مشاهد يومية.. هل يجوز¿¿¿ 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

 

عبدالرحمن بجاش

{ سأبدأ بالسؤال : ماذا لو وصل شاب إلى مستشفى عيادة مركز مستوصف وقد أصيب بطعنة في بطنه ولا بد من إجراء عملية سريعة تنقذ حياته فاستقبله قسم الطوارئ والطبيب المختص الذي أمر بإدخاله فورا إلى غرفة العمليات في نفس اللحظة التي قدöم فيها أحدهم وهمس في أذنه : لا يشرفك يا دكتور أن تجري له العملية فقد أصيب في معركة حين كان وأقرانه في الشارع يطاردون إحدى الفتيات.

ما رأيكم لو طلعت «الشهامة» و«المبدئية» عند صاحبنا وأعلنها صريحة فيما كان نفر من الناس خارج المستشفى يرددون الهتاف : هذا بلا أخلاق ماذا لو قال الطبيب : لا يشرفني أن أجري له العملية¿ هل يكون الطبيب على حق¿ أترك الإجابة أو التعليق لكم.

في الحديدة ارتكب شاب جريمة بكل المقاييس كانت بشعة وأي عقل أو ضمير أو… أو… لا يطيق حتى مجرد الإشارة إليها لكن هل علينا ونحن مقتنعون ببشاعة ما حدث وأن الشاب يستحق العقاب أن نصدر نحن حكمنا عليه وننفذه – أيضا – تحت وطأة ضغط الرأي العام¿! في هذه أقول : لا لا لا وإلا لماذا وجد قاض وقضاة وشرع وقانون وقبلهم «ولكمú فöي الúقöصاصö حياة يا أوúلöي الألúبابö» الشرع والقانون كل يقول : «المتهم بريء حتى تثبت إدانته» وليس من حق أحد فردا أو جماعة صحفيا أو صحيفة أن يطلق عليه صفة «المجرم» إلا بعد أن يدان قطعا وإلا فيظل – والأمر كذلك – متهما برغم أن أحدا منا يكون – مثلا – قد شاهد الجريمة.

في بلاد «النصارى» حين يقبضون على السفاح وليس القاتل – وهنا بعض صحافتنا لا تفرق بين السفاح والقاتل – لحظة القبض عليه تجد الشرطة تقول له : من حقك أن تصمت وما يصدر عنك قد يحسب عليك وتراه يلفظ : أريد محاميا وهو قد ارتكب كل موبقات الدنيا إذ ليس بالضرورة أن يكون قد قتل بيده فلانا أو علانا بل بالمخدرات التي يبيعها فيكون قد قتل ملايين وبأبشع صور القتل لكن القانون قانون حتى لو خرج الشعب كله في مظاهرات فلا يمكن لأحد أن يمسه بسوء إلا تنفيذ حكم القاضي.

وفي بلدان «كافرة» كثيرة يمنعون حتى التقاط الصورة «للمتهم» احتراما لآدميته ولأن لديه أسرة وتلك الأسرة يكفيها ما أصابها من أضرار معنوية وإسلامنا العظيم قرآننا العظيم يقول : «ولا تزöر وازöرة وöزúر أخúرى» في لحظة ننسى كل شيء فمعظمنا يشير بإصبعه حتى إلى صغار الأسرة في المدارس : «أولاد إخوان أقارب القاتل» وذلك لا يجوز.

الآن نأتي إلى بيت القصيد أو العصيد لا فرق في حالتنا هنا ففي الحديدة – وقد تابعت الأمر تفصيلا – فوجئت بأن المحامين كبارهم وصغارهم قالوها : لا يشرفنا الدفاع عن المتهم هل على ذلك الطبيب – أيضا – أن يقولها كما أشرت آنفا : لا يشرفني إجراء العملية للشاب¿

للأسف الشديد كثير من المحامين يحسبونها سياسة لا يدرك معظمهم أن المحامي والصحفي وجهان لمهنة ومهمة واحدة «البحث عن الحقيقة» فأن يأتي محام ويقول : لا يشرفني فهي مصيبة بينما معظمهم يقبل أن يترافع في قضايا إذا أخذناها بنفس المعايير فهي حقيرة حتى العظم مع ذلك نقول : المتهم بريء حتى تثبت إدانته لكن لأن قضايا كثيرة لا تتحول إلى قضايا رأي عام فلا أحد يدري ماذا يحدث¿

للأسف معظم صحافتنا مثل قضية السوداني كانت عينها على السوق فبررت لنفسها أن تؤلف كيفما يشاء القائمون عليها!! فمنú يحاسبها¿ وحين يحاسبها هل سيقول أي محام : لا يشرفني¿ باعتبارها قد أضرت بكرامة الآخرين.

كل الأسئلة وغيرها مما يمكن استخراجه من هذا العمود على نقابة المحامين أن تقول رأيها لأهمية الأمر فمن حق المتهم أي متهم وفي أي جريمة أن يكون له محاميه وليس من حق أي محام أن يقول : لا يشرفني أنا أفهم أن أي محام يمكنه القول في قضايا أخرى : لن أمسك القضية بعد اطلاعه على ملفها فقد حسب أنه سيخسرها ففضل أن لا يقبلها أفهم هذا ويحدث فيقبلها محام آخر لكن الموقف الجماعي تجاه قضية معينة غير مقبول «كجريمة» الحديدة.

وفي قضايا لا يوافق أي محام على أن يدافع فيها عن فلان أو علان من المتهمين لسبب أو لآخر فتعمل المحكمة على أن تنصب محاميا كأن يرفض المتهم توكيل محام بل وصل الأمر إلى أن بعض المتهمين يتحملون أوزار قضايا كثيرة وكبيرة فيدرك القاضي بنباهته أن صاحبنا يريد أن يحمل بالنيابة عن آخرين ولما كان القضاء ميزان عدل والنيابة تمثل المجتمع والشرطة أداة القانون فلا يقتنعون بل يظلون يبحثون عن الخيوط حتى يصلوا إليها ولو بعد سنين وكم قضية كشف سرها بعد عشرات السنين وظهر أن منú في السجن مظلوم إما لأنه ظلم نفسه متعمدا أو لأن جهاز القضاء لم يكلف نفسه عناء البحث

قد يعجبك ايضا