فسحة أمل لا وجل!! 

ابراهيم الحكيم



ابراهيم الحكيم

 إبراهيم الحكيم
جل ما تحتاجه الشعوب لتحيى حياة سوية وسعيدة هو الأمل في غدö أفضل.. لا يحتاج أي شعب كما لا يطيق أو يحتمل حياة يستبد بها الخوف مöنú الغدأو ما يبعث في نفسه الوجل!!..وقديما قال الشاعر: «أعلل النفس بالآمال أرقبها..ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل».
الأمل هو أكسير الحياة ولولاه لما أرضعت الأم ولدها.. حتى أولئك الذين هبوا أو ثاروا وأسقطوا الأنظمة السياسية في بلدانهم وأمسوا في «عهدة الجيش» بلا نظام.. فعلوا ما فعلوه حين انعدم الأمل.. وجل ما جنوه وتحقق لهم عمليا هو إحياء الأمل في غد أفضل.
وإذا كان هذا الغد الأفضل الذي بات التونسيون والمصريون يعلقون عليه الأمل غير معلوم أوانه ولا أمد لانتظاره.. فإن السؤال الذي يطرحه العقل هو: لماذا إذن لا نحيي الأمل في غد أفضل يكون أقرب وفي اليد مناله.. لماذا لا نزيل مبطلات وقاصفات الأمل¿!!.
ذلك ما يريده ويحتاج إليه الشعب -أي شعب- وفي بلادنا بصورة خاصة في هذه المرحلة الحرجة وعلى وجه السرعة.. لا يحتاجون إلى تمييع همومهم وتعويم معاناتهم في تجاذبات ومشاحنات سياسية تزيدهم خوفا أو وجلا بل يحتاجون أملا حقيقيا في غد أفضل.
يحتاج المواطنون إلى إجراءات جادة وصادقة صارمة وحاسمة تحدث فرقا واضحا في حياتهم.. فرقا يلمسونه في معاشهم..يحتاجون تغييرا عمليا يتخطى «إعلان النوايا» إلى بيان أعمال هذه النوايا في تصحيح وضع مختل وتغيير حال معتل إلى وضع أفضل وحال أمثل.
هذا التصحيح وذاك التغيير ممكن جدا ولا مانع له مطلقا.. فقط بتقديم فاسدين للمحاكمة وعزل فاشلين من مواقع عامة ومحاسبة متقاعسين في وظائف عامة ومساءلة مقصرين في واجبات عامة ورفع مظالم عامة وقمع الظالمين وردع المتنفذين والمتسلطين.
لن يكون مثل هذا التغيير مستحيلا كما لن يكون صعبا ولن يتطلب وقتا طويلا ولا ترددا كثيرا ولا حتى جهدا كبيرا.. إذا ما صاحبه تجريم قانوني وفعلي تطبيقي للجمع بين الوظيفة والتجارة وللمحاباة والمحسوبية في الوظيفة والخدمة العامة.
حتى البطالة وبرغم أنها في الأساس مشكلة وفرة أيد عاملة وقلة فرص عمل شاغرة.. يمكن إحداث تغيير وفرق في التعاطي معها..بتنفيذ مراجعة شاملة وسريعة وعملية لمعايير شغل الوظائف القائمة وتلك الشاغرة.. واعتماد معيار: الأكفأ تأهيلا وأداء وإنتاجا.
مثل هذا يظل ممكنا جدا فقط بتوافر إرادة قوية حقا وعزيمة جادة صدقا وإدارة نزيهة وكفؤة ومخلصة فعلا.. تبدأ بتطبيق التصحيح على نفسها أولا قدوة وحافزا لغيرها.. ولدينا في هذا تجربة ناجحة مازالت ذكراها حاضرة في أذهان الشعب وستظل خالدة.
ليس مهما كما ليس ملحا الآنأن يكون هذا التصحيح وذاك التغيير بالضرورة في القطاع أو النظام السياسي فالشعوب بما فيها الأوروبية والغربية آخر ما يعنيها وتهتم له -إحصائيا وليس افتراضيا- هو السياسة ومتابعة مجريات منافساتها بين الأحزاب أو النشوط تنظيميا فيها.
يحتاج الناس ويهتمون أكثر ما يهتمون ويتطلعون أقصى ما يتطلعون إليه أن يكون هذا التغيير المطلوب على وجه السرعة في القطاعين المالي والإداري.. فهما أكثر ما يهم الناس والتغيير فيهما سرعان ما يظهر وينعكس فعليا وإيجابيا على واقع معاشهم الاجتماعي.
ذلك ما يتعين أن يدركه أهل السياسة حكومة ومعارضة وموالاة.. أن الشعب اليمني -وكأي شعب- لا يطمح لمكاسب أو حقوق صوتية أو مشاركة سياسية بل لمكاسب فعلية معيشية وحياة كريمة وعادلة تتوافر على الحد الأقصى للهناء والحد الأدنى للشقاء.
لابد أن يعرف السياسيون في بلادنا على اختلاف أحزابهم أن عامة الناس لا يشاركونهم طموحاتهم السياسية في الحكم ولا يهتمون فعليا لمن يحكمهم أو يدير شؤون البلاد ومصالح العباد.. قدر اهتمامهم بالعيش في أمن وسلام وكرامة وسعادة وعدالة.
ولو جرى تخيير أي شعب بين المزيد من الحقوق السياسية وبين المزيد من الحقوق المعيشية في حياة كريمة آمنة ومستقرة وعادلة.. اقتصاديا واجتماعيا خدميا وإداريا.. لاختار وبلا تردد الحقوق الاجتماعية ودون أدنى أسف على الحقوق السياسية.
يجب أن يعلم السياسيون أن السواد الأعظم من الشعب في بلادنا سئموا إدارة البلاد بالأزمات وضاقوا باختلافاتهم الشكلية وخلافاتهم الشخصية التي تتمحور في تقاسم مقاعد المجالس المحلية أو البرلمان أو الحكومة أو الرئاسة ولا تهتم لمعاناتهم الحياتية.
بل أن الناس صاروا يرون في هذا الطغيان العبثي للشأن السياسي وصخب صوته العالي على ما دونه من شئون الحياة أنه نقمة أحدثت وتحدث هذه الملهاة المستفحلة بالسياسة واللهاث وراء «محاصصة السلطة» والتلاهي عن القضايا الأهم والهموم الأعم للشعب.
والحق كل الحق مع

قد يعجبك ايضا