قانون (أقل الجهد)
عبدالله حزام
عبدالله حزام
يطبق بعض الموظفين في شهر رمضان قانون (أقل الجهد) فتتناقص ساعات دوامهم الرسمي إلى الحدود الدنيا بالرغم من أن ساعات العمل قد خفضت من ثمان إلى خمس (بفرمان ) وزارة الخدمة المدنية ومع ذلك تذهب حتى تلك الساعات القليلة إلى رصيد نوم أولئك الموظفين النائمين في العسل ولا يسعنا الا أن نقول لهم:نوم مبارك.
واقع تلتقطه عيون المعاملين عند زيارة بعض المرافق الحكومية أوقات الدوام الرسمي التي تجد بعض موظفيها صائمين عن العمل ..تنتابهم حالة من الكسل تهدر الوقت وتضعف الإنتاجية وتعطل مصالح عباد الله..وصدقت حجة من قال :عش رجبا ترى عجبا!!
لقد سألت الله اللـطف وطول البال بعد قراءة خبر يقول: إن إنتاجية الموظفين تصل إلى أدنى معدلاتها في الشهر الكريم وبعض الموظفين يتدنى إنتاجهم إلى 75 دقيقة فقط في اليوم خلال شهر رمضان وفي مقابل هذا التدني الإنتاجي تتضاعف معدلات الاستهلاك..
النتيجة إذا عجز محقق في ميزانية هؤلاء الموظفين لايطال طبعا أساطية المكافآت خصوصا من (غرامة ) الشئون المالية والحسابات الذين يندر دوام بعضهم ويستحقون شهادة (ايزو) في ابتكار مسميات للمكافآت وبدل التغذية والمواصلات بعمل وبدون عمل وحتى في رمضان شهر التوبة والغفران!!
لا أخفيكم أننا أمام حالة تكاذب متواتر بين جميع المقصرين خصوصا عندما نجد من يقول: إن تباطؤ الموظفين في أداء مهامهم في شهر رمضان سببه حالة نفسية تصيب الصائمين وتوحي لهم بأنهم مرهقون فيشعرون بعدم قدرتهم الوقوف على أقدامهم.. وهذا الرأي الذي “لم تصقله المشورة” منسوب لصائم “لاهوبنائم ولاهوبصاحي” بدليل تناسيه وجود كراسي دوارة يتعامل معها بعض أولئك المقصرين ممن ألهمهم الله للدوام كمرجيحات في أسوأ استغلال عرفه التاريخ للوظيفة العامة في العصر الحديث!.
أما أنا لوسألتوني وأنا أرى الأمور تسير على هذا النحو الدراماتيكي سأقول إن تخفيض ساعات الدوام الرسمي خلال الشهر الكريم أعطى إيحاء للموظفين بأن العمل لا يحتاج أصلا إلى وقت طويل والأسوأ عدم اهتمام الجهات المعنية لتغيير مواعيد العمل في رمضان وتجاهلها التفكير في كيفية رفع إنتاجية العاملين أو على الأقل الحفاظ على معدلات الإنتاجية المعتادة..
ولا سامح الله من أعطى الفرصة لبعض شياطين رمضان المصفدة أصلا بالخروج من الحبس واللبوث في عقول بعض الموظفين الذين أظن أنهم لم يسمعوا بأغنية فيروزالتي تقول: /حبيتك تنسيت النوم يا خوفي تنساني /حابسني براة النوم وتاركني سهراني/علهم يقلعون عن النوم الذي يستكثرون منه..
وبحسبة والد الاقتصاد الحديث (أدم اسميث) فإن شهر رمضان يمثل نسبة 8.2% من عدد أيام السنة أي أن الإنتاجية الكلية للمنشأة سوف تتقلص بنسبة منخفضة تبلغ تقريبا 2.5% سنويا على مستوى القطاع الخاص وحوالي 3.5% على مستوى الحكومة.. وهذه النسب – مبنية على اعتبار أن الموظف منتج خلال الساعات التي يقضيها في العمل لكن الإنتاجية تتماهى إلى (الزيرو) لأن الموظف في خبركان وقطعه عذر متابعة باب الحارة وزهرة وأزواجها الخمسة وليلى والقعقاع وهلم جرا والمحصلة سهر وإرهاق وتعب .. والسلام نظر للوظيفة..!.
> وهكذا سنخسر إذا- ما-(تركنا الحبل على الغارب) لشياطين رمضان التي لاتكمن في التفاصيل فقط بل وفي كراسي وأدراج الوظيفة العامة!.
لذا الحاضر يعلم الغائب أننا على سلم مواجهة مع الكسل الإنتاجي في الوظيفة العامةوالمطلوب قنطار علاج لايبدأ فقط من محاريب الدعاة الذين يغيب دورهم في الدعوة إلى حسنة “العمل عبادة” وحصرالشهر الكريم في الشعائرالدينية فقط بل ومن مؤسسات العمل ذاتها من خلال الرقابة الصارمة على الأداء المشفوع بالتحفيز وتفعيل دور خبراء تطوير الذات وأيضا من وسائل الإعلام التي تمطرنا بوابل من سهام السياسة بدلا من إصلاح ذات البين بين الموظف ومقر عمله وبين تقاطعات مدمرة في حياتنا أن لا شأن لفن الممكن(السياسة)بها!
وإذا هناك من حسنة هذا العام على صعيد الدوام الرسمي فهي تطبيع وزارة التربية والتعليم والجامعات لعلاقتها مع تناولات الصحافة حين اعتمدت رمضان إجازة لأن الدراسة فيه اصلا “ضحك على الذقون”!
ولكي نحقق حسنة أخرى العام المقبل أتمنى لوتدرس -الخدمة المدنية – إمكانية ذهاب الموظفين إلى العمل في رمضان من الساعة السادسة صباحا حتى الواحدة ظهرا بدلا عن الساعة العاشرة صباحا التي يقول الأطباء أنه وقت متأخر وتكون معظم طاقة الصائم قد استنفدت قبل موعد العمل..
جربوها والتفتوا إلى قول الحكيم :”أقسو لكي أكون رحيما!!