في أخرى البلتاجي يصرöح العريان ينفي هيكل الذي ظلت كلماته وحروفه تهيم خارج الحدود عادت إلى عشها ما جعل الرجل يتحسر على عمره تمنى لو أن شبابه يعود ليرى مصر تعود إليها الروح في صفحة أخرى من صحيفة «قومية» يقول مواطن عادي مقاول : صرت أمشي في الشارع مستغربا أن أرى المصريين يضحكون «أي والله يضحكون».

وانظر هل رأيت ثورة تكون النكتة أحد أسلحتها الجبارة هي مصر وحدها التي تعمل ذلك التي تتحول بالنكتة إلى قوة روحية تزلزل الآسن من كل شيء!!

صرت أحتضن الصحف المصرية كما أحتضن أمي حين أراها لو رأى أحدكم جلستي سيراها تحيط بي من كل جانب لغة جديدة أسلوب عهدناه من أيام زمان وبرغم أن قياداتها لا تزال متربعة لكن الروح الجديدة تخترق الصفحات وتأتي من كل الأبواب والنوافذ والأقلام الشابة تحتل أماكنها لا تستأذن أحدا إلا روح مصر.

فرحتي كبيرة بعودة مصر إلينا نحن الذين افتقدناها زمنا طويلا لكنها مصر التي لا تخلف وعدا لا تخلف وعدها حتى ثورتها غير الثورات حتى جيشها غير كل الجيوش وها هو العالم يأتي إلى ميدان التحرير ليتعلم ولم يقل أوباما عبثا : «علينا أن نعلم أطفالنا دروس الثورة المصرية».

صار كبار الكبار يأتون إلى ميدان التحرير ليقفوا على معجزة المكان ونهر النيل عاد ليتدفق على صفحات «الأهرام» و«روزا» و«الأخبار» و«أخبار اليوم» صرنا نقرأ هيكل بنكهة مصرية.

و«ماسبيرو» الذي كان مجرد الاقتراب منه – فقط – لالتقاط صورة حلما هو الآن يفتح أبوابه – بدون شهادة حسن سيرة وسلوك – لكل الأطياف لكل الوجوه لم تعد الشاشة المصرية حكرا على الفساد بل صار يطل من عليها الوجه المصري الأصيل.

صرت الآن مملوءا بالكلمة وإن كانت بعض الشوائب لا تزال عالقة إلا أن الوقت المراهن ع

قد يعجبك ايضا