العصار .. وجع الرحيل والتقصير!
معاذ الخميسي
معاذ الخميسي –
كعادتنا السيئة.. لا نتذكر مآثر ومحاسن وسجايا الطيبين ورجال الموقف والكلمة إلا بعد أن يغمضوا عيونهم ويمنحونا الوداع الأخير غير مأسوف علينا حين يغادرون في صمت رهيب ويتركوننا لهم الدنيا ومتاعبها وأحزانها وأحقادها وحسادها ولناكري المعروف كبارا وصغارا ..وصانعي البطولات الورقية ممن يأخذهم الجاه والسلطان والمال الحرام إلى أن يتسلطوا ويتجبروا ويستخدموا ” الأمراض المستعصية ” في دنيا ” اليوم لك وبكره عليك” غير مدركين أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ..وما أخطأك لم يكن ليصيبك ..وأن الأقدار لامفر منها!
ü أتساءل وأنا أسبق تساؤلي باعتراف صريح بأني أول المقصرين..من الذي زار الاستاذ الصحفي والأديب القامة والهامة اليمنية محمد عبدالاله العصار في مستشفى 48 وهو في غرفة العناية المركزة لأيام عديدة ..ومن الذي سأل عنه وماذا يحتاج وهل يتطلب إسعافه الى الخارج وماذا بالإمكان ان يقدم له في حالته المرضية الحرجة وأين كان أصحاب الحظوة في المؤتمر ممن وقف معهم العصار بنيات خالصة صافية من الأدران والمكاسب ..وصراعات من يسيطر ومن يتحكم.. وخلافات من ينهش في الآخر ومن يحد السكاكين إذا ماكان هناك ضحية وهو منهم وفيهم ..وماذا عن المواقف التي يريدها البعض ويسعى من أجلها متى ما أراد ..وإذا ما استغنى أو أصبح في غير ذي حاجة تبرأ وتخلص بل وتنكر !!
ü الاستاذ محمد العصار..عرفته نقيا صافيا محبا ومخلصا وصاحب فكر ورؤية وأبعاد ..يختزل أشياء كثيرة في ذهنه المتقد وقلبه المحب ويمتلك قلما مختلفا يكتب الكلمة والسطر والعبارة بأسلوب شيق ولذيذ ويتفنن في الوصول إلى مساحات واسعة من قلوب الناس بروائع كتاباته المؤثرة والصادقة ..وهو قبل أن يكون أستاذا وصحافيا بارزا ومميزا هو في الجانب الآخر إنسان يوزع البساطة المتناهية والتلقائية الشديدة اينما ذهب ..ويشعرك في أوقات كثيرة يحدثك فيها ويقترب منك أكثر أنه يلم بتفاصيل كثيرة عن حياتك المهنية ويريد لك الخير بل ويصل إلى مرحلة أن يفكر ويرسم لك لتصل إلى حال أفضل وهو يؤازرك بما يستطيع من كلمات وتحفيز وتشجيع ..في الوقت الذي لايمكن أن يطل عليك بشيء من معاناته أو ما يمر به من صعاب وما يشعر به من ظلم مقابل ما يمتلكه من قدرات وإمكانيات !!
ü بالطبع ..الاستاذ محمد غادر في موعده المحدد ..وتركنا نواجه الأحزان المتتالية ..حزن فراق من نحب ..ووداع من احتل بالود والقلم “أراضي” واسعة في قلوبنا..وليس من احتل بالقوة ” أراضي” عباد الله..!
ü ولأننا نجتر الألم ونشعر بالوجع ..وجع الرحيل والتقصير في وقت متأخر فليس بوسعنا إلا أن نترحم عليه ..ونسأل له المغفرة ..ولا ننساه من الدعوات..بعد أن نعترف بأنه ظلم إذا ما نظرنا إليه وإلى حياته المهنية من زاوية ” إبداعه ” ومن امتلاكه لقلم ” مميز” وفكر وموقف..وهنا فقط عند الموقف ..لي ولغيري أن نجتر آلاما كثيرة بعد ما تأكد لنا أن كثيرا ممن يملكون المال والسلطة ينظرون في أمر ” الموقف ” على أساس أنه واجب أو طاعة وربما فرض فينسفون المبدأ الذي هو الأساس والدافع ..ويخيل لهم في ظل ما يعيشونه أن من حولهم خلقوا لمحبتهم فقط..ومن هنا لابد أن نصل إلى حالات الفرجة والتنكر وربما البيع..لأنهم يعتبرون مصالحهم أكبر وأقوى وأهم ..بينما المطحونون من اصحاب المواقف والكلمة طززززززز فيهم ..لاينظرون إليهم ..ولا إلى استحقاقهم ..ولا يفكرون أن يحركوا في ذواتهم النوازع الإنسانية..تخيلوا حتى الإنسانية.. فص ملح وذاب..تبا لكم ولعقول تظنون بها أنكم أذكياء..!