تأملات ..المؤتمر الوطني للمياه.. الأهمية من أجل الحياة 

محمد عبدالماجد العريقي


محمد عبدالماجد العريقي

محمد العريقي
 
من السهل جدا الأخذ والرد في الأمور السياسية وفي الجوانب الفكرية الأخرى والتوصل إلى حلول واتفاق في الرؤى بشأنها لكن من الصعب جدا أن نعالج قضايا ونواجه مشاكل تتطلب منا إجراءات سلوكية وعملية ومادية محددة وواضحة لا تحتمل التباينات خاصة إذا كانت تأثيراتها تطال كل شخص.. خاصة إذا كانت هذه القضية متعلقة بوجود وبقاء الإنسان وهي قضية المياه.. التي لا ترتقي إلى مشكلة أخرى تواجه الإنسان إلى مستواها من حيث الأهمية.
في السياسة والقضايا الفكرية والثقافية يتناقش الناس ويختلفون وبالأخير يتفقون على حلول توفيقية ترضي مختلف التوجهات.
لكن في قضية المياه.. نحن نبحث عن البقاء والحياة.. وعنصر المياه هو الذي يوفر كل ذلك .. إذا نحن نحتاج للماء.. كي نشرب ونأكل ونضمن الصحة والعافية والتنمية.
من هنا أقول أن “المؤتمر الوطني لإدارة وتنمية الموارد المائية في اليمن” الذي يبدأ أعماله يوم غد السبت وينظمه مركز سبأ للدراسات الاستراتيجية ووزارتا المياه والبيئة والزراعة والري والصندوق الاجتماعي للتنمية بالاشتراك مع التعاون الألماني للتنمية وجهات مانحة أخرى يكتسب أهميته من طبيعة القضية التي ستطرح في المؤتمر وهي قضية المياه.
وأنا أرى في الحشد الكبير والتعدد والتنوع ومن مختلف التخصصات والمسؤولية والمنظمات هو دليل وتأكيد أن موضوع المياه لا يرتبط بجهة معينة في أي مكان بل هي قضية مجتمعية فالماء عنصر حياة ونماء وتنمية فكل شخص وكل كائن وكل نشاط هو مستخدم ومستهلك ولذلك هو مسئول عن حياته “سلبا وإيجابا” في اليمن هل يحق لنا أن نجعل المياه في سلم اهتماماتنا كأفراد وكحكومة وكمؤسسات اجتماعية¿.
اعتقد أن من سيقرأ هذا السؤال سيتهمني بقصر النظر لطرحي مثل هذا التساؤل لأن الإجابة يعرفها ويدركها ويلمسها كل شخص.. نعم يجب أن تكون الأول دون منازع.
فإذا كان في بلادنا أزمة طاقة مثلا.. فلا يستدعي عقد مؤتمر وطني وحشد كل الجهات لمناقشة هذه القضية فعجز الطاقة الكهربائية يحل بشراء وتركيب محطات توليد جديدة المهم توفر الأموال وكذلك في الأمور الأخرى.
لكن في قضية المياه.. ماذا نعمل هل نستورد أنهارا ونغير المناخ والطقس (استغفر الله العظيم) هل نحل المشكلة بشراء محطات تحلية كما يعتقد البعض إذا كان ذلك ممكنا لسد حاجة الشرب في المناطق الساحلية وبأموال طائلة فماذا عن المدن في الهضاب والمرتفعات والصحاري وهل يمكن توفير ذلك لأكثر من مائة ألف تجمع سكاني.
وإذا أمنا الاحتياج للشرب فماذا عن الغذاء.. كيف نأكل من أرض لا تزرع لأنها لم تحصل على المياه.. وكيف نبني ونصنع ونجعل الحياة تسير بصورة طبيعية¿.
قد لايعجب البعض مثل هذا الكلام.. ويعتبره قفزا على قدرة الله الذي أوجد الإنسان وكفل حياته.. أقول بالعكس أن التحكم والتدبير والتعامل مع وضعنا المائي بحكمة وتعقل هو الذي يرضي الله سبحانه وتعالى فالتدبير وحسن الإدارة هي من أخلاقيات ومستوجبات ديننا الإسلامي.
والتدبير والتدبر بالنسبة لموضوع المياه في بلادنا له من الدوافع والمشاهد والأسباب.
فشحة المياه أصبحت ملموسة وتأثيرها مقلق والأزمة لا تحتاج إلى عبقرية لرصد مظاهرها فاليمن تفتقر إلى الأنهار وليس فيها بحيرات ولا تتساقط فيها الثلوج ومستوى هطول الأمطار في تذبذب وقدراتنا المادية والمالية على التحلية لا ترتقي أن تحل المشكلة بهذه الوسيلة والمقلق أن الكثير من احتياجاتنا للمياه الذي نستخدمه حاليا هو من المخزون الجوفي الذي تكون على مدار ملايين السنين والمخزون بدأ ينفد في العديد من الأحواض والقلق المزدوج هو على المياه للشرب والمياه للزراعة لتأمين الغذاء.
إذا نحن أمام قضية خطيرة تستدعي الوقوف بصدق ومسئولية.. وهذا ما نرجو أن يلمس في المؤتمر الوطني للمياه لتصبح المياه قضية سلوك وممارسة تخفف من وطأة الأزمة.