مشاهد يومية.. باكثير الآخر¿¿
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش
{ ديوان علي أحمد باكثير «سحر عدن وفخر اليمن» أهدانيه الزميل المصور فؤاد الحرازي لأبدأ بتصفحه بنفس اللحظة ومن لحظة أن بدأت بالصفحة الأولى لم أتوقف إلا في نهاية أجمل مقدمة لديوان يقيöم قصائده نقاد الشعر ومجيدوه وآخرهم متذوقوه.
الدكتور محمد أبو بكر حميد كتب مقدمة في حد ذاتها كتاب صغير – إن صح التعبير – فقد أجاد الرجل أيما إجادة وقدم باكثير خير تقديم وهو ما كان يجهله كثيرون فأجيال متعاقبة ظلت لسنوات وإلى اللحظة تربط باكثير على أنه – فقط – «وا إسلاماه» وأنه عاش في مصر أما لماذا وكيف ومتى¿ و ما أنجز في مصر وقبلها فلم يكن – ولا يزال – كثيرون لا يعرفون ولا يعلمون عنه شيئا.
وللأجيال الجديدة فـ «باكثير» لم يولد في حضرموت بل في إندونيسيا حسب المقدمة ولد في «أقصى الشرق» بمدينة سورابايا بإندونيسيا في 19 ذي الحجة – 21 ديسمبر 1910م والده المحسن الكبير الشيخ أحمد محمد باكثير (1275 – 1925م) وقد هاجر إلى إندونيسيا مع منú هاجر من حضرموت وفي سن العاشرة أعاده إلى الموطن الأصلي – وهي على كل حال عادة حضرمية حيث الحضارم جميعهم تقريبا يعيدون أولادهم إلى مساقط رؤوسهم ليتشربوا العقيدة أولا من منابعها ويرتبطون بالمكان – وفي سيئون أكمل تعليمه على يد عمه العلامة الشيخ محمد بن محمد باكثير فأظهر – كما تقول مقدمة الدكتور حميد – نبوغا في استيعاب علوم النحو والصرف والعروض وفهم المتون وميلا قويا نحو الأدب والشعر حيث بدأ ينظم الشعر وهو في سن الثالثة عشرة من عمره.
بما يتعلق بالشعر والديوان فقد قسم الدكتور حميد – وهو منú حقق أيضا ولم يقتصر جهده على المقدمة فقط – قسمه وقسم حياته إلى المرحلة الحضرمية والعدنية والحجازية والمصرية وفي كل منها كان باكثير حاضرا بشعره الذي لم يصدره في دواوين ولم يذكر من الآخرين بالتالي على أنه إضافة إلى كونه كاتبا ومسرحيا فقد كان – رحمه الله – شاعرا.
في حضرموت جادت قريحته بقصائد المرحلة الحضرمية التي كان مرتكزها حبه لـ «نور» وبكاؤه عليها وحنينه إليها بعد أن توفيت فلم تسعه الأرض بما رحبت ولم تكفه كل مكتبات سيئون وغيرها ليدفن حزنه فيها وإن أنجبت له خديجة التي أسماها امتنانا وشكرا لخالته التي رعته خير رعاية فكان لها من الشاكرين.
لم تهدأ آلامه ويسكن إلى حنينه إلا حين ذهب إلى عدن وكانت – ربما – أهم المراحل في حياته فيها وجد منú يربت على ظهره ويرعاه ويحس به صديقه في ما بعد وإلى أن توفي كان محمد علي لقمان أبو عدن من احتوى باكثير وظل باكثير يحن لعدن ومحمد علي لقمان برغم أنه لم يقضö فيها سوى عشرة أشهر لكنها أهم مراحل حياته وفي عدن كان له الصديق الآخر – حسب تحقيق وتقديم الدكتور حميد – وعدن هي «التي أثمرت قصائد هذا الديوان (سحر عدن وفخر اليمن)» عمر محمد محيرز وأحمد محمد سعيد الأصنج ومن عدن التي ترك فيها روحه وقلبه ذهب إلى الحجاز وهنا أسماها المحقق المرحلة الحجازية وفيها كان لـ «باكثير» جهده في مناصرة الملك عبدالعزيز فقد نظر إليه على أنه «موحد الجزيرة العربية» وهو – كما أشار إليه – «أول مشروع لوحدة عربية» ومنها دعا إلى وحدة بين اليمن والسعودية ومن الحجاز توجه إلى مصر في العام 1934م وفيها عاش وفيها كانت له صداقات مع أقلام ذلك الزمن من شعراء وأدباء وفنانين وكل ألوان طيف الإبداع.
وفي مصر تعرف على أبي الأحرار محمد محمود الزبيري والأستاذ النعمان وهما – كما رأى – امتداد لصديقه محمد علي لقمان وفيها كتب نشيد «اليمن الخضراء» للأحرار :
«اليمن الخضراء أمنا
أكرم بأمنا اليمن
والثورة البيضاء همنا
على عواتي الزمن»
ويفرح لقيام ثورة سبتمبر بقصيدة «ابتسمي للحياة صنعاء» :
«انزاح عنك البلاء والداء
فابتسمي للحياة صنعاء
ابتسمي للحياة إن لها
حقا أبثه عليك أرزاء»
وينشر للاستقلال «فيكتب مقطوعة (تحية للجنوب المستقل)» ثم يكتب نشيد «يا دولة الجنوب» :
«يا دولة الجنوب
يا بلسم الجراح
في ظلمة الخطوب
أشرقت كالصباح»
ويكتب للوحدة :
«عيشي مع اليمن
في إدارة الشرق
والوحدة الثمن
السؤدد الهدف
لواؤك الجديد
يمن على العرب
فاليمن السعيد
ميلاده اقترب»
أما الإهداء فقد وجهه باكثير وبخط يده «إلى روح لا أسميها لحقت بباريها وتركتني أرثيها وأبكيها في آلام أعانيها وهموم أقاسيها والقوة من اليأس أتردى فيها وإلى صديقي الحميم الكاتب العظيم الأستاذ