الفساد قضية إرهاب مجتمعي..!!

محمد عباس السراجي

محمد عباس السراجي –
يتفق معي الجميع بأن الفساد يعتبر آفة قاتلة ومدمرة وغولا مخيفا يقضي على مستقبل الكثير من المجتمعات المعاصرة والحديثة ويعتبر الفساد ظاهرة وبائية انتشرت في بلادنا بشكل مخيف ومفزع نتيجة غياب هيبة القانون وسطو مجموعة من المتنفذين والمفسدين على جميع مفاصل الدولة في كثير من مؤسسات ومرافق الدولة مما جعل الفساد يستقوى بقوة أولئك المتسلطين والمتنفذين في مراكز الدولة المختلفة.
وينتشر في كثير من أجهزة ومؤسسات الدولة انتشار النار في الهشيم لدى كثير من الموظفين الصغار قبل الكبار والمسئولين في تلك الأجهزة والمرافق الحكومية حتى أصبح الجميع يؤمن بشعار الفهلوة والكسب غير المشروع على مبدأ القيم والأخلاق الوظيفية الحميدة.. وكل ذلك بسبب غياب الوازع الديني والأخلاقي والأسري وغياب قوة الدولة وهيبة القانون.
وعلى ما يبدو أن الفساد أصبح الشغل الشاغل للكثير من المسئولين والمهتمين بالشأن الاقتصادي والمالي والبناء المؤسسي على أسس علمية حديثة والراغبين فعلا ببناء يمن جديد وصحي خال من آفة الفساد وأؤمن جيدا كما يؤمن معي الكثير بأن مشكلتنا الرئيسية في هذا البلد هي مشكلة إدارية بحتة أكثر منها مشكلة اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو مالية.
فغياب القيادات الإدارية المتمرسة والمؤهلة علميا ودينيا وسلوكيا والقادرة على تخليص الوطن من هذه الآفة المدمرة يشكل عائقا حقيقيا أمام مستقبل آمن ومزدهر فغياب مبدأ الثواب والعقاب وكذا غياب السياسيين الإداريين الحكماء في كثير من مرافق الدولة ومؤسساتها جعل الفساد عظيما وكل فاسد يتغنى بفساده وفهلوته في العمل الإداري والمؤسسي نتيجة اعتماد أصحاب القرار والحل والعقد في كثير من مرافق ومؤسسات الدولة على مستشارين لا يشارون كونهم يفتقدون للحكمة الإدارية المعاصرة ويتفننون فقط في تجميل القبيح وتقبيح الجميل لدى أصحاب القرار

والحل والعقد وهنا طبعا تأتي الطامة الكبرى لأنه أصبح من يعمل بأمانة وصدق وإخلاص يعتبر في نظر أولئك «الشلة» مخلا بواجبات الوظيفة العامة.. أو بالأصح «صاحب مشاكل..».
طبعا يعلم الجميع بأن الفساد المالي والإداري والأخلاقي والسياسي ضرب جذوره عميقا في جميع أجهزة ومرافق الدولة وأصبح الوطن عاجزا عن النهوض ما لم يسارع الجميع إلى إعلان حالة

الطوارئ وبدء عهد جديد وجاد في مكافحة الفساد المالي والإداري في كل أجهزة الدولة المختلفة.. ولنصل إلى قناعة واحدة بأن علينا أولا فرض هيبة القانون واللوائح المنظمة لعمل تلك

المؤسسات والأجهزة الحكومية وأن نستأصل الفساد القاعدي بمعنى الفساد العرضي وهو الفساد الذي يحدث عند قاعدة الهرم الحكومي من قبل صغار الموظفين كحالات الاختلاس على نطاق

محدود أو الرشاوى أو الإخلال بواجبات الوظيفة العامة من تهرب عن الدوام والتباطؤ في إنجاز المعاملات وتقديم الخدمة للمواطن إلا بمقابل مادي ترقية الموظف أو إبقاؤه في درجته الوظيفية

بدون معايير إدارية ووظيفية دقيقة استغلال الأجهزة والأدوات العامة للأغراض الخاصة وتحقيق مكاسب خاصة التأخر عن الدوام والخروج منه أثناء وقته وبدون موافقة المسئولين المباشرين

عليه.. وما إلى ذلك ويعتبر الفساد العرضي أكثر ضررا من الفساد الرأسي الذي يكمن للقضاء عليه طبعا تطبيق وإنفاذ قانون التدوير الوظيفي ولكن الفساد القاعدي يحتاج إلى مشروع وبرنامج

وطني شامل وجهود كبيرة لتطبيق مبدأ الثواب والعقاب حتى نتمكن من القضاء على ظاهرة الفساد الإداري العرضي أولا.
لا شك بأن الجميع أصبح يدرك خطورة الفساد والجميع يتحدث بجرأة عن الفساد والمفسدين وكما شبهه جون سيليفان «المدير التنفيذي لمركز المشروعات الدولية الخاصة «CIPE» بأن الفساد

أشبه ما يكون بالطقس وحين وصفه مارك توين قائلا «الجميع يتحدث عن الفساد ولكن لا يوجد من يمكن أن يفعل به شيئا» وبالتالي فجميعنا يتحدث منذ سنوات طويلة عن الفساد والمفسدين

وكأنهم لا يرون بالعين المجردة ولا يعرف أحدهم انتماءاتهم وجذورهم ومصادر القوة لهم فسارعت الدولة إلى إنشاء الهيئة الوطنية العليا لمحاربة الفساد بهدف محاربة ومحاسبة ومحاكمة

الفاسدين واسترداد الأموال العامة المنهوبة نتيجة ذلك الفساد ولكننا جميعنا نسمع طحنا ولا نرى طحينا وفي الحقيقة التي لا يستطيع نكرانها أحد بأن الفساد في بلادنا أصبح ذا قوة ونفوذ

وسلطة فهو فساد منظم ومدروس ومعروف المعالم والشخوص فهو فساد قاعدي رأسي شامل وبالتالي فالقضاء عليه ومحاربته يحتاج لنوايا صادقة عازمة ومؤمنة وصادقة مع الله وحينها فقط

استطيع القول عظم الله أجر الفاسدين والمفسدين في الوطن الحبيب والغالي والذي انهكته الصراعات السياسية وا

قد يعجبك ايضا