الإعلام الحربي ..وموسيقى الحزن!! 

عبدالله حزام



عبدالله حزام

عبدالله حزام

تمارس الفضائيات الناطقة بالعربية جنوحا نحو تعبئة الشارع العربي باتجاه مباركة الدم المراق على الاسلفت وبöشبه حد التطابق مع طريقة الـ(بي بي سي) في مارس 2003 عندما مارست الإعلام التعبوي مع حرب العراق عن طريق بث برامج خاصة عن الحرب العالمية الثانية وبشكل يومي تحكي دور الانجليز في تحرير أوروبا تمهيدا لتقبل الشعب البريطاني قرار الحرب ضد العراق !!

*  يا جماعة الرحمة حلوة ..يكفينا أننا أصبحنا أسرى الصورة المتكررة للقتل والدم والتعذيب الذي يطال الفلسطينيين والتي نشاهدها مع كل نشرة أخبار وموجز قصير وشريط إخباري عابر للشاشات ..بل والى حد  أن صارت مشاهد موضة على الملابس في قسم أزياء الدعوة إلى القتل ..!

*  بالفعل هل نحن ناقصين أن تتحفنا الجزيرة والعربية والحرة وبي بي سي  بوابل من المشاهد البصرية على مدار الليل والنهار من تلك التي تقطع النسل وترفع  الضغط بطريقة تعبوية?مصحوبة بالأناشيد العسكرية والموسيقى الحزينة كقنوات حربية صرفة لا تراعي فينا إلا ولا ذمة¿!!.. 

*  بالذمة أليست كوابيس جبروت المؤجر ومقص عزرائيل الكهرباء وهنجمة البلدية ونخيط مرافقي أعضاء مجلس النواب أرحم بكثير من كوابيس صور الفضائيات الحربية التي تتقن فن عرض أشلاء الآدميين  ولسان حالها يردد:”وليس لنا إلا السيوف وسائل ” عامدة إلى تقسيم الوطن الواحد إلى فسطاطين (أنصار مؤمنين وكفار قريش)!!..مع ميزة إضافية وهى تقديم مقبلات بقع الدم على الشاشة  ومقربة أيضا ..

*  وفي حال كهذه يجد المشاهد نفسه وهو نائم أمام وجبة كوابيس من النوع المؤذي يتطلب معها كتابة التحذير التالي بجانبه :يرجى الابتعاد عن النائم 10 أقدام تجنبا لتصرفات مؤذية أهونها الرفس !!!

*  أثق أن أحاسيس الاستنكار والاشمئزاز تتزاحم داخل المشاهدين من كل ذلك ..لكن ماذا يمكن أن نقول في مصائبنا ذات الماركة المحلية¿ خصوصا القنوات الخاصة منها والتي أصبحت نسخة مكررة من قنوات الإثارة التي تعمل (بريموتات) التعبئة والشحن المناطقي والطائفي ضد الداخل حتى صارت تقول في شتم الطرف السياسي الآخر ما لم يقله الإمام مالك في الخمر”.طبعا هنا لا مجال للموضوعية وصدقية الخبر والمهنية لأنها  تدفن والخبر موجها وفق ميول سياسية وفكرية مسبقة.!وألف مبروك للجميع :(خرافة ) اسمها الحياد!!

*  الطريف في ألأمر  أن هذه القنوات المحلية تستهل بثها بالقران الكريم ..لكنها  سرعان ما تعمد إلى عملية إنزال مظلية لبرامج من نوع حلبات المصارعة تحت اسم (حوارية)!! ومقاطع صور لمسيرات ومظاهرات اشتكى منها فني المونتاج وأجهزته من كثرة الحذف والإضافة واستخدام الفوتيشوب لتكثير حق (الخبرة )وتقليل حق الأعداء.

*  وللتوضيح أنا  هنا لا أستثني قنوات الأعلام الرسمي من عملية دفن الحياد والتي غالبا ما تحشرنا في ركن (مع أو ضد) ..مع أن من الضروري الإبقاء على منطقة وسط تعيد للمشاهد فيها  قليلا من حال التنفس الطبيعي بعيدا عن التمترس خلف مواقف متصلبة لصالح طرف ما على حساب آخر.

*  كما أنه ليس طريفا أيضا أن  تكتفي بدور  (ساعي البريد) من خلال الاقتصار على نقل الطيبات من الأخبار السارة وترك هموم الناس..وإن كان المشاهد قد لمس في قنوات الإعلام الرسمي مؤخرا نسبة من حرية التعبير عبر برامج حوارية تستضيف الرأي ونقيضه لكن ما يضعف من تلك البرامج إيكالها لبعض مذيعين يمارسون دور معلم الصف الذي يمسك العصى (وشوية يقلك افتح يدك)..!!

*  على أية حال أن يأتي هذا الهامش من الحرية في الإعلام الرسمي في قناتي الفضائية اليمنية وسبأ”متأخرا خير من أن لا يأتي” لكن نتمنى أن يتحول إلى فعل مستمر لطرف الشباب وهمومهم وفضح كل ذي ناب وظفر من  أهل الفساد ..ليس في حال الأزمة فقط بل والاتفاق بين أطراف العمل السياسي ..وبالمناسبة ليست معجزة أن تقدم قناة كـ (سهيل) على نفس الخطوة وتترك فن لغة الواحدية في الطرح والعرض بطريقة “قلايتي وإلا الديك”!

*  وقبل أن أكمل :ثمة درس ينبغي أن تتعلمه الوسائل الإعلامية  المحلية المهرولة نحو الخراب وهو التقليل من تناولاتها لأخبار الأشقياء والضالين والمنحرفين والمخابيل بمختلف ألوانهم وأشكالهم وأزيائهم وتعصباتهم الكريهة وأن تبدأ صفحة جديدة تعيد فيها تطبيع علاقتها بالمشاهدين على أساس من الحرص على الصدق بدلا من تزيين صفحاتها وشاشاتها بحمامات الدم.. وان تتذكر الحكمة التي تقول “إذا ظلمت من دونك فلا تأمن عقاب من فوقك

قد يعجبك ايضا