مشاهد يومية.. شöهابú يعيد الاعتبار للقلم البöلúسöن!!
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش
{ في معلامة القرية كنا نكتب الآيات التي يحددها الفقيه محمد طربوش على اللوح الخشبي الذي «نمúحöيúه» بالماء أولا ثم نتركه يجف ونطليه بـ «لقطاط» ونأتي بـ «الدواة» التي يكون كل منا قد اختارها إما علبة فارغة من الحبر الإنجليزي أو عبوة صلصة فارغة كنا نسميها «الزماطة» ومن «السابöلة» التي نكشطها من الجدران السوداء حوúل «الصعúدú» نخúلöط بالماء «حöبرنا».. ونكتب ما تيسر من آيات القرآن الكريم على اللوح المحفوظ أما القلم فمن شجرة «الجرöعú» نظل نكشطه بسكين صدئة ثم نكوöن رأسه «السöنةú» ونغمسه في الدواة ونكتب.
كانت تلك أجمل أيام العمر بل هي لحظات لا تنسى حين ترى نفسك ويدك تسير مرتعشة أولا شيئا فشيئا تمشي ليظهر خطك فتفرح لك القرية أنك صاحب قلم ولوح!!
وعندما انتقلنا إلى المدينة والتحقنا بالمدارس لأول مرة شاهدنا ولمسنا «الأبواك» ولأول مرة نرى القلم «البöلúسöنú» ولأوة مرة مسكت بيدي بمدرسة الثورة «الأحمدية» بالقلم وأكتب على «البوك» ويشجعني والدي بقوة على أن يكون خطي جميلا مثل خطه الذي تعلمه عند القاضي العظيم حزام عون ظللنا طويلا نتملى في القلم البلسن من الخشب ذي اللون الواحد.
أما حين أتى ذو الخطوط وفي أسفله المساحة فكان ذلك فتحا عظيما ومن عبدالجبار بجانب مدرسة «ناصر» بتعز طالما اشتريت ورفيق البدايات الأولى علي الزعيم «القشاطات» و«المساحات» من الصندقة الصغيرة وكم أحس الواحد منا بالمتعة التي لا تجاريها متعة وهو «يقشط» «البلسن» بـ «المقشطة» لتأتي مرحلة أخرى كان عنوانها القلم «الكوبي» أما حين أتى صاحب دار القلم بـ «الكوبي» ذي الألوان الخمسة فكان حديث المدينة.. فمرحلة «الباركر» و«الفيسبن» ثم «الشفر» أبو نقطة بيضاء علامة مميزة ورحم الله ثابت عبدالجليل.
وكم تفاخر الناس بالباركر تحديدا ليغيب القلم «البöلúسöن» من الأيدي إلا من أيدي المهندسين ومن خلف آذان النجارين.
زمن البلسن الجميل يعيده اللحظة إلى الواجهة شهاب المقرمي ويعيد له اعتباره من خلال كتاب سماه باقتدار «وجوه رصاصية» وليذكرنا أن الجميع استبدلوا تسمية البلسن بـ «الرصاص» أعاد هذا المبدع الذي أبدع بين ظهرانينا ولم نأخذ بالنا منه – للأسف – أعاد الاعتبار لقلم البدايات في عمل نقل من خلاله ملامح كثيرة لوجوه خيرة ووجوه سكن الشر داخل جوانحها فدمرت ما حولها وخيرين منحوا الخير مساحات فسيحة في الحياة.
جال بقلمه «الرصاص» أو «البلسن» كما يحلو لي أن أسميه ليس هذا الوطن والكون كله من خلال وجوه أثرت وأثرت أعطت بلا حدود وبعضها أخذ بلا حدود ترك بعضها أثرا جميلا في الحياة وشيع بعضها بلعنات الكون كما هو حال «هتلر».
أسماء وجوه وذاكرة جمعت الشامي بالمغربي لكنها الوجوه التي هي جزء من حياة أشمل وأكمل.
كنت أرى وبدون اهتمام اسم شهاب على رسمات لوجوه على صفحات «الصحوة» بمنتهى الصدق لم أعر الأمر اهتمامي أو لم أتنبه أو أنتبه.. حتى أتت الحلقة الأولى والثانية من «النصف الآخر» في «السياسية» لاحظت لعبدالرحمن بجاش وجها آخر وجها حقيقيا أدركت لحظتها أن اللون يمكن أن يكون الهدف منه تجميل القبيح.. ربما.. أدركت لحظتها أن القلم الرصاص يخوض في الأعماق أكثر من اللون بل هو الأصدق تعبيرا فلأول مرة أرى الضوء والظلال في وجهي قرأت في وجهي أشياء كثيرة حين استلمت اللوحة الأصلية ولأول مرة أحس أنني قريب من نفسي.. على الأقل بدأت بالاطلاع على العناوين الرئيسية في هذا الوجه المخربش بالجدري انعكاس الروح على ملامح الوجه.
لأول مرة أدركت أن الرسم بالقلم الرصاص فن قائم بذاته.. للأسف الشديد هذا مغيب في حياتنا الفنية ففي التشكيل لم أر لخطوط النفوس بمختلف تعاريجها أي أثر.. صرت من اللحظة متعصبا للقلم الرصاص وله كريشة بيد المقرمي شهاب هذا القلم الفقير من كل شيء إلا من الفن والعمق في قراءة النفوس..
زحمة وجوه.. بعضها ظالم.. بعضها فنان.. بعضها متلون.. بعضها وجوه جدران.. بعضها وجوه تقول أشياء وأشياء.. في كتاب المقرمي الحياة كلها.. بسهولها.. هضابها.. وديانها وخضرتها أيضا.. وأمواج بحار النفوس التي لا تهدأ.. وصخورها أيضا..
لا أزال مندهشا اندهاشة أو دهشة – أو فلسفها كما تريد – اللحظة الأولى.. ولذلك فهذه الأسطر والكلمات ليست كل الانطباع.. ليس كل اللآلئ التي سأطلع بها بعد غوص طويل في هذه الوجوه إذ كيف يمكن لك أن تقرأ سريعا وجه تشرشل بجانبه هتلر بجانبه أحمد ياسين.. بجانبه صدام.. على رأسهم جمال عبدالناصر صاحب الوجه الذي تقرأه ولأول وهلة تلحظ ابتسامته فتقرأ عمقه الطفل سريعا.
كل المقالات.. و