تأملات .. الصعود إلى العقل 

محمد عبدالماجد العريقي


محمد عبدالماجد العريقي

محمد العريقي
إذا كانت المسيرات والمظاهرات في الشارع حقا كفله الدستور ونظمه القانون لكن استخدام هذا الحق لا يخلو من مجازفة ومخاطرة في كثير من الأوقات خاصة في مجتمعاتنا العربية التي لم تترب ولم تتعود على أن يكون التعبير عن الرأي والرأي الآخر في الشارع بطرق سلمية وحضارية.
فالقفزة النوعية التي تقبلتها المجتمعات العربية وتفاعلت معها هي حرية الرأي والتعبير من خلال وسائل الإعلام وظلت نسبيا محصورة بالكلمة المكتوبة والمسموعة أما في الشارع فالوسيلة هي بالعصى والهراوات والحريق وقطع الطرقات والتراشق بالطوب والأحجار والمطاوي والسلاح الأبيض والرصاص وقد يفضي إلى دمار وتدمير للممتلكات العامة والخاصة ويختلط الحابل بالنابل بين متظاهر يرفع شعارات تعبر عن مطالب محددة وبين شعارات يرددها الخبثاء المصابون بأمراض التعصب الأحمق يشيعون نزعات الحقد والكراهية ومندسون يروجون للشائعات ويسعون للتعبئة المغرضة لخلق مزيد من الفرقة والانقسام وقد يتطور الأمر إلى مشاهد لسقوط قتلى وجرحى من أسلحة نارية لا تعرف من أين مصدرها .. فتكون النتيجة كارثة.
إذا كان منطق حرية التظاهر هو السماح بالنزول للشارع للتعبير عن الرأي بطرق سلمية ومنظمة .. لماذا سرعان ما يصبغ هذا الحق بلون الدماء والدمار ويحضر الشيطان ليعبد الطريق باتجاه الهاوية فتبدأ مرتكزات السلم الاجتماعي بالتكسير ومقومات الاقتصاد بالانهيار.
إذا كان يحدث كل ذلك عند النزول للشارع بهذه الطريقة وهذه الكيفية¿ لماذا لا نسير بالاتجاه المعاكس وهو الصعود إلى العقل¿
فالعقل هو أهم خاصية وهبها الله للإنسان يستطيع من خلالها التغلب على الصعوبات المعقدة وينسج أفضل الحلول المبتكرة لمواجهة أية مشكلة وبالعقل والحكمة يمكن التكيف مع المستجدات والمفاهيم المستحدثة منها استخدام حرية المظاهرات والمسيرات في الشارع.
لو كان هناك شيء من التعقل والبصيرة لما شاهدنا أبناء الوطن الواحد يتصادمون ويتناحرون ويقتلون ويجرحون لماذا .. لماذا¿ وبالأخير كل الأمور تحل بالمواقف والمبادرات التي يأتي بها العقل¿
العقل يحتاج إليه في هذا الظرف الحرج لحل مشاكلنا مهما كانت ساخنة تلسع كل من اقترب إليها لكن بهذه الطريقة تتحقق بأقل كلفة اجتماعية وأكثر ديمومة وضمان مكان ومكانة الاستقرار والتماسك بين أبناء الوطن.
لماذا يوظف البعض قدراتهم الذهنية والعقلية وكل حواسهم لابتكار طرق الشر وزرع الفتن¿!
مع أن نفس هؤلاء الأشخاص يستطيعون  وبنفس عقولهم وحواسهم الإبداع بإيجاد أفضل الحلول لأعقد المشاكل بشرط أن يكون روحهم مفعما بالحب والتسامح وحب لأخيك كما تحب لنفسك واحترام وتقدير لحقوق أخيك مهما كان لونه أو مذهبه أو عرقه .. فالناس سواسية كأسنان المشط بالحقوق والواجبات كل هذا في المتناول إذا صعدنا إلى العقل.

قد يعجبك ايضا