مهيوب الكمالي 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

مشاهد يومية
مهيوب الكمالي

عبد الرحمن بجاش

كلما دخلت إلى الزملاء في إدارة الأخبار عصرا لا بد لي أن أنظر إلى لوحة الإعلانات هناك تسكن صورة زميلنا المرحوم مهيوب الكمالي ففي 30-1   2011م ظهر ذلك اليوم فجعنا بمغادرة زميلنا لهذا العالم والكمالي كان مديرا للأخبار من ذلك النوع الذي يبدأ عملا لا يمكن أن يتركه إلا بعد أن ينجزه بهدوء لا تكاد تسمع له صوتا إلا حين يحدث خطأ ما في نشر خبر أو تأخر نشره الشيء الوحيد الذي لا تسمع حتى حفيف الزرع في صوته حين يفترض أن يطالب بحقوقه ترى السنين تمر وحقه لم يصل إليه تراه لا يكل ولا يمل عملا متواصلا يغرق فيه حتى الثمالة لذلك كنت ترانا جميعا نحترمه ونجله ولم نكن نعلم أن الرجل يعاني كالعادة نلهث لا ندري حتى أن السراب أمامنا المهم نلهث ونقنع أنفسنا بأن ثمة شيئا نحاول اللحاق به المستقبل مثلا .. لا .. بل هو السراب !! لا يوجد ثمة أحد يتحدث عن المستقبل هنا ترى شعارنا يومك عيدك اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب ما بدى بدينا عليه كل شيء يخطر على البال يمكن إلا أمر الغد !!!.

قيل لريجان الرئيس الأمريكي الأسبق بعد أن ترك البيت الأبيض: الآن أفل نجمك !! قال: لا يأفل نجم أحد هنا هذه أمريكا يخلق كل صباح حلم جديد !! أتخيل لو أن الله رب العباد أطال في عمر زميلنا مهيوب ستكون الصورة هكذا إنسان في شكل هيكل يلتصق بالكرسي ليس تمسكا به فكرسي الأخبار لا يغري بل حبا وانتحارا في العمل هكذا نحر الكمالي نفسه في محراب الكلمة التي ذهبت هي الأخرى معه مودعة ولم تعد !!! حين يكون الحديث عن التقدير في هذه البلاد فترى الجميع لا علاقة لهم به ولا يطلبونه ولا أحد سيأتي به إلى أي أحد ويلبسه درعا على سبيل المثال !! إذ أن التقدير وهب كهبات لمن لا يستحقه ومن أمثال الكمالي وآخرين كثر _ خذ عبد الحليم مثلا _ لا أحد فكر في أن يقول له شكرا على ما بذلت خذ الأستاذ الزرقة حتى يوم وفاته لا أحد يتذكره حتى مجرد صورة على جدار فقط ليعرف القادمون شكله بسبب لهاثنا وراء السراب بسبب ملاحقتنا للريح التي تحمل الغبار إلى العيون تكورنا كل منا كومة من شكوك وظنون لا وجود لها إلا في ذهن من صنعها يحاول بها كسر إرادة الحياة القائمة على التقدير أين أنبل رؤساء التحرير الأستاذ الزبيدي¿ أين اسم عبد الله الشرفي ¿ أين المساح حتى وإن كان يناضل في المساحة التي توفر له جزءا من لقمة الكرامة¿¿!! أين عبد الله الشهاري يلهث حتى رأس السلم يصل إليك يبحث عن ريالات ثلاثة يشتري بها دواء للقلب وأي قلب كان قلبه يحمل كل متاعب الدنيا !!! أين صورة حسين جباره أنبل من عرفنا وتعاملنا وتزاملنا ¿¿¿ أين اسم الجبري الذي بدأ يوزع (الثورة) بالحمار حتى السيكل البيدل ¿¿¿!!! أين اسم محمد الشيخ ¿ أين اللوحة الذهبية تحمل أسماء المشرقي ورؤوفة والسندي وسري عبد الكريم ذلك السوداني الرائع أين اليازلي وعبد الجليل عنوان النزاهة والاستقامة¿!! أين صورة الحسوسة¿ وشرف ¿ والكميم وعلي حسن وأمل اللوزي¿ وعلي العمراني ويحيى الشوكاني وحسن العلفي المنسيين أطال الله في عمريهما¿ أين أين أين ¿¿¿ لماذا يراد لنا أن نظهر جاحدين¿ هل لكي يأتي من بعدنا ويجحدنا حقنا في مجرد أن نظل في ذاكرة من سيأتون !! . كان زميلنا المرحوم الجميل النفس واللسان مهيوب مهنيا قديرا محترما يعمل حتى ساعات الليل المتأخرة ليغادر الصحيفة راجلا ترعبه كل ليلة جحافل الكلاب قرب حارته النائية ولم يكن يشكو القهر إلا حين يدخل فينظر يمينا وشمالا فلا يجد أحدا عندي فيصرخ في وجهي ويقولها: أنت من يجب أن تتحملنا فأرد راضيا بذلك التقدير ولأنه مهني في الأخبار فقد عدت من الرياض وكنت أبعث إليه بالأخبار قال لي : أخبارك مهنية عالية فأحسست برأسي ترتفع إلى السماء والله الذي رفع السماء بلا عمد كلما أتذكره وأتذكر تقديره ألعن اللحظة بل واللحظات التي فيها ظلم الكمالي ولم يدر به أحد إلا في لحظة صحو حين جاء الخبر اليقين أن الكمالي مات ففجعنا رحم الله الزميل النبيل.

bajash22@gmail.com

قد يعجبك ايضا